رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مصر، مرور عام على "الحكم السياسي الجائر تحت غطاء قضائي، بالتحفظ على أموال مديرها، جمال عيد، ضمن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية المستقلة في القضية السياسية المعروفة بـ"قضية المجتمع المدني رقم 173".
وذكرت الشبكة في بيان، اليوم الإثنين، إن تلك القضية ما كانت إلا "جزءاً من حملة عنيفة يشنّها النظام المصري المُمعِن في عدائه لحقوق الإنسان والديمقراطية، وبالطبع ثورة يناير".
وتشمل التحقيقات في القضية، منذ عام 2011، العديد من منظمات المجتمع المدني، والتي يبلغ عددها 41 منظمة تلقّت منحاً أميركية، و4 منظمات تلقت منحاً وتمويلاً من دول غير الولايات المتحدة، وتم توجيه اتهامات لتلك المنظمات بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بغير ترخيص، وتسلم وقبول أموال ومنافع من هيئات خارج مصر لتأسيس فروع لمنظمات دولية، والاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة على ارتكاب جريمة إدارة فروع لمنظمات ذات صفة دولية بدون ترخيص فى مصر.
وبدأ التحقيق في قضية تمويل منظمات محلية وأجنبية في يوليو/تموز 2011، بعد 5 أشهر من تنحي الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وأدى إلى إدانة وإغلاق مكاتب 5 منظمات دولية غير حكومية، ويتولاه حالياً لجنة من 3 قضاة اختارتهم محكمة استئناف القاهرة بناء على طلب وزارة العدل.
وأصبحت مقاضاة قيادات المنظمات غير الحكومية المصرية، على خلفية اتهامات مرتبطة بنشاطاتهم في مجال حقوق الإنسان تشكل خطرًا وشيكًا على استمرار عمل تلك المنظمات في مصر؛ فعلى مدى الشهور الثلاثة الأخيرة، أصدر قضاة التحقيق في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية التمويل الأجنبي"، أربعة أوامر جديدة بالمنع من السفر بحق حقوقيين مصريين، وفي الأشهر الستة الماضية نالت تلك الإجراءات من 12 منظمة حقوقية مستقلة على الأقل، ما بين قرارات بالمنع من السفر، وأوامر بتجميد الأموال، واستدعاء للعاملين بتلك المنظمات ومديريها، بالإضافة إلى قرارات بالغلق لبعضها.
وبناءً على تلك القرارات، ارتفع إجمالي الحقوقيين الممنوعين من السفر على خلفية القضية إلى 12 حقوقياً وحقوقية، فضلاً عن استدعاء 5 آخرين للتحقيق، ليصبح إجمالي المطلوبين للتحقيق بشأن نشاطهم الحقوقي 17 شخصاً.
وفي سبتمبر/أيلول 2014، أدخل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعديلات على قانون العقوبات؛ تشدد العقوبة على تلقِّي الأموال من مصادر أجنبية بهدف "الإضرار بالمصلحة القومية"، وإزاء الشجب الدولي لهذه التدابير، تراجعت الحكومة عن قرارها القاضي بالحلّ الفوري لسائر المنظمات التي تنفذ أنشطة متصلة بالمجتمع المدني من دون أن تكون مسجلة في أواخر عام 2014، ولكنها عادت من جديد إلى تنفيذ تلك التدابير بشكل مبطّن قانونياً وأقلّ وضوحاً.
وفي ما يتعلق بموقف الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القضية، قضت محكمة في القاهرة في 17سبتمبر/أيلول 2016، بمنع مدير الشبكة وبعض المؤسسات الحقوقية المستقلة ومديريها من التصرف في أموالهم، بناء على طلب قاضي التحقيق، و"الذي استند بدوره على تحريات مفبركة وكاذبة لأحد ضباط البوليس السياسي المعروف بأمن الدولة، دونما تحقيقٍ جاد" بحسب البيان.
وأشار البيان، إلى تعرض الشبكة ومديرها لـ"انتهاكات وإجراءات قانونية استخدم فيها القضاء والإعلام وجهاز البوليس السياسي، منها حملة تشهير إعلامية رخيصة بمساعدة بعض الصحف الصفراء، وتهديدات هاتفية بتلفيق قضايا وانتقام، إذا لم يلتزم الصمت، عبر أرقام خاصة لا تتوافر سوى لأجهزة الدولة، ومنع مدير الشبكة من السفر منذ 4 فبراير/شباط 2016، واستدعاءات بوليسية لبعض العاملين بالشبكة العربية كجزء من حملة تخويف، فضلاً عن محاولة تجنيد بعض العاملين بالشبكة العربية ليكونوا مخبرين لدى أمن الدولة".
كما شملت الانتهاكات "إغلاق مكتبات الكرامة العامة الست التي أنشأها مدير الشبكة العربية بالأحياء الشعبية من قيمة جائزة المدافع عن الكرامة الإنسانية التي حصل عليها في ألمانيا سنة 2011، بتواطؤ من مرشحة مصر لمنصب يونسكو، مشيرة خطاب، وحجب موقع الشبكة العربية دون أسباب أو احترام للقانون والدستور"، حسب ما جاء في البيان.
وأكدت الشبكة العربية أنها قررت مثل المؤسسات الحقوقية المستقلة، مواصلة عملها ورفْض فكرة التواطؤ من حيث المبدأ، وأن "الدفاع عن سيادة القانون والعدالة وحقوق الإنسان رغم صعوبته، إلا أنه يصبح الخيار الوحيد والأهم، في مواجهة نظام بوليسي يعمل بدأب على وهم تثبيت أركان الاستبداد على حساب حقوق الفقراء والمعارضين والمطالبين بالديمقراطية".