مصر: وثائق تورط أربعة رؤساء لـ"الأهرام" في منح هدايا لمبارك ورموز نظامه

03 نوفمبر 2017
وثائق تحقيقات قضية هدايا الأهرام (العربي الجديد)
+ الخط -
حصل "العربي الجديد" على نص التحقيقات في قرار إحالة أربعة رؤساء مجلس إدارة سابقين لمؤسسة "الأهرام" الصحافية المصرية، إلى محكمة جنايات القاهرة، بتهم ارتكاب وقائع تمثل إضراراً بأموال المؤسسة بقيمة 580 مليوناً و700 ألف جنيه، ما يعادل وقتها نحو 80 مليون دولار، من خلال تقديم هدايا باهظة الثمن على حساب المؤسسة، لعدد من المسؤولين السابقين في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم "هدايا الأهرام".

وشملت قائمة الاتهام الأخيرة المحالة من النيابة العامة بقرار من النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، بعد استكمال التحقيقات التي بدأت عام 2012، كلاً من: إبراهيم نافع، ومرسي عطالله، وصلاح الغمري، وعبد المنعم سعيد، وجميعهم شغلوا منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام خلال فترات متلاحقة.

وأسندت النيابة العامة في قرار الاتهام إلى رؤساء مؤسسة الأهرام السابقين تهم الإضرار العمد بالمال العام (أموال مؤسسة الأهرام) وتحميل موازنة المؤسسة شراء هدايا باهظة الثمن على نحو يخالف قواعد صرف الأموال المقررة قانوناً.


وتضم القضية عدداً من شهود الإثبات أبرزهم محمد إبراهيم السيد العوضي، وهو مراقب بالجهاز المركزي للمحاسبات، ورئيس شعبة مؤسسة الأهرام في الجهاز، والذي أكد في شهادته أنه قام بإعداد المذكرة الخاصة بالمبالغ التي أنفقت على الهدايا ومواد الرعاية والإعلان، والتي تعتبر أموالاً عامة مملوكة للدولة، وأنه ثبت من الفحص قيام المؤسسة بشراء هدايا بمبلغ ضخم دون وجود ضوابط تحكم عملية الشراء والتوزيع وأثرها على تنشيط أعمال المؤسسة، خاصة أن الشراء تم بالأمر المباشر خلال الفترة من 1 يناير/ كانون الثاني 2000، وحتى 30 يونيو/ حزيران 2011، وبلغ المبلغ المرصود خلال الفترة من 2006 وحتى 2011 فقط 580 مليوناً و700 ألف جنيه.






وأفاد الشاهد أن الجهاز المركزي للمحاسبات (حكومي) طالب مؤسسة الأهرام أكثر من مرة بضرورة وضع الضوابط لإحكام عملية الشراء والتوزيع، إلا أن المؤسسة لم تقم بموافاة الجهاز بالرد، ولم تعطِ بياناً تفصيلياً عن أسماء المستفيدين من تلك الهدايا، كما اقتصر ورود قائمة الهدايا على بيان الهدايا الموزعة عن الفترة من 2006 حتى عام 2011، وبقية الفترات لم تحسب باعتبارها فترة ضائعة (من عام 1984 وحتى 2006).

وشملت الشخصيات التي تلقّت الهدايا الرئيس المخلوع حسني مبارك وحرمه سوزان مبارك ونجليهما علاء وجمال وزوجتيهما هايدي راسخ وخديجة الجمال، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف، وزكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية وقتها، وصفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى وقتها، وفتحي سرور، رئيس مجلس الشعب وقتها.


كذلك شملت قائمة المستفيدين مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابة وقتها، ويوسف بطرس غالي وزير المالية وقتها، وحاتم الجبالي وزير الصحة وقتها، وحبيب العادلي وزير الداخلية وقتها، وسامي مهران الأمين العام لمجلس النواب وقتها، وجمال عبد العزيز سكرتير رئيس الجمهورية وقتها، وعبد الله كمال رئيس تحرير جريدة روز اليوسف السابق، وعهدي فضلي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، وآخرين.






وتابع أن الهدايا شملت ساعات وأقلاماً وأربطة عنق وشنطاً وأحزمة ومشغولات ذهبية وجنيهات ذهبية وعطوراً وحقائب، وكانت جميعها بالأمر المباشر من دون معرفة من أين ومتى ومن قام بالشراء.

