لم يقتصر تخبط الحكومة المصرية على التراجع عن القرارات غير مدروسة ثم العدول عنها فحسب، بل وصل الأمر إلى اتخاذ قرارات تهدد مستهدفات الحكومة، وتعيق تنفيذ مخططاتها.
ففي الوقت الذي تخطط فيه الحكومة لطرح أسهم شركات ومصارف مملوكة للدولة بالبورصة المصرية، خلال العام الحالي، بزعم جذب المستثمرين، قامت باتخاذ قرارات عشوائية تساهم في محاصرة مخططاتها، فتخرج النتائج كالعادة عكس المستهدفات.
وقلل محللون ومراقبون في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" من إمكانية تحقيق النتائج المرجوة لطروحات البنوك والشركات المستهدفة بالبورصة، بسبب فرض ضريبة دمغة تصاعدية على تعاملات البيع والشراء، إضافة إلى توجهات المستثمرين لأذون الخزانة والسندات المصرية بعد رفع الفائدة لمعدلات هي الأعلى عالميا، إلى جانب الوضع السيئ للاقتصاد المصري بشكل عام.
وإلى جانب فرض مزيد من القيود والأعباء على مستثمري البورصة بإقرار ضريبة دمغة تصاعدية على البائع والمشتري، فإن رفع العائد على أذون الخزانة يمثل عبئا إضافيا على البورصة باعتبارها أدوات استثمارية مضمونة العائد وقد يفضلها المستثمرون على الاكتتاب في الطروحات الجديدة.
وأقر مجلس الوزراء المصري قبل أيام، مشروع قانون ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة المصرية على ثلاث مراحل، وقال في بيان رسمي، إن التعديل يأتي في ضوء السياسة الضريبية التي تنتهجها الحكومة، بهدف تحقيق العدالة الضريبية، وتحميل كل ممول بالعبء الضريبي الذي يتناسب مع مقدرته على الدفع.
وأشار البيان إلى أن عبء الضريبة يتحمله مناصفة كل من البائع والمشتري على ثلاث مراحل مختلفة، المرحلة الأولى تطبق بنحو 1.25 في الألف لمدة عام على البائع والمشتري، ونحو 1.5 في الألف في العام الثاني، و1.75 في الألف في العام الأخير.
وسبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان وعدم دستورية فرض ضريبة الدمغة النسبية على البورصة في سبتمبر/أيلول عام 1996.
وقالت المحكمة إن الضريبة يجب أن يكون محلها إيراد دوري متجدد، فإذا كان استمرار فرضها يؤدي لتآكل الوعاء، كان فرضها منافيا للدستور.
وأكد خبراء بأسواق المال أن فرض ضريبة الدمغة بهذه القيمة المتصاعدة لمدة 3 سنوات على معاملات البورصة سيكون له تأثير سلبي على أداء السوق المصري، وسيزيد من العبء والتكلفة على التعاملات وأحجام التداول.
وتخطط الحكومة المصرية لتحصيل ما بين 6 إلى 8 مليارات جنيه (بين 335 و445 مليون دولار) سنويا، عن طريق طرح حصص من الشركات العامة والبنوك في البورصة، ضمن برنامج للإصلاح الاقتصادي تتبناه الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذى وافق على إقراضها 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، وتسلمت مصر دفعتين منه.
وكان آخر طرح لشركات حكومية في البورصة في عام 2005 حينما تم طرح أسهم المصرية للاتصالات، وأموك، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
وكشفت مصادر مصرفية عن اتجاه حكومي مرتقب لبيع 49% من أسهم بنك القاهرة (ثالث أكبر بنك حكومي) عن طريق بيع 29% من أسهم البنك لمستثمر رئيس، وطرح 15% من الأسهم في البورصة المصرية، مع طرح شهادات إيداع دولية في بورصة لندن بنسبة 5%.
