بدأت وزارة الداخلية المصرية بوضع خطة تأمين الكنائس خلال احتفالات عيد الميلاد، تحسّباً لوقوع عمليات استهداف للمسيحيين خلال الشهر المقبل. وتسود حالة من القلق لدى الأجهزة الأمنية والاستخباراتية من تنفيذ أي عمليات إرهابية خلال احتفالات رأس السنة وعيد الميلاد، ما يضاعف من عملية التأمين.
وبدأت خلايا تنظيم "داعش" خارج سيناء بوضع استراتيجية جديدة لدائرة الاستهداف في مصر، من خلال وضع الكنائس والمسيحيين في دائرة الاستهداف، بداية من ديسمبر/ كانون الأول 2016 بتفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وتبع تفجير الكنيسة البطرسية استهداف كنيستين في محافظتي الإسكندرية والغربية في إبريل/ نيسان الماضي. وفي مايو/ أيار الماضي أقدم عناصر "داعش" على استهداف حافلة تقل مسيحيين في محافظة المنيا. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الداخلية ستقوم بتأمين احتفالات عيد الميلاد، بنحو 230 ألف رجل شرطة من قطاعات الأمن الوطني، والعام، والمركزي، والنجدة، والمرور، والحماية المدنية، والمرافق. ومن المقرر تأمين 2626 كنيسة، مقسمة على 1326 كنيسة أرثوذكسية، و1100 كنيسة بروتستانتية، و200 كنيسة كاثوليكية، بحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية.
وقالت مصادر أمنية خاصة إن الأزمة في تأمين احتفالات عيد الميلاد ليست بوضع خطة محكمة للتأمين، ولكنّ هناك قلقاً شديداً من الاختفاء المريب لخلايا "داعش" خارج سيناء. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن ثمة تنسيقاً بين جهاز الأمن الوطني وجهات سيادية لتنسيق عمليات التأمين، والأهم هو تبادل المعلومات حول تحركات العناصر الإرهابية. وتابعت أن جهاز الأمن الوطني كثّف محاولاته، خلال الشهرين الماضيين، للوصول إلى أي طرف خيط لكشف تحركات العناصر الإرهابية قبل احتفالات عيد الميلاد، من دون أي معلومات مؤكدة، وهو ما يزيد المخاوف من إمكانية تنفيذ عمليات بعيداً عن أعين الأمن.
ولفتت إلى أن اختفاء العناصر الإرهابية منذ مايو/ أيار الماضي، وعدم تنفيذ أي عمليات، حتى لو صغيرة، يعود إلى رغبة هذه المجموعات في عدم كشفها وتفكيك تلك الخلايا، إذ إن تنفيذ العمليات والتحركات فرصة لالتقاط خيوط هذه الجماعات. وأبدت المصادر ذاتها تخوّفها من أن يكون هذا الاختفاء مقدمة للإعداد لعملية كبيرة في احتفالات عيد الميلاد، بما يعكر صفو الهدوء والاستقرار الحالي في العاصمة القاهرة. وأشارت إلى أن هناك تشديدات من الوزير شخصياً لكل قطاعات الوزارة على إحباط أي تحركات للعناصر الإرهابية، بناء على تعليمات من رئاسة الجمهورية والرئيس عبد الفتاح السيسي شخصياً. ولفتت إلى أن تعليمات مشددة وُجهت إلى كل قطاعات الوزارة بأن أي تقصير سيواجه بكل حزم وقد تترتب عليه عقوبات شديدة، بما يستدعي اتخاذ أقصى درجات الاستنفار والتأمين المشدد واليقظة. وحول حملات الاعتقالات التي نفذتها الأجهزة الأمنية منذ الشهر الماضي، أوضحت المصادر أن هذه الاعتقالات بعضها "عشوائي"، في محاولة لفك طلاسم اختباء عناصر "داعش"، وكل شخص لن يكون متورطاً في شيء سيتم إطلاق سراحه. وأكدت أن كل كنيسة ستكون مسؤولية القسم التابع لها، لناحية زيادة الوجود الأمني في محيطها، وعدم وقوف أي سيارات خارج أسوارها، إضافة إلى نشر عناصر أمنية سرية لإحباط أي تحركات مريبة.
وعن إمكانية تنفيذ عمليات إرهابية في ظل التشديدات الأمنية والتأمين، لفتت إلى أنه في السابق كانت المجموعات الإرهابية لا تنفذ عملياتها خلال المناسبات العامة، أو الاحتفالات، لأنها تدرك الوجود الأمني المكثف، ولكن هذه المعادلة باتت متغيّرة قليلاً، والدليل تفجير كنيستي محافظتي الإسكندرية والغربية خلال إبريل/ نيسان الماضي. وأوضحت أن العمليات الإرهابية باتت متوقعة في أي وقت، وهو ما يستدعي ضرورة اليقظة تماماً واستنفار كل القوات منذ الآن وحتى انتهاء احتفالات عيد الميلاد. ووجه وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، بضرورة مراجعة كل إجراءات تأمين الكنائس، من وجود بوابات كشف المعادن والمتفجرات والتأكد من عملها بكفاءة عالية، وعمل الكاميرات بصورة جيدة وتغطية كافة أروقة الكنيسة، وعدم الدخول إلى الكنائس إلا بالبطاقة.