اتخذ المسار الميداني في عفرين منحى معقداً في الأيام الأخيرة، في ظلّ تشابك أولويات الأطراف الموجودة في المنطقة الحدودية السورية مع تركيا وجوارها السوري. كما باتت لغماً يهدّد بتفجير علاقات دولية وإقليمية، من روسيا إلى الولايات المتحدة، مروراً بتركيا وإيران وسورية. وفي انتظار "ساعة الصفر" العسكرية، والمُنذرة بعمل عسكري للجيش التركي المستنفر ضد "قوات سورية الديمقراطية" في عفرين، بدا الحراك السياسي منقسماً بين داخل تركي يُصعّد ويحشد الجبهة، وخارج موزّع بين موسكو ودمشق وواشنطن لا يرغب بالمعركة الكبرى.
وفي سياق الاستنفار العسكري، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الجيش التركي مستنفر إلى درجة أن الوحدات القتالية الخاصة باتت شبه ممنوعة من تغيير لباسها"، بما يوحي وكأن الأمر قد يأتي في أي لحظة للهجوم على عفرين. وأضافت أن "من الخيارات المتداولة في الموضوع العسكري، هو عدم قيام الأتراك بهجومٍ بريّ، والاكتفاء بضربات جوية محددة". وعللت المصادر ذلك بـ"وجود عناصر الشرطة العسكرية الروسية في عفرين، ووجود قوات أميركية أيضاً"، في إشارة إلى أن أي تدخّل بري تركي قد يدفع للمواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة أو مع روسيا إن لم تأتِ العملية منسقة بالشكل اللازم. مع العلم أن رئيس الأركان التركي، الفريق الأول خلوصي آكار، ومدير الاستخبارات هاكان فيدان، زارا موسكو، أمس، والتقيا وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ورئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف. وبحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، فإن "الجانبين بحثا المسائل المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط وغيرها من المواضيع الملحّة ذات الاهتمام المشترك". وفُسّر وجود المسؤولين الأتراك وكأنه "محاولة لانتزاع موافقة روسية على عملية عسكرية تركية في عفرين". كما قُدّم اقتراح لأنقرة بـ"إبعاد عناصر حزب العمال الكردستاني من غير السوريين (تحديداً الأتراك)"، في سياق وقف أي عمل عسكري.
في غضون ذلك، استمرت تركيا في تحضيراتها الميدانية، مع إعلان الرئاسة التركية أن "الخطوات التي ستتخذها تركيا في عفرين، ومنبج، وجرابلس، أو في نقاط أخرى، لحماية أمنها القومي، ليست عملية موجّهة ضد أكراد سورية على الإطلاق". كما قال رئيس الوزراء بن علي يلدريم، خلال اجتماعه في العاصمة أنقرة مع مدراء الأمن في الولايات التركية، إنه "لن نسمح أبداً بتشكيل جيش إرهابي على حدودنا الجنوبية"، مشيراً إلى أنه "صدرت عن الإدارة الأميركية بيانات متناقضة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة". وأضاف أن "هذا يدل على الارتباك الذهني، إلا أن عزم تركيا واضح"، لافتاً إلى أن "ممارسات الولايات المتحدة في سورية، مخالفة ومناقضة لعلاقات التحالف، رغم أنها حليفتنا في الحلف الأطلسي، وينبغي على واشنطن أن تزيل التشوش حول مستقبل المنطقة، وتبدل موقفها لتصحيح علاقاتها مع تركيا". وكان المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، العقيد ريان ديلون، قال إن "واشنطن بصدد تشكيل قوة أمنية حدودية شمالي سورية، قوامها 30 ألف مسلح، بالتعاون مع قوات سورية الديمقراطية".
اقــرأ أيضاً
أما وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، فاعتبر أن "تصريحات نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، بشأن عدم رغبة بلديهما في اتخاذ خطوات تُزعج تركيا، لم تكن مقنعة"، حسبما جاء خلال مشاركته في برنامج على قناة "سي إن إن تورك"، أمس الخميس. وأضاف جاووش أوغلو أن "الولايات المتحدة قالت سابقاً إن علاقاتها مع تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي ستنتهي بعد هزيمة داعش في الرقة، وأنها ستتوقف عن تقديم الدعم للتنظيم، لكن ذلك لم يتحقق". وأوضح أن "ماتيس وتيلرسون أبلغاه بأن الإعلان المتعلق بإنشاء وحدات حدودية سورية، صدر عن بعض الصحف وبالتالي ينبغي عدم تصديقه، وأنه بدوره أبلغهما بأن الإعلان صدر عن بعض العسكريين وليس الصحف".
