مصر: مطالبات محلية ودولية بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً

19 مايو 2020
مات المخرج المصري شادي حبش داخل السجن (تويتر)
+ الخط -
طالب ثلاثة من أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (حكومي)، بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطياً، والإفراج عن كل من تجاوز المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز قانوناً أن تتجاوز سنتين، كما نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بتعامل السلطات المصرية مع المحبوسين احتياطياً.​

وقال الأعضاء راجية عمران، وكمال عباس، وجورج إسحق، في بيان مشترك، اليوم الثلاثاء: "في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، وانتشار الخوف من خطر انتشار فيروس كورونا، نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بقيم العدالة والإنصاف، لنؤكد على مطالبنا بمراجعة شاملة لملف المحبوسين احتياطياً، والذي يبدأ حتماً بالإفراج عن كل من تجاوز المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي لا يجوز في جميع الأحوال أن تتجاوز سنتين وفقا لقانون الإجراءات الجنائية، وهو ما كان يجب تنفيذه في حق شادي حبش قبل وفاته بالسجن".

وأضاف البيان: "يجب أن يتم تنفيذ الإفراج الفعلي عمن تجاوزوا مدة الحبس الاحتياطي، من دون إعادة حبسهم على ذمة قضايا جديدة"، كما طالب الأعضاء الثلاثة بـ"ضمان تمتع المحبوسين في السجون بحقوقهم في دخول الأغذية، والاتصال التلفوني، وتبادل الخطابات، وهي حقوق مكفولة بموجب قانون تنظيم السجون، ولائحة السجون المصرية".

ولا توجد أرقام رسمية تحدد عدد المحبوسين احتياطيا في مصر. وقدّر رئيس لجنة حقوق اﻹنسان في مجلس النواب، علاء عابد، عدد المحبوسين احتياطياً حتى يناير/كانون الثاني 2018، بما بين 25 و30 ألف سجين، من إجمالي عدد السجناء الذي يقارب 65 ألفاً.


وفي السياق ذاته، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، إن السلطات المصرية احتجزت المئات في الحبس الاحتياطي دون أن تتظاهر حتى بإجراء مراجعة قضائية لاحتجازهم، إذ استخدمت السلطات الأمنية والقضائية تفشّي وباء كورونا كذريعة لتعليق الجلسات المخصصة لنظر تجديد الحبس، بينما لجأت المحاكم والنيابات إلى تمديد الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي منذ منتصف مارس/آذار الماضي.

وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك: "نزع فيروس كورونا آخر ورقة تغطي عورات نظام الحبس الاحتياطي المجحف للغاية في مصر، إذ توقف معه حتى التظاهر الشكلي بإجراء مراجعة مستقلة. على السلطات المصرية أن تُنهي الاستخدام المُفرِط للحبس الاحتياطي بدلا من جعله القاعدة".

وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى خمسة محامين حقوقيين وناشط حقوقي في القاهرة، فضلاً عن محام في الإسكندرية، وآخر خارج البلاد، وقالوا جميعا إن نيابة أمن الدولة العليا وقضاة المحاكم الجنائية جددوا أوامر الحبس الاحتياطي، بما يشمل تلك الخاصة بموكليهم، دون نقل المحتجزين إلى الجلسات، أو إتاحة فرصة للمحامين لتقديم دفوعهم.



وقال المحامون إن السلطات لم تعقد جلسات لتجديد الحبس منذ منتصف مارس/آذار، وهي الفترة التي شهدت الإغلاق الجزئي للمحاكم ضمن التدابير المتصلة بفيروس كورونا، ومددت نيابات أمن الدولة العليا والمحاكم الجنائية المسؤولة عن مراجعة الحبس الاحتياطي عندما يتخطى خمسة أشهر، قرارات الحبس الاحتياطي بشكل شبه تلقائي لجميع المحتجزين الذين كان من المقرر النظر في تجديد حبسهم.
وأكدت المنظمة أنه "تُوجب القوانين الدولية والأفريقية على السلطات أن تستخدم الحبس الاحتياطي كاستثناء، لا كقاعدة، وفقط عند وجود ضرورة واضحة لأسباب محددة، من ضمنها خطر الهرب، والتهديدات التي قد تلحق بالشهود، ولأقصر فترة ممكنة. لكن في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لجأ القضاة ووكلاء النيابات بشكل تلقائي إلى إبقاء آلاف الأشخاص رهن الحبس الاحتياطي، غالبا دون أدلة على ارتكابهم مخالفات، ولمجرد ممارستهم حقهم في التجمع السلمي وحرية التعبير".
واعتبرت المنظمة أن العملية التي اتُخِّذت من خلالها قرارات تجديد الحبس الأخيرة "تُخالف أيضا قانون الإجراءات الجنائية المصري، الذي يطالب القضاة ووكلاء النيابة بالاستماع إلى دفوع المدعى عليهم قبل الأمر بالحبس الاحتياطي أو تجديده".
وتابعت هيومن رايتس ووتش: "نادرا ما تُفرج نيابات أمن الدولة العليا والمحاكم الجنائية عن المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي، أو تعرض أدلة تبرر استمرار احتجازهم، كما يحتجز الكثير من المتهمين دون محاكمة لأكثر من عامين، وهي أقصى مدة يسمح بها القانون المصري للحبس الاحتياطي. في بعض القضايا عندما تأمر السلطات بإخلاء سبيل الشخص، تسارع النيابة إلى إضافته إلى قضية جديدة، وهي عملية وصفتها جماعات حقوقية مصرية بـ(التدوير)، وقد حدثت مع الصحافيين مصطفى الأعصر ومعتز ودنان".