معارك الأنبار تراوح مكانها: جهل بالجغرافيا وتضارب الصلاحيات

12 اغسطس 2015
صوت الرصاص يهدأ في غالبية الجبهات(حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

بدت المعارك في مختلف الجبهات العراقية، جامدة في الفترة الأخيرة، على عكس العملية السياسية التي تشتدّ سخونة؛ إذ لم يستطع أي من الطرفين، سواء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أو الجيش العراقي والمليشيات الداعمة له، تحقيق تقدّم، فيما هدأ صوت الرصاص على بعض الجبهات، خصوصاً في الأنبار ونينوى وأجزاء من صلاح الدين، لكن عمليات التحالف الدولي استمرت على وتيرة واحدة من القصف الجوي.

اقرأ أيضاً: العراق: 100 قتيل وجريح بتفجيرات تبنّاها "داعش" في ديالى

وإذا كانت غارات التحالف قد أصابت مواقع عدة لتنظيم "داعش"، فإنها في الوقت نفسه حصدت في طريقها العديد من الضحايا المدنيين، خصوصاً في مدينة الرطبة المحاذية للحدود الأردنية، والتي قضى فيها 53 مدنياً.

ويخشى مراقبون من أن يكون هذا الهدوء ناجماً عن يأس في صفوف القوات العراقية النظامية والمقاتلين المحليين التابعين لمليشيا "الحشد الشعبي"، لاسميا في ظل ارتفاع خسائرها بنسبة 30 في المائة خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، مقارنة بالشهر الذي سبقه، وقد ينعكس ذلك في ارتياح "داعش"، وتعزيز مواقعه في المدن وكسب المزيد من المقاتلين، معتبرين استمرار زخم المعارك والهجمات ضدّه هو السبيل الوحيد لاستنزافه.

وفي ظل مرور شهر كامل على بدء ما يُعرف باسم عمليات "لبيك يا عراق" لاستعادة محافظة الأنبار، التي تشكل أكثر من ثلث مساحة البلاد وتحد كل من السعودية والأردن وسورية، لا يظهر تقدم ملحوظ يتناسب مع حجم القوات المهاجمة أو الحملة الإعلامية التي خصصت لها والوعود التي أطلقتها الحكومة بخصوص استعادة الأنبار سريعاً.

وقال عقيد بالفرقة السابعة في الجيش العراقي والعاملة ضمن قيادة عمليات الأنبار العسكرية المكلفة بإدارة الحرب مع "داعش"، لـ"العربي الجديد" إن "القوات العراقية تعاني من مشاكل كثيرة وكبيرة تعيق التقدم أو تحقيق نصر مريح في المعارك مع (داعش) على الرغم من دعم التحالف الدولي الجوي المفتوح لنا أو الدعم البري واللوجستي المستمر من إيران منذ نحو عام ونصف العام".

ويضيف العقيد العراقي الذي فضل عدم نشر اسمه أن "أبرز مشاكل تقدّم القوات العراقية وتحقيقها لانتصارات هي قلة خبرة الجنود بالحرب وانخفاض مهاراتهم الفردية بالقتال على عكس مقاتلي (داعش)، فضلاً عن تداخل الصلاحيات والواجبات بين الجيش من جهة، ومليشيات "الحشد الشعبي"، من جهة ثانية، إضافة إلى قلة الأسلحة المتاحة لدينا، خصوصاً الصواريخ القادرة على صد الهجمات الانتحارية بالمدرعات والشاحنات الثقيلة وأجهزة إبطال الألغام أو اكتشافها".

وبيّن الضابط العراقي أن "مشاركة الحشد أثرت بشكل واضح على العمليات، إذ يمتنع سكان الأنبار المحليون عن تقديم أي مساعدة للقوات سواء عسكرية أو معلوماتية باستثناء مقاتلي العشائر والصحوات الذين يقاتلون مع الجيش منذ أكثر من عام ولا يزالون. إضافة إلى أن إحدى أهم المشاكل التي تعترض تحقيق أي تقدم هي جهل القوات المشتركة بتضاريس وطبيعة الأنبار ووجود أكثر من 120 حقل ألغام منتشرة في مساحة جغرافية كبيرة، فضلاً عن الآلاف من العبوات الناسفة المتفرقة المخصصة لاستهداف الأشخاص أو العربات العسكرية والأنفاق التي استنسخ (داعش) تجربتها من السوريين في قتالهم قوات النظام، والتي تسببت بتفوق عسكري للتنظيم في مواطن عدة من جبهات القتال".

وأشار المصدر نفسه إلى تمكّن القوات المشتركة من استعادة السيطرة على نحو 30 كيلومترا فقط خلال شهر من العمليات، وهي جامعة الأنبار ومنطقة البو ذياب والطاش وجزيرة الخالدية وأجزاء من منطقة الصوفية. وتقع هذه المناطق في غرب وشمال وشرقي الرمادي، عاصمة الأنبار، في حين ما تزال المدن والمناطق الأخرى على حالها، بينما تراجعت القوات في الفلوجة ومحيطها لتخسر منطقة المعامل التي كانت تمسك بها قبيل بدء العمليات العسكرية.

من جهته، يرى عضو البرلمان العراقي محمد الجاف أن العمليات العسكرية ستتحسن عقب الإصلاحات الحكومية الكبيرة وكذلك تفعيل دور البرلمان وشمول القادة العسكريين بموجة الإصلاح الجديدة.

ويضيف الجاف لـ"العربي الجديد" أن "الإصلاح سيطاول أيضاً المؤسسة العسكرية، وسترتفع معنويات الجنود عندما يرون أن هناك إصلاحا حقيقيا في مدنهم".

ويكشف عن أسلحة غربية ستصل العراق قريباً جداً، وستدخل في المعركة فور وصولها، ما من شأنه إحراز تقدم كبير، مبيناً أن "وصول تلك الأسلحة يتزامن مع انتهاء الأميركيين من تدريب خمسة آلاف مقاتل سني من العشائر تعكف على تأهيلهم منذ أشهر وتعوّل عليهم لمسك الأراضي المحررة من سيطرة (داعش)".

اقرأ أيضاً: "داعش" يتقدم في بيجي وطيران التحالف يقتل نازحين بالأنبار

المساهمون