معاناة معيشية لـ 800 ألف شخص معوّق في السعودية

01 نوفمبر 2016
الحقوق لم تطبّق بعد (محمد الشيخ/ فرانس برس)
+ الخط -
الأشخاص المعوّقون في السعودية شريحة ملحوظة من عموم السكان، لكنّهم لا يجدون مساواة في التعامل معهم كباقي المواطنين. هم يعانون من أوضاع معيشية صعبة تهدر حقوقهم التي حصلوا عليها على الورق ولم تطبّق بعد

يعاني أكثر من 800 ألف شخص معوّق في السعودية من ظروف معيشية صعبة، وسط اختفاء الوسائل المساعدة لهم في التعامل مع أوضاعهم الخاصة، وعدم اهتمام الجهات الرسمية والخاصة بهم.

وما زالت الجهات الاجتماعية مقصّرة في تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها تجاه الأشخاص المعوقين، بحسب خبراء تحدثوا إلى "العربي الجديد". منذ عام 2008، لم تحرص الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية على تطبيق 46 حقاً من حقوق الأشخاص المعوقين كانت قد نادت بها، على الرغم من أنّ نحو نصفها كان مكفولاً وفق النظام من قبل. من أبرزها "حق الشخص المكفوف في تزويد الأرصفة بإشارات مرور صوتية، لتنبيهه عند عبور الشارع". وأيضاً "التأكيد على استعمال لغة الإشارة في وسائل الإعلام المرئية". كذلك "إصدار نشرات ومطبوعات بلغة بريل". فعلى الرغم من مرور نحو تسع سنوات على صدور التقرير، ما زال معظمه حبراً على ورق. وما زال السعوديون يتذكرون الشخص المعوق العبقري عمار بوقس الذي حصل على الدكتوراه في الإعلام بتفوق، على الرغم من أنّ لديه شللاً كاملاً في جسده، لكنّ "جامعة الملك عبد العزيز" رفضت قبوله في هيئة التدريس فيها بسبب إعاقته، فقبلت به "جامعة دبي" الإماراتية.

الأخطر هو ما تؤكد عليه أستاذة التعليم الخاص الدكتورة منى أباعود في حق الطفل المعوّق في الحصول على التعليم وفق بيئة مناسبة له. تقول لـ"العربي الجديد": "وقعت السعودية على اتفاقيات دولية، تنص على أنّ من حق الطفل المعوّق أن يتلقى تعليمه في بيئة قليلة التعقيد، وأن يجري دمجه مع أقرانه في المدرسة العادية، وتخصيص مرافق خاصة له. لكنّ هذا لا يحدث على أرض الواقع".

تؤكد أباعود أنّ الطفل المعوّق في الدول المتقدمة يتمكن من التغلب على إعاقته، لكن، في السعودية وكلّ الدول العربية، يتضاعف شعوره بالعجز. تضيف: "كلّ الخدمات الخاصة بالأشخاص المعوّقين غير موجودة تقريباً، سواء أكانت تعليمية أم صحية أم ترفيهية".

في الاتجاه نفسه، يؤكد عضو الجمعية السعودية لمحاربة الإعاقة الدكتور فهد الثميري على أنّ من حق أي شخص معوّق لم يحصل على حقوقه أن يقاضي أي جهة قصّرت في حقه: "الدولة وضعت أنظمة وقوانين يجب اتباعها". يضيف: "يواجه الشخص المعوّق عبئاً ثقيلاً ومعاناة مضاعفة ليعيش كمواطن عادي، وبالتالي هو في غنى عن أنظمة لا تطبق، ولا بدّ من محاسبة كل مسؤول يقصّر في تطبيق قوانين اعتمدت من جهات عليا".

من جهتها، حاولت وزارة العمل، تشجيع أصحاب الأعمال على توظيف الأشخاص المعوّقين، لتقليل نسبة البطالة المرتفعة بينهم. لكنّ خطواتها لم تفلح في توظيف عدد كبير منهم، خصوصاً أنّ الوزارة تكتفي بإصدار القرارات من دون أن تشرف على تطبيقها بصرامة.

كذلك، يشير تقرير لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، إلى أنّ أكثر من 11 ألف شخص معوّق ينتظرون الحصول على سيارات خاصة وعدوا بها، من الوزارة بالذات، قبل ثلاثة أعوام. ولا يجد الأشخاص المعوّقون سبباً لكلّ هذا التأخير. يقول الناشط المدافع عن حقوق الأشخاص المعوّقين ماجد النويصر إنّ تضارب الأعذار، بين الوزارة والشركة المصدّرة، دفع الأشخاص المعوّقون ثمنه. يتابع لـ"العربي الجديد": "بعد ثلاثة أعوام من الانتظار، ما زالت الوزارة تتهم الشركة التي تعاقدت معها بأنّها لم تفِ بالتزامها، وأنّ السيارات لم تصنع حتى الآن. فهل المشكلة عند الشركة التي وقعت العقد مع الوزارة ولم تلتزم؟ أم أنّ المشكلة في المتابعة"؟ يضيف: "ما يحدث هو حلقة من سلسلة من الإهمال التي يعاني منها الأشخاص المعوّقون في بلادنا".

لا تقتصر المعاناة على الإهمال، بل تمتد إلى نظرة المجتمع السلبية تجاه الشخص المعوّق، وتحامله عليه. تشدد نعيمة المحيسن وهي أم لطفلين معوّقين، أنّها تشعر بتلك النظرة السلبية إلى طفليها. تقول لـ"العربي الجديد": "للأسف ينظر غير المعوّقين بشفقة قاتلة تجاه الشخص المعوّق. وفي الوقت نفسه يسطون على أبسط حقوقه، فدائماً ما أشاهدهم يستخدمون دورات المياه المخصصة للأشخاص المعوّقين، فيما يحتل سائقون غير معوّقين مواقف السيارات المخصصة للأشخاص المعوّقين، من دون أدنى اهتمام بحقوقهم. كذلك، لا تراعي غالبية المجمعات التجارية وضع ممرات ومنحنيات خاصة للأشخاص المعوّقين حركياً".

من جهته، يقول محمد المرشد، وهو شخص معوق حركياً، لـ"العربي الجديد": "طردت من معرض فني لأنّ كرسيي المتحرك تسبب في إحداث خطوط على أرضية المعرض الرخامية. كان أكثر المواقف إحراجاً في حياتي، حتى أنّي بكيت يومها، وما زلت أتألم من ذلك الموقف".