مصر: قرب محاكمات "التمويل الأجنبي" للانتقام من شباب الثورة

15 مايو 2017
جمعيات النائب السابق محمد أنور السادات مستهدفة بالتحقيقات(العربي الجديد)
+ الخط -
اقترب موعد بدء محاكمة ناشطين مصريين في المجالين الحقوقي والمدني، بتهم تلقي أموال من الخارج من أجل ما يعتبره النظام إثارة الشعب ضد النظام عام 2011 والتسبب بالفوضى حتى عام 2013، وهو ما يعني فعلياً بدء محاكمة ناشطي ثورة يناير 2011 في مصر. هذا ما تكشف عنه تصريحات مصادر قضائية وحقوقية مصرية مفادها أن هيئة التحقيق القضائية المختصة بالقضية المعروفة إعلامياً بـ"التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني" ستعقد جلسات تحقيق فردية مع عدد من المتهمين في القضية، اعتباراً من الأسبوع الحالي وحتى نهاية شهر يونيو/حزيران المقبل، وذلك كإجراء ختامي قبل إعلان إحالة القضية إلى محكمة الجنايات. وحققت هيئة التحقيق التي يرأسها القاضي، هشام عبدالمجيد، يوم السبت، مع عدد من محامي "مركز هشام مبارك للقانون". كما أعلن الحقوقي، محمد زارع، من "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" أنه سيمثل للتحقيق اليوم الاثنين. وأضافت المصادر القضائية أن هيئة التحقيق التي يرأسها القاضي عبدالمجيد انتهت من التحقيقات في القضية بنسبة 90 بالمائة تقريباً، وأنها حددت القائمة الأولية للمتهمين الذين سيحالون إلى محكمة الجنايات، إذ يزيد عددهم على 30 شخصاً، جميعهم ممنوعون من السفر ومعظمهم ممنوع من التصرف في أمواله، كما أن جميعهم ناشطون في المجال الحقوقي داخل وخارج مصر، لكنهم كانوا يعملون في مصر خلال الفترة الممتدة من عام 2010 إلى عام 2015.

وأوضحت المصادر أن المتهمين سيحالون للمحاكمة مطلقي السراح، وسوف يكون للمحكمة بعد أول جلسة، تقدير الحاجة لحبسهم أو عدمه، مشيرة إلى أن التحقيقات تتضمن "اتهام منظمات حقوقية محلية شهيرة كالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز نظرة للدراسات النسوية، ومكتب المحامي نجاد البرعي، وأحزاب سياسية ومراكز تنموية مصرية وأميركية وألمانية، بتلقي مليارات الدولارات للتمهيد لأحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011، وإثارة الشعب على نظام الحكم القائم، وافتعال حالة من الفوضى حتى 30 يونيو/حزيران 2013"، بحسب ما أوردت المصادر. وكانت هيئة التحقيق بصدد إعلان أدلة اتهام جديدة لبعض المنظمات المصرية والأميركية والأوروبية في إبريل/نيسان 2017، ثم تلقت تعليمات من الدائرة الاستخباراتية-الرقابية المحيطة بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بإرجاء الإعلان إلى ما بعد عودته من زيارته الأخيرة لواشنطن في إبريل الماضي.


وكانت أحدث إجراءات التحقيق في القضية تمثلت باستدعاء عدد من العاملين بالجمعيات المملوكة للنائب السابق، محمد أنور عصمت السادات، بتهم مختلفة منها تلقي أموال من جهات أجنبية معادية لمصر وإخفاء أرباح الجمعيات والمساعدات التي تتلقاها من الداخل والخارج وممارسة أنشطة تجارية دون تسجيل مسبق ودون أداء الضرائب المستحقة عليها للدولة. والهدف من هذه الإجراءات يتمثل في مواصلة التنكيل بالسادات بعد فصله من البرلمان أخيراً، ومحاولة منع شقيقه عفت السادات من الترشح على مقعده في الانتخابات التشريعية التكميلية المقررة الشهر المقبل.

وكان من المقرر أن توجه الهيئة استدعاءات للسادات نفسه والعاملين معه في الجمعيات الخاصة به، وذلك بعدما صدر قرار بمنعهم من السفر، وكذلك استدعاء المسؤولين الماليين بهذه الجمعيات إلى نيابة مكافحة التهرب الضريبي، أسوةً بمديري عدد من المراكز الحقوقية الذين تم التحفظ على أموالهم سلفاً بقرارات قضائية. وأشارت تقارير أعدتها لجنة مشتركة من وزارة المالية ومصلحة الضرائب ووزارة التضامن ووحدة مكافحة غسيل الأموال، إلى اتهام جمعيات السادات بين أكثر من 20 مركزا حقوقيا، بالتهرب الضريبي وبغسيل الأموال.

وأنهت نيابة التهرب الضريبي تحقيقاتها بشأن عدد من الحقوقيين الذين لم يسددوا الضرائب إلى الدولة أو سددوا نسبة قليلة أو متلاعباً فيها، وسيحيل النائب العام بدوره قرار الاتهام إلى هيئة التحقيق القضائية، حتى يتم تحريك القضية إلى محكمة الجنايات ككتلة واحدة بمختلف الاتهامات المتضمنة فيها، فيما لا تزال القضية المحظور نشر تفاصيلها في الإعلام المصري بحوزة وحدة مكافحة غسيل الأموال ودعم الإرهاب التي يرأسها القاضي، أحمد السيسي، شقيق رئيس الجمهورية. وقد طلبت الوحدة من جهازي الاستخبارات والرقابة الإدارية تقارير إضافية عن عدد من المراكز التي لم يتم الاستعلام عنها من قبل، تمهيداً لإحالتها لقضاة التحقيق المنتدبين.