وقال نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كوجك، في وقت سابق، إن الحكومة اختارت المجموعة المالية "هيرميس" وبنك "إتش. إس. بي. سي" لإدارة طرح حصة من بنك القاهرة في البورصة.
وقال المحلل المالي وخبير أسواق المال، سامح حسين، إن البورصة المصرية تمر بمرحلة عدم استقرار وتذبذب واضح متأثرة بأجواء الاقتصاد العام، مؤكدا أن الوقت الحالي غير مناسب للطروحات الجديدة.
وأوضح لـ "العربي الجديد" أن الحكومة قد تؤجل تلك الطروحات خاصة وأنها أعلنت أن الطروحات ستكون في الربع الأول من عام 2017، وهي المهلة التي انتهت دون الإعلان عن خطوات جادة في ملف الطروحات العامة.
وكانت الرئاسة المصرية أعلنت في يناير/كانون الثاني 2016، أن مصر ستطرح حصصًا في الشركات والبنوك الحكومية "الناجحة" في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، وهو ما لم يبدأ حتى الآن بعد مرور أكثر من عام على الإعلان عن هذا الإجراء.
اقــرأ أيضاً
وأشار المحلل المالي بإحدى شركات الأوراق المالية العاملة في مصر، محمد عادل، إلى أن الحكومة عندما تفكر في اتخاذ قرار أو إصدار قانون لا تنظر لانعكاساته على القطاع المعني به، وإنما تفكر فقط في الحصيلة المالية التي ستعود عليها جراء تطبيق القانون أو إصدار قرار مفاجئ يربك السوق، وهو ما ينطبق حرفيا على قرار فرض ضريبة دمغة تصاعدية على تعاملات البورصة انتظارا لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وتخوف عادل خلال حديثه مع "العربي الجديد"، من فشل الحكومة في إتمام الطروحات الجديدة في ظل توجه المستثمرين للاستثمار في أذون الخزانة والتي يقترب العائد عليها إلى 20% وهي معدلات تعد الأعلى عالميا.
وأشار عادل إلى أن الحكومة تستهدف جمع 6 مليارات جنيه خلال السنة المالية المقبلة 2017-2018 من الطروحات الأولية لشركات حكومية في البورصة، بحسب تصريحات وزير المالية المصري عمرو الجارحي، وهو الأمر الذي يراه عادل أقرب للمستحيل مستندا إلى سوء أوضاع الاقتصاديات الدولية وكذلك الاقتصاد المصري وهو ما يقلل من رغبة المستثمرين وقدرتهم على المخاطرة والدخول في أسواق جديدة.
ولمح خبير أسواق المال إلى التأثير السلبي لإقرار فرض ضريبة دمغة على حجم التعاملات وعزوف المستثمرين عن التعامل في البورصة المصرية سواء من المحليين أو الأجانب، وهو الأمر نفسه بشأن قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية الذي تظهر تداعياته السلبية كل فترة بمجرد العودة للحديث عن اقتراب تطبيقه.
وكانت مصر قد فرضت ضريبة دمغة على البائع والمشتري في معاملات البورصة في مايو/أيار 2013، قبل أن توقف العمل بها وتفرض ضريبة بنسبة 10% على التوزيعات النقدية والأرباح الرأسمالية في يوليو/تموز 2014. وبعد اعتراضات قوية من المستثمرين والقائمين على السوق، جمدت الحكومة في مايو/أيار 2015 العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين حتى مايو/أيار 2017. وقرر المجلس الأعلى للاستثمار لاحقا تمديد العمل بالتجميد حتى مايو/أيار 2020.
وأكد المحلل الفني بإحدى شركات الوساطة المالية، مصطفى حسن، أن النسب المقترحة للضريبة ستؤثر سلبا على تعاملات البورصة، مستنكرا موقف الحكومة في سعيها للحصول على ملايين الجنيهات من حصيلة ضريبة الدمغة على حساب مليارات الجنيهات تستهدف الحكومة جمعها من الطروحات المرتقبة خلال العام الحالي 2017.
