معركة الموصل: 23 حياً محرراً من "داعش" حتى الآن

07 ديسمبر 2016
يتم استهداف الموصل بالمدفعية الثقيلة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت معارك تحرير مدينة الموصل، أمس الثلاثاء، تطورات دراماتيكية سريعة، من خلال إحراز القوات العراقية المشتركة تقدماً واضحاً على مجمل محاور الهجوم على المدينة، تحت غطاء أميركي يعتبر الأكثر كثافة منذ بدء المعارك في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء، حيدر العبادي، والتحالف الدولي على حد سواء، اتهامات بالاستخفاف بأرواح المدنيين، والتركيز على تحقيق نصر في المعركة من دون الاكتراث بالمدنيين، حيث عادت القوات العراقية إلى استخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وإقحام أفواج وألوية الدبابات والدروع إلى داخل الأحياء السكنية الضيقة المأهولة بالمدنيين.

وتمكنت القوات العراقية، مع ساعات الفجر الأولى ليوم الثلاثاء، من تحقيق تقدم واضح، بالتزامن مع بدء المدفعية الأميركية، الموجودة في قاعدة صغيرة في قرية كرمليس شرق الموصل، بقصف مواقع وأهداف داخل المدينة. ووفقاً لمصادر عراقية رفيعة المستوى، فقد تمكنت القوات العراقية من السيطرة بشكل كامل على حيي السلام والبريد، والسيطرة على أكبر مستشفيات الموصل في الساحل الأيسر، كما حققت تقدماً في حي دوميز وسيطرت على عدة أجزاء منهما. وقال ضابط في الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "التقدم الذي أحرز اليوم (أمس) يعادل تقدم أسبوع كامل"، مضيفاً أن "نحو 20 ألف جندي وعنصر قتالي من جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية خاضوا معارك عنيفة، وتمكنوا من انتزاع هذه المناطق الجديدة، لكن تم تقديم تضحيات"، موضحاً أن "التنظيم استخدم ما لا يقل عن 10 انتحاريين في معارك محور شرق الموصل، وهذا عدد غير مسبوق أيضا". وتابع إن مروحيات "الأباتشي الأميركية تدخلت لمعالجة بعض جيوب داعش". وتنفي الحكومة العراقية منذ أسابيع أي مشاركة فعلية للجيش الأميركي في المعارك، إلا أن مصادر عسكرية وتقارير ميدانية تؤكد مشاركته بالمدفعية ومروحيات "الأباتشي"، فيما يوجد مئات الجنود على الخطوط الخلفية إضافة إلى وحدة استطلاع وتصوير جوي.

من جانبه، قال قائد عمليات نينوى، اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية حققت تقدماً كبيراً على المحورين الشرقي والشمال الشرقي"، مضيفاً إن "مواصلة التقدم على هذه الوتيرة خلال الأيام المقبلة يعني أن الساحل الأيسر بات تحت سيطرة القوات العراقية بشكل شبه كامل". وقال المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب، العقيد صباح النعمان، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية تمكنت من تحرير 23 حياً سكنياً حتى الآن، بعد السيطرة على حيي السلام والبريد"، موضحاً أن "القوات العراقية تسعى في الوقت الحالي إلى إدخال التنظيم في مرحلة استنزاف فعلية لقواته وعدته التي يقاتل بها". وكشف العقيد ناصر السعدي، من وحدة التدخل السريع الأولى المسؤولة عن محور شمال شرق الموصل، أن "المعارك تتجه نحو التصعيد، والخطة الجديدة أثبتت فاعليتها"، مشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "القوات ستتجه الأربعاء إلى مهاجمة أحياء أخرى مجاورة"، في الوقت الذي "وصلت فيه التعزيزات إلى المحور الشمالي الشرقي، لربط قطعات مكافحة الإرهاب الموجودة في المحور الشرقي، وقطعات الفرقة 16 الموجودة في الشمالي، وستكون مهمة هذه القطعات كسر خطوط داعش، وفتح المحور الشمالي على الشرقي ليكون محوراً واحداً"، مبيناً أنّ "ذلك سيضعف جبهة داعش ويربك صفوفه ويجعله بحاجة إلى عدد كبير من العناصر للسيطرة على حدوده". وأشار إلى أنّ "تعزيزات جديدة ستصل إلى المحور الجنوبي، للبدء بشن الهجمات والتقدم".

ويواجه العبادي، فضلاً عن قيادة التحالف الدولي، اتهامات بتغليب مصلحة المعركة والتقدم العسكري فيها على حساب أرواح وسلامة المدنيين. وكشفت معلومات خاصة، حصلت عليها "العربي الجديد"، من قيادات عسكرية عراقية عن وجود ضغوط متواصلة على القطعات البرية للتقدم. ووفقاً لضابط رفيع المستوى في بغداد، تحدثت معه "العربي الجديد"، فإن "رئيس الحكومة، حيدر العبادي أجرى اتصالات هاتفية ليلة الاثنين بالقيادات العسكرية، وطلب منهم الدفع باتجاه تصعيد وتيرة القتال واستخدام السلاح الثقيل لتحريك الجمود في مختلف المحاور"، مبيناً أن "ذلك ترجم اليوم (أمس) من خلال أسلوب الأرض المحروقة الذي استخدمته طائرات التحالف الدولي عند مداخل حيي البريد والسلام". وتابع "لم يعد رئيس الوزراء يتحدث عن ملف المدنيين وعددهم الهائل بقدر ما يتحدث عن التقدم في المعركة، وهو ما يفعله الأميركيون أيضا"، مشيراً إلى أن عدداً قليلاً من قادة الجيش رفضوا استخدام السلاح الثقيل في حيي البريد والمصارف، لأنه سيؤدي إلى مجزرة، مبيناً أن "رئيس الوزراء عند الحديث عن استخدام السلاح الثقيل يلوح بإدخال المليشيات لإدارة حرب الشوارع كورقة ضغط على جميع الأطراف".

وتؤكد حصيلة جديدة للضحايا المدنيين في الموصل ارتفاع عدد من يسقط جراء القصف الجوي والدبابات والمدافع خلال الأسبوع الحالي. وقال طبيب في مستشفى الموصل العام، لـ"العربي الجديد"، إن "84 مدنياً قتلوا منذ مطلع الأسبوع الحالي مقارنة بـ39 سقطوا خلال الأسبوع الماضي"، مضيفاً إن "غالبية الضحايا أطفال ونساء، وعدد الجرحى فاق الـ 140". وفي المقابل، أدى قصف تنظيم "داعش" المدفعي والصاروخي إلى مقتل وإصابة 61 مدنياً في المناطق المحررة شرقي الموصل، كما أجبر التنظيم عائلات عراقية على النزوح من مناطق شرقي الموصل، تحت تهديد السلاح، إلى أحياء خاضعة لسيطرته. وقال الرائد في قوات الرد السريع التابعة لوزارة الداخلية، عبد اللطيف سنجاري، إن عناصر "داعش" جابوا أحياء البلديات والصادق والمثنى شرقي الموصل، وأرغموا، تحت طائلة القتل، العائلات على النزوح من منازلها إلى أحياء أخرى خاضعة لسيطرته، معتبراً أن "داعش" يريد هدم جدران المنازل من أجل سهولة التحرك في مواجهة القوات المسلحة عند دخولها إلى تلك الأحياء، فضلاً عن إضرام النيران في بعض المنازل.

المساهمون