يمكننا القول إن "معرض الرياض الدولي للكتاب" الذي اختتم اليوم السبت، نجح على مستوى الحضور الجماهيري، غير أن مؤشرات أخرى لا تقدّم نفس الصورة الإيجابية.
لعلّ أهم رقم يؤشر على نجاح معرض كتاب هو رقم المبيعات، والذي كان أقل من المتوقع بكثير. إذ لم يتجاوز 40 مليون ريال بمتوسط 20 ريالاً فقط للزائر الواحد، على الرغم من مشاركة 915 دار نشر عرضت أكثر من 600 ألف عنوان.
يُرجع المتابعون ضعف المبيعات إلى سبب رئيس هو ارتفاع أسعار الكتب، كما لاحظوا أن أسعارها في المعرض أكثر من قيمتها خارجه، إضافة إلى كثرة الإنتاج المتواضع.
تقول الكاتبة سكينة المشخص لـ"العربي الجديد": "كيف أشتري كتباً تعرض بـ 55 ريالاً وأجدها خارجه بـ 40 فقط"، وتستنج بأنه "لا وجود لرقابة حقيقية على الأسعار".
سألنا مدير المركز الإعلامي في المعرض، أحمد الزهراني، فأكد "إن إدارة المعرض لا تملك أي سلطة على الأسعار". ويشير إلى أن دورها يقتصر على متابعة بيع الكتب وفق التسعيرة المقدمة من دار النشر.
من أحداث المعرض البارزة، إيقاف "محتسبين" الأحد الماضي لندوة تحت عنوان "الشباب والفنون- دعوة للتعايش" بسبب تنديد ضيف الندوة معجب الزهراني، بما تعرضت له آثار الدول العربية من تدمير على يد تنظيم داعش. الأمر الذي لم يعجب "المحتسبين" الذي قيل لاحقاً بأنهم لا يتبعون لـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" السعودية.
خلال أيام المعرض، برزت ظاهرة "ثقافية" جديدة أثارت انزعاج الكثيرين، وهي تزاحم مئات المؤلفين، غالبيتهم من المغمورين، على منصّات التوقيع. ففي هذه الدورة، بلغ عدد العناوين التي وقّعها مؤلفوها 260 عنواناً.
تستغرب المشخص هذه الظاهرة، وتحاول أن تفسّرها قائلة "بعض دور النشر تبحث عن المبيعات وتحجز مواعيد لتوقيع كتابها مع أنهم مغمورون وأعمالهم بلا قيمة أدبية، وتوقيعهم لا أهمية له ولكنه نوع من البرستيج لا أكثر".
في السياق نفسه، تؤكد الكاتبة هدى الدغفق أن "المعرض كان سيئ التنظيم وفتح الباب لكل من هبّ ودبّ من ممتهني الثقافة والأدب ليكون مؤلفاً". وتضيف: "أمام هذا الكم المفاجئ من ممتهني الكتابة يتراجع المبدع".
في حين يقول الزهراني: "لا نتدخل في اختيار من سيوقّع على كتبه، فترتيب وحجز منصّات التوقيع يكون عن طريق دور النشر، هي من تتقدم وتحدد الكتب التي تريد أن تقدمها للتوقيع، بغض النظر عن اسم المؤلف".
الشرط الوحيد، حسب الزهراني، لاعتلاء منصة هو أن يكون الكتاب "معتمداً ومجازاً من الوزارة" (للرقابة قبضة، ويرى أن "فتح الباب لكتّاب مغمورين للتوقيع نوع من التشجيع، ولا يعني ذلك تقييماً لنتاجهم الأدبي".
مآخذ أخرى سجّلها المعرض، فقد لجأ بعضهم إلى ادّعاءات منع أعمالهم في محاولة لشدّ انتباه القرّاء. كما عمد آخرون لاختيار عناوين غريبة لكتبهم بعضها لا علاقة لها بمضمون الكتاب.
ويعترف الزهراني بأن الكثير من الكتب التي تباع في المعرض أو تعرض للتوقيع "لا يمكن أن نعتبرها كتباً تستحق الطباعة"، ويضيف: "كثير من الكتب كانت ضعيفة أدبياً، ولكن ليس دورنا تحديد ذلك. مؤسسات النشر هي التي تحدّد ماذا تنشر وهي من تقدم مؤلفيها".
تقول سكينة المشخص: "إن بعض الكتاب يضعون عنواناً مثيراً ولكن العمل لا علاقة له به"، وتذكر على سبيل المثال كتاب "تنظيم داعش" الذي تصدّر المبيعات، وأغلب من اشتراه قال إنه تفاجأ بمحتواه السطحي، حسب قولها.
كما نسجل هنا أن معرض هذا العام قد غزته عناوين غريبة مثل "فُكّي وأفك" و"هل أنت حمار شغل؟" و"كل أسبوع فيه يوم جمعة". كما مثل فرصة ليقتحم عالم الكتابة حالمون بالشهرة، كمن ألف كتاباً عن تجربته في الحياة وهو لم يتجاوز العشرين من عمره.