ومن المتوقع أن يشهد النصف الأول من العام الجاري ستة طروح كبيرة، فالإضافة إلى بنك القاهرة، تخطط المجموعة المالية "هيرميس"، لطرح شركة راية لمراكز الاتصالات قبل نهاية النصف الأول من العام الحالي في البورصة، كما يخطط بنك الاستثمار بلتون المالية القابضة، لتنفيذ طرح شركتي إم إم غروب، والفراشة للطباعة في البورصة خلال النصف الأول من 2017.
وتسعى مجموعة مصر إيطاليا لاستئناف خطة طرح 20% من أسهمها في البورصة بعد أن توقفت بفعل المتغيرات الاقتصادية قبل تعويم الجنيه خلال 4 شهور لزيادة رأس المال دون التخارج.
وكان صندوق النقد الدولي قال إن مصر ستُطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية أو ضريبة الدمغة، على معاملات البورصة في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018.
وأوضح مصطفى حسن، أن الحكومة ورئيس البورصة المصرية هم فقط من يرون أن الوقت مناسب لطروحات جديدة في ظل تحفظ وتخوف الجميع من فشل الحكومة في مساعيها لطرح عدد كبير من شركاتها للتداول في سوق الأوراق المالية.
وفيما يتعلق بقدرة السوق على استيعاب تلك الطروحات الكبرى، قال رئيس البورصة المصرية، محمد عمران، إن عام 2017 سيشهد أكبر طروحات في تاريخ البورصة المصرية، متوقعا أن يتجاوز عدد الطروحات 14 شركة جديدة، وهي نفس التصريحات التي أطلقها عمران بداية العام الماضي 2016، والذي لم يشهد سوى 5 طروحات فقط.
وقال خبير أسواق المال، عبدالرحمن طه، إن الحكومة تسعى لإيجاد موارد مالية تمنكها من سد العجز المتفاقم في الموازنة العامة، لاسيما مع تراجع مواردها من قناة السويس والسياحة والاستثمارات المباشرة.
وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تدرس طرح عدد من شركات القطاع العام منذ فترة ليست قصيرة ولكنها حتى الآن لم تبلور ذلك في خطوات تنفيذية توحي باقتراب الطرح رغم تصريحات وزير المالية ورئيس البورصة بقرب ذلك.
وتمتلك الحكومة، البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والمصرف المتحد ونحو 50% في البنك العربي الأفريقي الدولي ونحو 20% من أسهم بنك الإسكندرية، وعددا كبيرا من الشركات العاملة في مختلف المجالات من أهمها المقاولون العرب وحسن علام في المقاولات والبناء، وبتروغيت وإنبي وميدور في القطاع النفطي ومصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة في قطاع التأمين.
وأشار طه إلى أن الحكومة ستجد نفسها مجبرة على تأجيل الطروحات الجديدة لما بعد تطبيق ضريبة الدمغة في 17 مايو/أيار المقبل، لدراسة أوضاع السوق وتقبلها واستعدادها لاستقبال طروحات جديدة من عدمه، لافتا إلى أن الحكومة ما كانت لتلجأ لبيع الأصول في حالة تعافي الاقتصاد والسيطرة على عجز الموازنة وإيجاد موارد بديلة تمكنها من تغطية المصروفات التي تفوق الإيرادات بنسبة كبيرة، مشيرا إلى أن فرض ضريبة على تعاملات البورصة يأتي ضمن أجندة صندوق النقد الدولي في مصر.
وكانت الحكومة المصرية قد كذّبت صندوق النقد الدولي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي وأكدت تأجيل ضريبة البورصة، حيث شددت وزارة المالية على التزامها الكامل بقرارات المجلس الأعلى للاستثمار بتأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية للأسهم المقيدة بالبورصة لمدة ثلاث سنوات، وذلك اعتبارا من تاريخ انتهاء التأجيل في 16 مايو/أيار.