وأضاف أن "العملية التركية المرتقبة لن تتأجل بعد تصريحات مسؤولي الولايات المتحدة، وأنقرة لا تتمنى أن تكون حليفتها ضدها في هذا الصدد". وتطرق جاووش أوغلو إلى استعدادات تركيا العسكرية، معتبراً أن "هناك حاجة للتنسيق مع القوى الفاعلة الأخرى في سورية بشأن الغارات الجوية على مواقع تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي في عفرين". ولفت إلى أن بلاده "تجري في هذا الإطار مباحثات مع روسيا وإيران بشأن استخدام المجال الجوي خلال العملية المرتقبة".
من جهته، اعتبر وزير العدل التركي عبد الحميد غول، في حديث لتلفزيون "إن.تي.في"، أن "تصريحات تيلرسون مهمة لكن تركيا لا يمكن أن تقف بلا حراك في مواجهة تشكيل أي قوة من شأنها أن تهدد حدودها". وكان تيلرسون قد ذكر، مساء الأربعاء، أنه "ليست هناك نية لتشكيل قوة حرس حدود، وأنه التقى وزير الخارجية التركي في فانكوفر (كندا)، يوم الثلاثاء الماضي، لإيضاح هذه القضية". كما خرجت مؤشرات من واشنطن في الأيام الأخيرة بأنها لن تتدخل عسكرياً لحماية القوات الكردية في عفرين.
من جانبها، حذّرت حكومة النظام السوري، أمس، تركيا من شنّ عملية عسكرية في منطقة عفرين، وهددت بأن "دفاعاتها الجوية مستعدة للتصدي لمثل هذا الهجوم". وقال نائب وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إنه "في حال المبادرة إلى بدء أعمال قتالية في منطقة عفرين، فإن ذلك سيعتبر عملاً عدوانياً من قبل الجيش التركي". وأضاف "ننبه إلى أن قوات الدفاع الجوية السورية استعادت قوتها الكاملة وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في سماء الجمهورية العربية السورية، وهذا يعني أنه في حال اعتداء الطيران التركي على سورية فيجب عليه ألا يعتبر نفسه في نزهة".
اقــرأ أيضاً
ميدانياً، استمرّ التوتر المحدود في عفرين، مع تبادل النار بين الجيش التركي، الموجود في الجهة التركية من الحدود، وبين حزب "العمال" الكردستاني، الموجود في الجهة السورية من الحدود. وبحسب مصادر عسكرية، فإن "القوات التركية ردت بالمثل على مصادر النيران، وذلك في إطار حق الدفاع المشروع". وأطلقت القوات التركية 40 قذيفة مدفعية باتجاه مناطق باصوفان وجنديريس وراجو ومسكنلي التابعة لمدينة عفرين.
كما ارتفعت وتيرة الاشتباكات بين المعارضة السورية المسلحة و"وحدات حماية الشعب الكردية" في محيط ناحية عفرين، بالتزامن مع قصف مدفعي من الجيش التركي على مواقع المليشيا. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن "اشتباكات عنيفة وقعت بين المعارضة السورية المسلحة ومليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، في محور جندرسية في ناحية عفرين بريف حلب الشمالي، لم يتبين حجم الخسائر الناتجة عنها". وذكرت أن "فصائل المعارضة السورية المسلحة حصلت على معلومات عن عقد اجتماع لقيادات في مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، في معسكر كفر جنة، شمال عفرين، القريب من الحدود السورية التركية، فقامت بقصف المعسكر بالمدفعية الثقيلة".
وجُرح ثلاثة مدنيين جراء قصف مدفعي من "وحدات حماية الشعب الكردية" على مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن "مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، المتمركزة في ناحية عفرين، قصفت بالمدفعية الثقيلة المدخل الغربي لمدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، شمالي حلب، ما أسفر عن إصابة ثلاثة مدنيين بجروح وأضرار مادية".
في غضون ذلك، خرجت تظاهرة في مدينة عفرين هتفت ضد العملية العسكرية المرتقبة من الجيش التركي. وكشفت مصادر محلية أن "المليشيات أجبرت المدنيين على إغلاق المحال التجارية وأخرجتهم في تظاهرات ضد العملية العسكرية وذلك تحت التهديد بالعقاب، بعد أن عمدت إلى إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المدينة بهدف منع خروج المدنيين منها".
