وفي معرضه "قاموس شخصي" الذي افتتح في "مطافئ: مقر الفنانين" بالعاصمة القطرية الدوحة ويستمر حتى 14 إبريل/ نيسان المقبل، يقدم الفنان البصري متعدد التخصصات، تعديلات كبيرة متعددة الثقافات وأحادية اللون تغوص في الشرق والغرب، وتحاور أسماء معروفة في الأدب العربي، وتطرح أعمالاً تركيبية تدرس انحراف الكلمات بما يؤثر على معناها.
يقول الفنان كوفي لـ"العربي الجديد" إن التحولات التي شهدتها المنطقة "أخذتني إلى حلم، قبل أن أذهب إلى قاموسي الشخصي، أي تغيير مبادئ فهم الكلمات، وإعادة النظر في المعاني التي كنا نعرفها في القرن العشرين. أن نفهمها بشكل جديد، أو للدقة أن أفهمها أنا، بوصف ذلك حقاً شخصياً لي أن أفكر بطريقة تصويرية ومفاهيمية من أجل تحقيق عمق جديد للكلام".
يضيف: "لست كاتباً، لكن أحس بأنني عن طريق الرسم أستطيع كتابة تحليل وتقديم أرشيف وتدوين الفوضى على نظام جديد.
الرسم يساعد في هذا لأن لديه قابلية على تفكيك الأحداث والعناصر بشكل يبدو عشوائياً في البداية".
نقف هنا إلى جانب لوحة باسم "الفوضى الزرقاء" مكتوب إلى جانبها: "الأزرق يحفز على الولاء والمعرفة، ويعكس ثقة عالية بالنفس مع أخطاء مطبعية جميلة. لا فجوة بين الأدب والرسم".
يشير كوفي إلى لوحة "قاموسي الشخصي" فيقول إنه رسمها على أربع طيات كما المنديل، كل طية تخفي الثلاثة أرباع الباقية.
الجزء عالم مستقل، ولكن حين تفتح المنديل، أو الطيات الأربع "يصبح مثل الفضيحة. يمكنك أن تستبدل الفضيحة بالكارثة".
أمام عمل تركيبي بعنوان "مختبر الكلمة"، تظهر الحروف في كؤوس غاطس نصفها في الماء ونصفها في الهواء.
يقول: "علاقتي باللغة هي علاقة تصويرية. أعني أن هذه التجربة تذهب بالكلمات إلى مختبر مع ظاهرة الانكسار، التي نشهدها حين تدخل الكلمة في سائل، ما يعني أن هناك معنى مزدوجاً، هوائياً ومائياً".
وكلما أصر الفنان على حقه في القراءة، دعا إلى قراءة مفتوحة لأي مشاهد.
وفي التجربة الأخيرة التي يطرحها، هناك شاشة كمبيوتر تحتوي على كمية كبيرة من الكلمات، تظهر منها على الشاشة كلمتان بشكل عشوائي.
إذا ضغط المشاهد الزر، تظهر كلمتان غير متوقعتين تستفزانه إلى ما لا نهاية. في التجربة ظهرت لنا أمثلة مثل "شلل الطريق" و "إيهام الكلب".
لكن ثمة فرصة لمن يريد كتابة كلمة على الشاشة. إذا كتبت "أنا" تظهر كلمتا "عقائد المغيب". "أنا عقائد المغيب".. هذه عبارة- يواصل الفنان- تستفز منطق اللغة وتمنح عناوين قابلة للتأويل، وقد تكون ملهمة لمشاريع إبداعية.
بعد الهجرة إلى هولندا، تعرف الفنان إلى لغات أخرى، ويشير إلى أن الرؤية المفتوحة في عصر غوغلي أوقعته في حنين، لا يريد أن يسميه بالرومانسي، حين صارت القراءة باللغة العربية شيئاً ثميناً، إضافة إلى رائحة الورق البعيد.
هذا الحنين أراد أن يحيله إلى وعي مختلف، تحريضي، على أساس قراءات شخصية في عالم موسوعي غوغلي. "نحن في حال مختلفة وأنا متفائل بهذا الاختلاف، الذي سوف يعطي خصوصاً في المستوى البصري نتائج جديدة"، يقول.
أخيراً مع طرح قاموس شخصي له وللقارئ الكتابي والصوري، يشير كوفي إلى أنه يحب أن يستقبل القارئ ما هو أكثر من المفاجأة وأكثر من المتوقع، لأن الأسلوب التصويري لديه دائماً القابلية لطرح السؤال.
إلى جانب المعارض الجماعية، قدم كوفي أكثر من عشرين معرضاً منفرداً في العالم العربي، والولايات المتحدة، وأوروبا. ويكمن الجمع بين عناصر الطبيعة في جوهر فنه، لاستكشاف العلاقات المعقدة بين التصورات والخيال والتعبير.
يقام المعرض في ورشة رقم 3 في "مطافئ"، ويمكن زيارته من السبت إلى الخميس من الساعة 9:00 صباحاً حتى الساعة 7:00 مساء، ويوم الجمعة من 1:30 ظهراً حتى الساعة 7:00 مساء.