ففي الوقت الذي تخطط فيه الحكومة لطرح أسهم شركات ومصارف مملوكة للدولة بالبورصة المصرية، خلال العام الحالي، بزعم جذب المستثمرين، قامت باتخاذ قرارات عشوائية تساهم في محاصرة مخططاتها، فتخرج النتائج كالعادة عكس المستهدفات.
وقلل محللون ومراقبون في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" من إمكانية تحقيق النتائج المرجوة لطروحات البنوك والشركات المستهدفة بالبورصة، بسبب فرض ضريبة دمغة تصاعدية على تعاملات البيع والشراء، إضافة إلى توجهات المستثمرين لأذون الخزانة والسندات المصرية بعد رفع الفائدة لمعدلات هي الأعلى عالميا، إلى جانب الوضع السيئ للاقتصاد المصري بشكل عام.
وإلى جانب فرض مزيد من القيود والأعباء على مستثمري البورصة بإقرار ضريبة دمغة تصاعدية على البائع والمشتري، فإن رفع العائد على أذون الخزانة يمثل عبئا إضافيا على البورصة باعتبارها أدوات استثمارية مضمونة العائد وقد يفضلها المستثمرون على الاكتتاب في الطروحات الجديدة.
وأقر مجلس الوزراء المصري قبل أيام، مشروع قانون ضريبة الدمغة على تعاملات البورصة المصرية على ثلاث مراحل، وقال في بيان رسمي، إن التعديل يأتي في ضوء السياسة الضريبية التي تنتهجها الحكومة، بهدف تحقيق العدالة الضريبية، وتحميل كل ممول بالعبء الضريبي الذي يتناسب مع مقدرته على الدفع.
وأشار البيان إلى أن عبء الضريبة يتحمله مناصفة كل من البائع والمشتري على ثلاث مراحل مختلفة، المرحلة الأولى تطبق بنحو 1.25 في الألف لمدة عام على البائع والمشتري، ونحو 1.5 في الألف في العام الثاني، و1.75 في الألف في العام الأخير.
وسبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان وعدم دستورية فرض ضريبة الدمغة النسبية على البورصة في سبتمبر/أيلول عام 1996.
وقالت المحكمة إن الضريبة يجب أن يكون محلها إيراد دوري متجدد، فإذا كان استمرار فرضها يؤدي لتآكل الوعاء، كان فرضها منافيا للدستور.
وأكد خبراء بأسواق المال أن فرض ضريبة الدمغة بهذه القيمة المتصاعدة لمدة 3 سنوات على معاملات البورصة سيكون له تأثير سلبي على أداء السوق المصري، وسيزيد من العبء والتكلفة على التعاملات وأحجام التداول.
وتخطط الحكومة المصرية لتحصيل ما بين 6 إلى 8 مليارات جنيه (بين 335 و445 مليون دولار) سنويا، عن طريق طرح حصص من الشركات العامة والبنوك في البورصة، ضمن برنامج للإصلاح الاقتصادي تتبناه الحكومة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذى وافق على إقراضها 12 مليار دولار خلال 3 سنوات، وتسلمت مصر دفعتين منه.
وكان آخر طرح لشركات حكومية في البورصة في عام 2005 حينما تم طرح أسهم المصرية للاتصالات، وأموك، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
وكشفت مصادر مصرفية عن اتجاه حكومي مرتقب لبيع 49% من أسهم بنك القاهرة (ثالث أكبر بنك حكومي) عن طريق بيع 29% من أسهم البنك لمستثمر رئيس، وطرح 15% من الأسهم في البورصة المصرية، مع طرح شهادات إيداع دولية في بورصة لندن بنسبة 5%.
وقال نائب وزير المالية للسياسات المالية، أحمد كوجك، في وقت سابق، إن الحكومة اختارت المجموعة المالية "هيرميس" وبنك "إتش. إس. بي. سي" لإدارة طرح حصة من بنك القاهرة في البورصة.
