سادت حالة من الاستياء والدهشة من قانون "الكيانات الإرهابية"، الذي أصدره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ودخل حيز التنفيذ أمس الخميس، بالصورة التي جاء عليها. وينظر سياسيون وخبراء حقوقيون إلى القانون على أنّه "فضفاض في تحديده للكيانات والأشخاص الإرهابيين، وقد ينسحب تطبيقه على معارضي النظام الحالي"، معتبرين أنّه "ليس إلا محاولة لتكميم الأفواه من النظام الحالي، فضلاً عن إقصاء المعارضين ومنعهم من المشاركة في الانتخابات".
ويقول الناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين، محمد الشافعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهدف من القانون محاولة إقصاء المعارضين، في ظلّ محاولات من النظام الحالي لتكميم الأفواه"، لافتاً إلى أن "النظام الحالي يحاول إدراج أي مؤسّسة أو جماعة أو حركة تحت بند الإرهاب، ليسهل السيطرة عليها في إطار القانون".
ويشير إلى أنّه "بات أي شخص أو حركة معارضة للنظام الحالي مهددا بتهمة الإرهاب، ويواجه السجن بعقوبات مشددة"، معتبراً أنّ "النظام الحالي يستغل القانون الجديد لصالحه لوأد أي حراك رافض له، علماً أن السيسي جاء في الأساس من خلال التظاهرات".
ويعطي القانون الجديد، وفق الشافعي، سلطات واسعة للنيابة العامة، فضلاً عن سلطات أوسع للأجهزة الأمنية، من خلال إعداد محاضر تحرّيات تثبت تورّط أي شخص ما في أعمال إرهابية، لمجرد معارضته النظام الحالي. ويبدي الشافعي رفض "فكرة إطلاق اليد في تحديد مفهوم الكيانات الإرهابية"، لافتاً إلى أنّ "أي أحد أو مؤسسة أو حركة باتوا في نظر القانون إرهابيين... أي أننا كلنا إرهابيون".
اقرأ أيضاً: السيسي يصدر قانون إنشاء قوائم الإرهاب المصرية
وفي سياق متصل، يعتبر القيادي في الجبهة السلفية، مصطفى البدري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "قانون الكيانات الإرهابية ليس إلا إفلاساً من نظام السيسي في مواجهة المعارضين له"، مضيفاً: "النظام الحالي لم تكفِه الاعتقالات والقتل والتعذيب، وما رضي إلا بتحويل الجميع إلى إرهابيين".
ويعرب البدري عن اعتقاده بأنّ "النظام الحالي يشعر ربّما بقرب نهايته، ويريد وضع قوانين لمحاولة حمايته، وبقائه في السلطة أكبر فترة ممكنة"، لافتاً إلى "إعطاء القانون للنيابة العامة سلطات واسعة، لاعتبار أي كيان إرهابيا لمدة 3 سنوات، بدون حكم قضائي، وهو ما يسمح بتدخّل أهواء شخصية، وتدخّل السلطة في أعمال القضاء".
وفي موازاة إشارته إلى أنّ "النظام الحالي جاء بالتظاهرات، وهو يريد الآن منعها تماماً، فضلاً عن أنه يحاول الآن شرعنة الإجراءات القمعيّة التي تطال المعارضين"، ينتقد مصدر حقوقي لـ"العربي الجديد"، قانون الكيانات الإرهابية الذي يعتبره بمثابة "التفاف على قانون العقوبات".
ويقول المصدر، وهو محام، إن القانون "لم يقدم جديداً عن قانون العقوبات، سوى التوسّع في تصنيف الكيانات الإرهابيّة"، ويستنتج أنّ "النظام الحالي يريد التوسع في التنكيل بالمعارضين"، متسائلاً: "ألا يكفي ما نشاهده من محاكمات هزليّة أمام القضاء؟".