وفي سياق الاستنفار العسكري، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الجيش التركي مستنفر إلى درجة أن الوحدات القتالية الخاصة باتت شبه ممنوعة من تغيير لباسها"، بما يوحي وكأن الأمر قد يأتي في أي لحظة للهجوم على عفرين. وأضافت أن "من الخيارات المتداولة في الموضوع العسكري، هو عدم قيام الأتراك بهجومٍ بريّ، والاكتفاء بضربات جوية محددة". وعللت المصادر ذلك بـ"وجود عناصر الشرطة العسكرية الروسية في عفرين، ووجود قوات أميركية أيضاً"، في إشارة إلى أن أي تدخّل بري تركي قد يدفع للمواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة أو مع روسيا إن لم تأتِ العملية منسقة بالشكل اللازم. مع العلم أن رئيس الأركان التركي، الفريق الأول خلوصي آكار، ومدير الاستخبارات هاكان فيدان، زارا موسكو، أمس، والتقيا وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ورئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف. وبحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، فإن "الجانبين بحثا المسائل المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط وغيرها من المواضيع الملحّة ذات الاهتمام المشترك". وفُسّر وجود المسؤولين الأتراك وكأنه "محاولة لانتزاع موافقة روسية على عملية عسكرية تركية في عفرين". كما قُدّم اقتراح لأنقرة بـ"إبعاد عناصر حزب العمال الكردستاني من غير السوريين (تحديداً الأتراك)"، في سياق وقف أي عمل عسكري.
أما وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، فاعتبر أن "تصريحات نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، بشأن عدم رغبة بلديهما في اتخاذ خطوات تُزعج تركيا، لم تكن مقنعة"، حسبما جاء خلال مشاركته في برنامج على قناة "سي إن إن تورك"، أمس الخميس. وأضاف جاووش أوغلو أن "الولايات المتحدة قالت سابقاً إن علاقاتها مع تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي ستنتهي بعد هزيمة داعش في الرقة، وأنها ستتوقف عن تقديم الدعم للتنظيم، لكن ذلك لم يتحقق". وأوضح أن "ماتيس وتيلرسون أبلغاه بأن الإعلان المتعلق بإنشاء وحدات حدودية سورية، صدر عن بعض الصحف وبالتالي ينبغي عدم تصديقه، وأنه بدوره أبلغهما بأن الإعلان صدر عن بعض العسكريين وليس الصحف".
وأضاف أن "العملية التركية المرتقبة لن تتأجل بعد تصريحات مسؤولي الولايات المتحدة، وأنقرة لا تتمنى أن تكون حليفتها ضدها في هذا الصدد". وتطرق جاووش أوغلو إلى استعدادات تركيا العسكرية، معتبراً أن "هناك حاجة للتنسيق مع القوى الفاعلة الأخرى في سورية بشأن الغارات الجوية على مواقع تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي في عفرين". ولفت إلى أن بلاده "تجري في هذا الإطار مباحثات مع روسيا وإيران بشأن استخدام المجال الجوي خلال العملية المرتقبة".
من جانبها، حذّرت حكومة النظام السوري، أمس، تركيا من شنّ عملية عسكرية في منطقة عفرين، وهددت بأن "دفاعاتها الجوية مستعدة للتصدي لمثل هذا الهجوم". وقال نائب وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام رسمية، إنه "في حال المبادرة إلى بدء أعمال قتالية في منطقة عفرين، فإن ذلك سيعتبر عملاً عدوانياً من قبل الجيش التركي". وأضاف "ننبه إلى أن قوات الدفاع الجوية السورية استعادت قوتها الكاملة وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في سماء الجمهورية العربية السورية، وهذا يعني أنه في حال اعتداء الطيران التركي على سورية فيجب عليه ألا يعتبر نفسه في نزهة".
ميدانياً، استمرّ التوتر المحدود في عفرين، مع تبادل النار بين الجيش التركي، الموجود في الجهة التركية من الحدود، وبين حزب "العمال" الكردستاني، الموجود في الجهة السورية من الحدود. وبحسب مصادر عسكرية، فإن "القوات التركية ردت بالمثل على مصادر النيران، وذلك في إطار حق الدفاع المشروع". وأطلقت القوات التركية 40 قذيفة مدفعية باتجاه مناطق باصوفان وجنديريس وراجو ومسكنلي التابعة لمدينة عفرين.
وجُرح ثلاثة مدنيين جراء قصف مدفعي من "وحدات حماية الشعب الكردية" على مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي. وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن "مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، المتمركزة في ناحية عفرين، قصفت بالمدفعية الثقيلة المدخل الغربي لمدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، شمالي حلب، ما أسفر عن إصابة ثلاثة مدنيين بجروح وأضرار مادية".
في غضون ذلك، خرجت تظاهرة في مدينة عفرين هتفت ضد العملية العسكرية المرتقبة من الجيش التركي. وكشفت مصادر محلية أن "المليشيات أجبرت المدنيين على إغلاق المحال التجارية وأخرجتهم في تظاهرات ضد العملية العسكرية وذلك تحت التهديد بالعقاب، بعد أن عمدت إلى إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المدينة بهدف منع خروج المدنيين منها".
(العربي الجديد، الأناضول، فرانس برس، قنا، أسوشييتد برس)