وقال المحلل المالي وخبير أسواق المال، سامح حسين، إن البورصة المصرية تمر بمرحلة عدم استقرار وتذبذب واضح متأثرة بأجواء الاقتصاد العام، مؤكدا أن الوقت الحالي غير مناسب للطروحات الجديدة.
وأوضح لـ "العربي الجديد" أن الحكومة قد تؤجل تلك الطروحات خاصة وأنها أعلنت أن الطروحات ستكون في الربع الأول من عام 2017، وهي المهلة التي انتهت دون الإعلان عن خطوات جادة في ملف الطروحات العامة.
وكانت الرئاسة المصرية أعلنت في يناير/كانون الثاني 2016، أن مصر ستطرح حصصًا في الشركات والبنوك الحكومية "الناجحة" في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، وهو ما لم يبدأ حتى الآن بعد مرور أكثر من عام على الإعلان عن هذا الإجراء.
وأشار المحلل المالي بإحدى شركات الأوراق المالية العاملة في مصر، محمد عادل، إلى أن الحكومة عندما تفكر في اتخاذ قرار أو إصدار قانون لا تنظر لانعكاساته على القطاع المعني به، وإنما تفكر فقط في الحصيلة المالية التي ستعود عليها جراء تطبيق القانون أو إصدار قرار مفاجئ يربك السوق، وهو ما ينطبق حرفيا على قرار فرض ضريبة دمغة تصاعدية على تعاملات البورصة انتظارا لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وتخوف عادل خلال حديثه مع "العربي الجديد"، من فشل الحكومة في إتمام الطروحات الجديدة في ظل توجه المستثمرين للاستثمار في أذون الخزانة والتي يقترب العائد عليها إلى 20% وهي معدلات تعد الأعلى عالميا.
وأشار عادل إلى أن الحكومة تستهدف جمع 6 مليارات جنيه خلال السنة المالية المقبلة 2017-2018 من الطروحات الأولية لشركات حكومية في البورصة، بحسب تصريحات وزير المالية المصري عمرو الجارحي، وهو الأمر الذي يراه عادل أقرب للمستحيل مستندا إلى سوء أوضاع الاقتصاديات الدولية وكذلك الاقتصاد المصري وهو ما يقلل من رغبة المستثمرين وقدرتهم على المخاطرة والدخول في أسواق جديدة.
ولمح خبير أسواق المال إلى التأثير السلبي لإقرار فرض ضريبة دمغة على حجم التعاملات وعزوف المستثمرين عن التعامل في البورصة المصرية سواء من المحليين أو الأجانب، وهو الأمر نفسه بشأن قانون ضريبة الأرباح الرأسمالية الذي تظهر تداعياته السلبية كل فترة بمجرد العودة للحديث عن اقتراب تطبيقه.
وكانت مصر قد فرضت ضريبة دمغة على البائع والمشتري في معاملات البورصة في مايو/أيار 2013، قبل أن توقف العمل بها وتفرض ضريبة بنسبة 10% على التوزيعات النقدية والأرباح الرأسمالية في يوليو/تموز 2014. وبعد اعتراضات قوية من المستثمرين والقائمين على السوق، جمدت الحكومة في مايو/أيار 2015 العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين حتى مايو/أيار 2017. وقرر المجلس الأعلى للاستثمار لاحقا تمديد العمل بالتجميد حتى مايو/أيار 2020.
وأكد المحلل الفني بإحدى شركات الوساطة المالية، مصطفى حسن، أن النسب المقترحة للضريبة ستؤثر سلبا على تعاملات البورصة، مستنكرا موقف الحكومة في سعيها للحصول على ملايين الجنيهات من حصيلة ضريبة الدمغة على حساب مليارات الجنيهات تستهدف الحكومة جمعها من الطروحات المرتقبة خلال العام الحالي 2017.
