تحل الذكرى الرابعة لانقلاب الثالث من يوليو/تموز في مصر، وسط متغيرات كثيرة في المشهد السياسي، دفع بكثير من أبناء معسكر 30 يونيو/حزيران، ممن كانوا من المكونات الرئيسية، لمشهد الانقلاب، للتحول إلى معارضين للسيسي، وسياساته، بعدما أطاح بعدد كبير منهم خلف قضبان السجون، وفرض قيوداً كبيرة على آخرين ومنعهم من الظهور في وسائل الإعلام بعدما كانوا ضيوفاً دائمين بها لنقد الرئيس المعزول محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين.
لهجة جديدة أخذت في التصاعد، مؤخراً، في أحاديث بعض المعارضين السابقين لجماعة الإخوان المسلمين، والذين كانوا يرفضون أي تشارك معهم مجدداً في أية أنشطة سياسية من شأنها مواجهة النظام الحالي، فأصبح اليوم بعض هؤلاء يطرحون أفكاراً ورؤى من شأنها توحيد القوى السياسية المعارضة، على أرضية واحدة وطي صفحة الخلافات، والاعتراف بالأخطاء السابقة.
ومن أبرز تلك الدعوات، تلك التي أطلقها القيادي في حزب الكرامة، السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي أصدر بياناً، عقب تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تم التنازل بمقتضاها عن جزيرتي تيران، وصنافير للمملكة.
ودعا مرزوق في مبادرته من أسماهم "بالجماعة الوطنية"، إلى تنحية الخلافات السياسية، والأيدولوجية، والتوحد من أجل إنقاذ الوطن، من دون أن يستثني جماعة الإخوان من هذه الدعوة، كما جرت عادة معظم القوى المدنية.
وأكد معصوم خلال البيان، الذي فتحه أمام التوقيعات الشعبية، على أن وحدة الجماعة الوطنية، هي سر قوتها وقدرتها في الماضي القريب والبعيد على إسقاط أنظمة عاتية الاستبداد، كانت بكل ما تمثله، وبكل ما ارتكبته، أقل خطرًا، وضررًا، وقبحًا، مما تشهده البلاد الآن، والتي تنتقل من السيئ للأسوأ، بعد أن تبددت مكتسبات ثورة يناير واستحقاقاتها وأولها العيش الكريم والحرية، والعدالة، واستقلال القرار الوطني.
وشدد مرزوق على ضرورة اعتراف الجميع بالوقوع في أخطاء، أثارت حفيظة ومخاوف شركاء الوطن والثورة مما أدى بدرجات متفاوتة لفتح ثغرات هبت منها رياح الاستبداد والفُرقة، استغلتها الثورة المضادة في الانقضاض على الثورة واختطاف الوطن باتجاه نفق مظلم. الأمر لم يقتصر على القيادات كبيرة السن في معسكر 30 يونيو، بل امتد لقيادات شبابية، كانت على الدوام رافضة لأي دعوات للتوحد، وكانت تصب اللعنات على جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، من بين هؤلاء أحمد العناني، أحد القيادات الشبابية السابقة بجبهة الإنقاذ، والمجلس المصري للشؤون الخارجية، وهو كيان غير رسمي تشكل عقب 30 يونيو 2013، والذي أكد أن جزءا مهماً من مسؤولية التيار المدني في مصر الآن وبعد مرور 4 سنوات على 30 يونيو هو مراجعة مواقفه وعمل نقد ذاتي.
وتابع، في تدوينة مطولة على حسابه الشخصي، بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "هل أخطأنا في بعض المواقف؟ حتما". واستطرد: "هل كنا محقين في بعض المواقف حتماً طبعا"، مضيفاً: "لو عدنا بالزمن للخلف هل كنت سأشارك مرة أخرى في جبهة الإنقاذ؟ بالتأكيد ولكن في إطارات أخرى و بحسابات مختلفة".
وقال: "أنا كنت أحد قيادات الحزب المصري الديمقراطي وقتها وكنت من المشاركين في جبهة الإنقاذ وشاهدا على الكثير من القرارات التي تم اتخاذها في المطبخ السياسي آنذاك، ورأيي أن هناك أموراً دفعنا إليها دفعا بسبب تعنت وعناد السلطة الحاكمة في وقتها، وكان يمكن تفادي الكثير مما حدث لو كان هناك أي استجابة من جماعة الإخوان المسلمين".
وأكد القيادي الشاب، الذي دأب على النقد اللاذع لجماعة الإخوان، على أن إحدى مشكلات السلطة الانتقالية أيضا وقتها هي توريطها في اتخاذ قرار فض اعتصام رابعة العدوية بهذا الشكل. وشدد قائلاً: "لكن حتماً القوى الديمقراطية المدنية هي التي على عاتقها الآن مجابهة هذه السلطة، وهي التي تتصدر المعارك السياسية وإن كانت نتائج هذه المعارك وآثارها ليست واضحة للعيان، ولكن هذه هي طبيعة السياسة التغيير فيها بطيء وعن طريق النقاط، وقت الضربات القاضية انتهى".
من جانبها دعت سلمى حسين الكاتبة والباحثة اليسارية في شؤون العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى ضرورة إنتاج خطاب سياسي جديد، قائلة إن أحد الدروس الضرورية للتقدم إلى الأمام هو إنتاج خطاب "ناقد لسياسات الإخوان في فترة حكمهم خاصة الاقتصادية، وناقد لتحالفاتهم الأمنية والفلولية، وناقد لخطاياهم وخطاب الكراهية والتحريض عقب 3 يوليو" إلا أنه في نفس الوقت "رافض للمذابح ضدهم، ورافض للإقصاء السياسي لكل من لم يحرض، أو يمول عنفاً، ورافض للثورة المضادة بكل تجلياتها".