وأوضح الشاهد أن الموقف المالي للمؤسسة لم يكن يسمح بالشراء خلال تلك الفترة لوجود مديونيات لصالح مصلحة الضرائب والجمارك تقدر بنحو 1.6 مليار جنيه، الأمر الذي ترتب عليه التأثير على ميزانية المؤسسة لتحميلها المقابل النقدي لهذه الهدايا، من دون وجود عائد مادي من توزيعها بما يجعلها مصروفات بدون إيرادات.


وضمت القضية أيضاً، أقوال الشاهد محمد طلعت أحمد السيد، عضو الرقابة الإدارية، والذي قرر أنه قام بفحص البلاغ المقدم من مؤسسة الأهرام والجهاز المركزي للمحاسبات، عقب ثورة يناير، بشأن اعتياد رؤساء مجالس إدارة الأهرام خلال الفترة من عام 2001 وحتى 2011 على شراء هدايا لتوزيعها على كبار المسؤولين بالدولة عن طريق الأمر المباشر.
وأضاف الشاهد أن تلك الهدايا العينية كانت هدايا باهظة الثمن بما يقدر تقريباً بمبلغ 268 مليون جنيه في فترة الفحص الأولية، وأن المسؤولية تنحصر في رؤساء مجلس إدارة مؤسسة الأهرام وهم "إبراهيم نافع، ومرسي عطا الله، وصلاح الغمري، وعبد المنعم سعيد".


كذلك أوضح الشاهد أنه لا يوجد أي سند كتابي يفيد باستلام تلك الهدايا، وأن المستفيدين من الهدايا كانوا كبار المسؤولين في الدولة بداية من رئيس الجمهورية وقتها وأسرته ورئيس الوزراء وبعض الوزراء والمسؤولين.







وضمت القضية أيضاً أقوال ميسرة عبد الوهاب، المحامية بمؤسسة الأهرام، والتي أقرّت أن هناك نوعين من الهدايا تقوم مؤسسة الأهرام بتوزيعها في بداية العام الميلادي، الأولى لكبار العملاء، ويتولى الإشراف والتوزيع عليها حسن حمدي، مدير الإعلانات ورئيس النادي الأهلي السابق، والثانية لكبار رجال الدولة، ويتولى الإشراف عليها رؤساء مجلس الإدارة ومعاونوهم.

وأوضحت أنه لا توجد ضوابط أو لوائح منظمة لهذا الأمر، وأنه جرى توزيع الهدايا منذ تولي إبراهيم نافع رئاسة مجلس الإدارة عام 1984، وحتى 2005، ثم من بعده صلاح الغمري ومرسي عطا الله وعبد المنعم سعيد ولبيب السباعي.

وأضافت أن شراء تلك الهدايا وتوزيعها على كبار المسؤولين بالدولة، يرجع لرؤساء مجلس الإدارة ومعاونيهم، وأن التوزيع لتلك الهدايا وتحديد أشخاص كبار المسؤولين يرجع في ذلك لرؤساء مجلس إدارة المؤسسة، وأنه لا يوجد سند قانوني بالمؤسسة يتيح لهم الحصول على هذه الهدايا، بل هو نظام ابتدعه إبراهيم نافع عام 1984 على سبيل المجاملة والتودد.


كذلك ضمّت قائمة الشهود، محمد علي حلمي النجار، المدير العام للإعلانات التجارية بمؤسسة الأهرام، والذي أكد أن الهدايا المتعارف عليها تكون بحد أقصى 10 آلاف جنيه، وأن هناك فرقاً بين المطبوعات الورقية والأجندات وأدوات المكتب والأقلام زهيدة الثمن، والتي تمنح للعملاء، والهدايا ذات القيمة النقدية العالية التي تمنح لكبار رجال الدولة، والأخيرة لا يعرفها غير رؤساء مجلس الإدارة ومعاونيهم والمشرف العام على قطاع الإعلانات.