ومن المتوقع أن يشهد النصف الأول من العام الجاري ستة طروح كبيرة، فالإضافة إلى بنك القاهرة، تخطط المجموعة المالية "هيرميس"، لطرح شركة راية لمراكز الاتصالات قبل نهاية النصف الأول من العام الحالي في البورصة، كما يخطط بنك الاستثمار بلتون المالية القابضة، لتنفيذ طرح شركتي إم إم غروب، والفراشة للطباعة في البورصة خلال النصف الأول من 2017.
وتسعى مجموعة مصر إيطاليا لاستئناف خطة طرح 20% من أسهمها في البورصة بعد أن توقفت بفعل المتغيرات الاقتصادية قبل تعويم الجنيه خلال 4 شهور لزيادة رأس المال دون التخارج.
وكان صندوق النقد الدولي قال إن مصر ستُطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية أو ضريبة الدمغة، على معاملات البورصة في موعد لا يتجاوز السنة المالية 2017-2018.
وأوضح مصطفى حسن، أن الحكومة ورئيس البورصة المصرية هم فقط من يرون أن الوقت مناسب لطروحات جديدة في ظل تحفظ وتخوف الجميع من فشل الحكومة في مساعيها لطرح عدد كبير من شركاتها للتداول في سوق الأوراق المالية.
وفيما يتعلق بقدرة السوق على استيعاب تلك الطروحات الكبرى، قال رئيس البورصة المصرية، محمد عمران، إن عام 2017 سيشهد أكبر طروحات في تاريخ البورصة المصرية، متوقعا أن يتجاوز عدد الطروحات 14 شركة جديدة، وهي نفس التصريحات التي أطلقها عمران بداية العام الماضي 2016، والذي لم يشهد سوى 5 طروحات فقط.
وقال خبير أسواق المال، عبدالرحمن طه، إن الحكومة تسعى لإيجاد موارد مالية تمنكها من سد العجز المتفاقم في الموازنة العامة، لاسيما مع تراجع مواردها من قناة السويس والسياحة والاستثمارات المباشرة.
وأوضح في تصريحات لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تدرس طرح عدد من شركات القطاع العام منذ فترة ليست قصيرة ولكنها حتى الآن لم تبلور ذلك في خطوات تنفيذية توحي باقتراب الطرح رغم تصريحات وزير المالية ورئيس البورصة بقرب ذلك.
وتمتلك الحكومة، البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والمصرف المتحد ونحو 50% في البنك العربي الأفريقي الدولي ونحو 20% من أسهم بنك الإسكندرية، وعددا كبيرا من الشركات العاملة في مختلف المجالات من أهمها المقاولون العرب وحسن علام في المقاولات والبناء، وبتروغيت وإنبي وميدور في القطاع النفطي ومصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة في قطاع التأمين.
وأشار طه إلى أن الحكومة ستجد نفسها مجبرة على تأجيل الطروحات الجديدة لما بعد تطبيق ضريبة الدمغة في 17 مايو/أيار المقبل، لدراسة أوضاع السوق وتقبلها واستعدادها لاستقبال طروحات جديدة من عدمه، لافتا إلى أن الحكومة ما كانت لتلجأ لبيع الأصول في حالة تعافي الاقتصاد والسيطرة على عجز الموازنة وإيجاد موارد بديلة تمكنها من تغطية المصروفات التي تفوق الإيرادات بنسبة كبيرة، مشيرا إلى أن فرض ضريبة على تعاملات البورصة يأتي ضمن أجندة صندوق النقد الدولي في مصر.
وكانت الحكومة المصرية قد كذّبت صندوق النقد الدولي في 19 يناير/كانون الثاني الماضي وأكدت تأجيل ضريبة البورصة، حيث شددت وزارة المالية على التزامها الكامل بقرارات المجلس الأعلى للاستثمار بتأجيل الضريبة على الأرباح الرأسمالية للأسهم المقيدة بالبورصة لمدة ثلاث سنوات، وذلك اعتبارا من تاريخ انتهاء التأجيل في 16 مايو/أيار.