ويشدد على أنّ "القانون بصيغته الحالية توسّع ليشمل كلّ من يدعو حتى إلى التظاهر"، ويضيف: "القانون يحتاج إلى قانون آخر لتفسير ما جاء فيه"، مشيراً إلى وجود "عبارات فضفاضة جداً مثل التحريض". ويسأل: "هل تُعتبر الثورة على النظام الحالي تحريضاً؟ أليس وصول السيسي إلى الرئاسة كان بسبب ما سماه هو ثورة 30 يونيو؟".
من جهته، يرى خبير قانوني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهدف من إصدار قانون الكيانات الإرهابية الجديد في هذا التوقيت، هو منع الإسلاميين أو المعارضين للنظام الحالي من المشاركة في أي انتخابات مقبلة"، لافتاً إلى أنّ "القانون بمثابة خروج من مأزق تجميد ومصادرة أموال المعارضين السياسيين للنظام". ويعتبر أنّ "القانون يُضفي شرعية على عمليات تجميد الأرصدة، التي طالت العديد من رموز المعارضة".
وتلفت "الجماعة الإسلامية"، في بيان صادر عنها، إلى أنّ "القانون لن يُسهم في حل مشكلة الإرهاب؛ بل قد يكون سبباً في تفاقمها"، مشيرة إلى احتوائه على "العديد من البنود الخطيرة التي يمكن أن تمتد إلى العمل السلمي، بالحظر، وإلى المعارضين السياسيين، بالقمع". وتنبّه إلى أن "القانون يمثل اعتداء صارخاً على الدستور وقواعده الراسخة، وهو ما يجعله عرضة للحكم بعدم دستوريته مع أول تطبيق له، بالإضافة إلى تناقضه مع المعايير الدولية؛ بحيث يمكن تسميته قانون تجريم الكيانات السلمية".
اقرأ أيضاً: قانون "الكيانات الإرهابيّة" لا يسري على "الإخوان"
وتحدد الجماعة أبرز مشكلات القانون بـ"تعريف الإرهاب تعريفاً غير دقيق ولا منضبط، يؤدي إلى التوسّع فيما يمكن وصفه إرهاباً لأعمال لا تتناسب نهائياً مع خطورة التهمة وما يتبعها من عقوبات، مثل استخدام عبارات مطاطة بدون وجود معيار لتفسيرها مثل "إيذاء الأفراد"، و"إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو الآثار"، و"سلامة المجتمع"، و"الاعتداء على الحرية الشخصية"، و"تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة أو عرقلة سيرها" كما نصت المادة الأولى من القانون.
وتعتبر الجماعة، في بيانها، أنّ "القانون يتنافى مع أبسط قواعد العدالة المتمثلة في نص القانون، على أنه لا يشترط ثبوت ارتكاب كيان أو شخص ما لجرائم محددة مبينة في القانون، بل يكتفي باتهام النيابة وصدور قرار من الدائرة المختصة لإدراجه على قوائم الإرهاب، وهو ما يترتب عليه العقوبات المنصوص عليها في المادة (7) من القانون"، من دون أن تستبعد "إمكانية توظيف القانون للتخلص من المنافسين السياسيين، بمعاقبة أي شخص منهم بالحرمان من تولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية بفقدان "شرط حسن السمعة والسيرة"، كما نصت عليه المادة السابعة، وذلك من دون صدور حكم قضائي نهائي وباتّ بالمخالفة لقانون مباشرة الحقوق السياسية والمادة (17) من قانون الأحزاب السياسية".
ويحذّر من أنّ سريان القانون "داخل أو خارج البلاد"، وفق ما تنص عليه المادة الأولى، "يؤدي إلى تجريم المقاومة المشروعة للشعوب ضد المحتل والتي توافقت الأمم والشعوب والقوانين والأعراف الدولية على مشروعيتها"، وتتوقّع "عدم تحقيق القانون غرضه في محاصرة الإرهاب أو القضاء عليه".