مصير سمير كساب: مات في سورية... لم يمت

21 ابريل 2019
وقفة مطالبة بالكشف عن مصير سمير كساب عام2017 (الأناضول)
+ الخط -
للمرة الأولى منذ اختفائه في سورية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2013، أعلنت عائلة المصوّر الصحافي اللبناني سمير كساب، أنّ وزارة الداخلية اللبنانية أبلغتها بوفاة ابنها. وفي حديث إعلامي قال أنطوان كساب والد سمير، إن وزارة الداخلية اللبنانية أبلغته وفاة نجله، قبل نحو شهرين، مؤكداً أنه ينتظر دليلاً حسّياً من الوزارة نفسها. بينما حمّلت والدة المصور الصحافي، ماغي كساب، الدولة اللبنانية مسؤولية الغموض الذي يلفّ مصير نجلها، واتهمتها بالتقصير.

جاءت هذه التطورات بعد شهر من إعلان العائلة أملها بظهور ابنها بعد معركة الباغوز في سورية، إذ قال جورج كساب شقيق سمير: "لا يوجد تأكيد أنّ شقيقي ظهر في أي مكان خلال التطورات التي تحدث مع داعش، ونحن نتمنى أن يكون هناك ويُفرج عنه. تقريباً لا معطيات أكيدة حول شيء في ما خصّ سمير كساب، والجو سلبيّ، ولا سيما أنّه مرت 5 سنوات من دون ظهور أي تفصيل بالقضية".

وكان سمير كساب قد اختفى في الشمال السوري مع زميله المراسل الموريتاني إسحق المختار، وهما في مهمة صحافية لصالح قناة "سكاي نيوز عربية". وأعلنت المحطة باختصار وقتها الخبر العاجل التالي: "فقدان الاتصال بطاقمنا في سورية منذ 15 أكتوبر 2013". وحتى الساعة لم تظهر أي معلومة جديدة، رغم مرور تسع سنوات تقريباً. بل إن كل المعطيات كانت عبارة عن تخمينات أو شائعات عن نقلهما من هذه المدينة إلى تلك، أو عن تسليمهما من قبل داعش إلى فصيل مسلّح آخر. وهي مجرد شائعات لم يؤكدها أي طرف.

أول معلومة فعلية ظهرت كانت بعد عامين من اختفاء سمير وإسحق، إذ كشف الصحافي الفرنسي نيكولا هينان في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وذلك بعد 10 أشهر من احتجازه في أقبية تنظيم "داعش"، أنه كان "جار" الصحافي اللبناني سمير كساب المختطف في سورية منذ عام 2013، حيث وجد بالزنزانة المجاورة لكساب لمدة من اعتقاله.

وكان إعلان العائلة تبلّغها خبر وفاة ابنها من قبل الدولة اللبنانية، قد أثار ردود فعل غاضبة بين اللبنانيين على مواقع التواصل، فتساءلوا عن سبب إبلاغ آل كساب بوفاة ابنهم من دون امتلاك أي دليل حسّي على الموضوع. كما تساءل آخرون عن الجهود والوساطات التي قامت بها الدولة اللبنانية لإنقاذ سمير من خاطفيه، كما حصل في ملفات كثيرة أخرى أبرزها ملف مخطوفي أعزاز. إلى جانب وساطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في تحرير راهبات معلولا.



أوستن تايس أيضاً
تعتبر قضية سمير كساب وإسحق مختار، واحدة من قصص كثيرة لصحافيين مفقودين في سورية، أبرزهم الصحافي الأميركي أوستن تايس الذي اختفى في شهر أغسطس/ آب 2012. ويعقد والدا تايس، مارك وديبرا، مؤتمرات صحافية بشكل دوري في بيروت، كان آخرها في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لحثّ العالم على التحرك للكشف عن مصير ابنهما.
وكان تايس قد قصد سورية في مايو/ أيار 2012 كصحافي مستقل، "ساعياً إلى نقل صورة النزاع الدائر هناك وتأثيره على المدنيين. نشرت مقالاته وصوره في عدد من المؤسسات الإعلامية الأميركية والدولية"، وفق بيان صادر عن عائلته. وفي أغسطس/ آب 2012، ذهب أوستن إلى جنوب دمشق لإرسال آخر مقالاته، عازماً بعدها السفر إلى لبنان. وفي 14 أغسطس استقل سيارة في داريا ليختفي بعدها.

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي FBI، قد أعلن قبل أشهر تخصيص جائزة قدرها مليون دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى عودة أوستن الآمنة إلى أميركا. وأخيراً. كما أعلن تحالف يضم مؤسسات إعلامية ومدنية في الولايات المتحدة نيّته تخصيص مبلغ يساوي ما سيقدمه الـ FBI.

وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، صرّح المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الرهائن روبرت أوبراين، أن السلطات الأميركية تعتقد أن أوستن تايس على قيد الحياة، وهو قيد الاحتجاز في سورية، وفق ما نقلت مؤسسة "سكاير" التي تعنى بشؤون حرية الصحافة في منطقة المشرق العربي.

وتعتبر ملفات الصحافيين الأجانب الذين ختفوا في سورية، في أولى سنتين من الثورة أي بين العامين 2011 و2013 هي الأكثر تعقيداً، وذلك بسبب التطورات الكثيرة التي حصلت منذ تلك السنوات حتى اليوم، وتبدّل السيطرة العسكرية على المناطق التي اختفوا فيها. وكان سقوط آخر معاقل "داعش" قد أعاد فتح هذا الملفّ، وخصوصاً أن كساب وولد المختار وتايس، لم تظهر جثثهم، وهو ما يبقي مصيرهم معلّقاً.
المساهمون