ومن ضمن الشهود أيضاً، الشاهد عمرو صلاح الدين رشيد عبد العزيز، المدير العام لإدارة المباني بمؤسسة الأهرام، والذي أكد أنه في أثناء فترة تولي صلاح الغمري، رئاسة مجلس الإدارة، كان يسند له (الشاهد) مهمة استلام الهدايا وتوزيعها على المسؤولين، بين عامي 2006 و2007، وعقب ذلك كان يتلقى اتصالات من كبار المسؤولين تفيد استلامهم تلك الهدايا.

وأضاف الشاهد أن رئيس مجلس الإدارة كان يتولّى مهمة تحديد نوعية الهدايا للمسؤولين في الدولة حسب درجته ومنصبه.





وشملت أوراق القضية أقوال الرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي أنكر خلال التحقيقات التهمة المنسوبة إليه من اشتراكه في تسهيل الاستيلاء على المال العام، بتلقيه هدايا في بداية كل عام ميلادي بمعرفة رؤساء مجالس إدارة مؤسسة الأهرام خلال الفترة من عام 2006 وحتى عام 2011 تقدر بمبلغ خمسة ملايين و957 ألف جنيه.

كذلك شملت أيضا أقوال نجله علاء مبارك، والذي أنكر أيضا ما نسب إليه من اتهامات بشأن الاتفاق والمساعدة وتسهيل الاستيلاء على هدايا ثمينة تقدر بمبلغ 2 مليون و127 ألف جنيه، كما أنكر علاقته برؤساء مجالس إدارة مؤسسة الأهرام.

وشملت أيضا أقوال جمال مبارك، نجل "مبارك" الأصغر، والذي أنكر التهم المنسوبة إليه بشأن الاشتراك مع موظفين عموميين لتسهيل استيلائه على هدايا من مؤسسة الأهرام، والبالغة قيمتها مليوناً و973 ألفاً و900 جنيه.

كذلك قام بالتوقيع على أمر الدفع الموجه إلى البنك الأهلي المصري فرع مصر الجديدة، لتحويل مبلغ 9 ملايين جنيه مصري إلى خزينة مؤسسة الأهرام الصحافية، وذلك لسداد قيمة الهدايا المستحقة عليه هو وأسرته جميعاً.

وبسؤال المتهم مرسي إسماعيل عطا الله، رئيس مجلس الإدارة سابقاً، أنكر ما نُسب إليه من جرائم التربح والإضرار بالمال العام وتسهيل الاستيلاء على المال العام، وذلك في غضون فترة رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، والتي بلغت جملتها 18 مليوناً و700 ألف جنيه، وأضاف أن تلك الهدايا كانت تُصرف من مخصص الدعاية والإعلان والتسويق بنسبة 2 في المائة من الإيرادات بداية العام الميلادي، وأن الهدايا كان يتم توزيعها بقرار من مجلس الإدارة بعد موافقة الجمعية العمومية، وبعلم من مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة، وأن هذا لا يعد مخالفة للوائح والقرارات.

وتابع أن الهدايا التي تم منحها للمسؤولين في خلال العامين اللذين تولى فيهما مجلس الإدارة تكلفت 40 مليون جنيه، وأنه لا توجد اعتراضات من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات على صرف هذه المبالغ للهدايا.

وبسؤال المتهم صلاح الدين أحمد الغمري، رئيس مجلس الإدارة سابقاً، أنكر ما نسب إليه من جرائم التربح والإضرار بالمال العام وتسهيل الاستيلاء على المال العام، في فترة رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، والتي بلغت جملتها 38 مليوناً و700 ألف جنيه.

وبسؤال المتهم عبد المنعم سعيد رئيس مجلس الإدارة سابقا، أنكر ما نسب إليه من جرائم التربح والإضرار بالمال العام وتسهيل الاستيلاء على المال العام، في فترة رئاسته، وأكد أن تلك الهدايا كانت تُصرف من مخصص الدعاية والإعلان والتسويق بقرار من مجلس الإدارة، وبعلم من مجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة.

وقبلت محكمة جنايات القاهرة سابقاً الاستئناف (التظلم) المقدم من النيابة العامة، وقررت إلغاء القرار الصادر من قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة بألا وجه لإقامة الجناية في القضية، بعد أن سدد عدد من المتهمين المبالغ المالية المستحقة عليهم قيمة تلك الهدايا التي حصلوا عليها، غير أن النيابة العامة قدمت استئنافاً على القرار أمام محكمة الجنايات، مطالبة باستكمال التحقيقات.