كشفت مصادر في وزارة الصحة المصرية أن عدد الوفيات جراء فيروس كورونا الجديد تجاوز السبعين حالة في أدنى التقديرات، أي ما يقترب من ضعف الحالات التي تُعلن عنها الوزارة في بياناتها الرسمية، مشيرة إلى أن الإعلان يقتصر على حالات الوفاة المُسجلة داخل المستشفيات المخصصة للعزل، في وقت يلقى فيه العديد من المصابين بالعدوى مصرعهم نتيجة سوء التشخيص، ورفض المستشفيات العامة والخاصة استقبال الحالات المصابة بناءً على تعليمات الوزارة.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا تذهب إلى أقرب مستشفى إليها فور ظهور الأعراض، غير أن المستشفيات لديها تعليمات مشددة بعدم احتجاز أي حالات مصابة، وعوضاً عن ذلك الاتصال على الخط الساخن للوزارة، مبينة أن القائمين على هذه الخدمة لا يردون على الاتصالات إلا فيما ندر، ويشترطون على المتصل ضرورة مخالطة الحالة المشتبه في إصابتها لإحدى الحالات الإيجابية، حتى يمكن إرسال سيارة إسعاف لنقلها إلى إحدى مستشفيات العزل.
واستشهدت المصادر بالعديد من وقائع الوفاة نتيجة الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا خلال الأيام الأخيرة، وتعنت وزارة الصحة في تلقي هذه الحالات، حتى لا ترفع من الحصيلة الرسمية لأعداد الوفيات والمصابين، ومن بينها حالة المواطن المتوفى أمام مستشفى الحياة التخصصي في منطقة حمامات القبة بالقاهرة، والذي رفضت إدارة المستشفى استقباله بسبب تعليمات الوزارة، والباحثة الشابة ياسمين أشرف عباس، والمتوفاة أمس الأحد عن عمر ناهز الـ30 عاماً فقط.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مقطعاً مصوراً لعم الباحثة الراحلة، وهي خريجة كلية العلوم، وعائدة من أداء العمرة منذ 15 يوماً، يكشف فيه عن مدى الإهمال والتعنت من القائمين على وزارة الصحة في تشخيص حالتها، وعدم رد الخط الساخن على اتصالاته لمدة يوم كامل، بعد تشخيصها على أنها مصابة بالتهاب رئوي في مستشفى عين شمس التخصصي.
واستغاث عم الباحثة الراحلة، والتي حملت لقب أصغر ضحايا فيروس كورونا في مصر، ولم تسجلها وزارة الصحة في قائمة الوفيات الرسمية حتى الآن، بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزيرة الصحة هالة زايد، وكبار المسؤولين في الدولة بلا جدوى، وبعد أن يئس من الاتصالات بأرقام الطوارئ، ومسؤولي الوزارة، ذهب بها إلى أحد المستشفيات الخاصة بضاحية مصر الجديدة، والتي أكدت أن حالتها إيجابية للفيروس بعد إجراء التحاليل اللازمة.
وعقب ساعات قليلة من وفاة ياسمين، لحقها أول طبيب مصاب بفيروس كورونا في البلاد، وهو د. أحمد اللواح، البالغ من العمر 50 عاماً، ويعمل أستاذاً للباثولوجيا الإكلينيكية في كلية الطب في جامعة الأزهر، والذي أثبتت التحاليل إصابته بفيروس كورونا الأول من أمس، ولم يجد جهازاً شاغراً للتنفس الصناعي في محافظته بورسعيد، ليلفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله إلى مستشفى "أبو خليفة" المخصصة للعزل بمحافظة الإسماعيلية، والتي نُقل إليها بعد وساطات عديدة.
ويمتلك اللواح معامل تحاليل طبية شهيرة بمحافظة بورسعيد، وكان يتمتع بسيرة حسنة، وسمعة طيبة بين أبناء محافظته، وقد تلقى العدوى من عامل هندي توفى قبل أيام قليلة، وكان يعمل في أحد مصانع منطقة الاستثمار، جنوبي بورسعيد، وأجرى التحاليل الخاصة به بمختبر الطبيب قبل العلم بإصابته، وفور علم اللواح بإيجابية حالة الهندي عزل نفسه ذاتياً حتى ظهرت عليه الأعراض، وتأكدت إصابته بفيروس كورونا.
وحسب محادثة مُسربة بين الطبيب المتوفى وأحد زملائه عبر تطبيق "واتساب"، استغاث اللواح -ليلة وفاته- بزميله كي يرسل له عربة إسعاف مجهزة لنقله إلى مستشفى الحجر الصحي بالإسماعيلية، بعدما فشل في العثور على جهاز تنفس صناعي، وهو ما أثار حالة من الغضب بين الأطباء في مصر، الذين استنكروا عدم وجود عربات إسعاف مجهزة لمثل هذه الحالات الطارئة في بورسعيد، التي تعد المحافظة الأولى في تطبيق ما يُعرف بـ"نظام التأمين الصحي الشامل".
وكانت وزارة الصحة المصرية قد أعلنت ارتفاع نسبة الوفيات على خلفية فيروس كورونا إلى 6.5 في المائة من الإصابات المسجلة، إثر تسجيل 40 حالة وفاة من إجمالي 609 إصابات في 25 محافظة على مستوى الجمهورية، موضحة في آخر بياناتها أن "حالات الشفاء ارتفعت إلى 132 بخروج 11 مصاباً مؤخراً من مستشفيات العزل، من أصل 182 حالة تحولت نتائج تحاليلها مخبرياً من إيجابية إلى سلبية".