مصر: صراع الأجهزة يُترجم بمحاولات تواصل مع رافضين للانقلاب

03 سبتمبر 2016
لا يُمكن التعويل على الأجهزة بالاحتجاجات (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
لم يتوقف الحديث عن وجود صراعات داخل أجنحة النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، منذ وصوله لسدة الحكم قبل أكثر من عامين، عقب الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي. وقد سارع السيسي في تشكيل دائرة مقرّبة منه في هذا الصدد، فضلاً عن منح المزيد من الأدوار لجهاز الاستخبارات الحربية، والسيطرة على جهاز الاستخبارات العامة، عبر إحالة عدد من قياداته إلى التقاعد أو نقلهم لجهات أخرى في الدولة.

وفي وقت سابق، كشفت مصادر مطلعة عن عقد اجتماع بين قيادات جهازي الاستخبارات العامة والحربية، لتصفية الأجواء بينهما وإنهاء كل الخلافات، تحقيقاً لمصلحة السيسي، بعد وجود حالة من الصراع بين أجنحة نظامه. وتقدمت أجهزة سيادية بتقارير واستطلاعات تؤكد تراجع شعبيته بشكل كبير، بفعل الفشل في معالجة الأزمات المتلاحقة، ولكن من دون جدوى في تغيير تلك السياسات. كما نوّهت مصادر سياسية، إلى أن شخصيات من المعارضة، تلقّت اتصالات من أطراف داخل النظام، تحديداً في أجهزة سيادية، حول رفض استمرار السيسي في منصبه لفترة رئاسية ثانية.

وذكرت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "القيادات في الأجهزة السيادية، تحدثت عن الضيق من سياسات السيسي الكارثية، التي ستؤدي في النهاية إلى حدوث اضطرابات في المجتمع، وهو نذير خطر". وأضافت أن "السيسي يبدو أنه لا يستمع إلا إلى الدائرة المقربة منه فقط، من دون الاعتداد بتقارير سيادية أو نصائح من بعض المقربين منه. بالتالي فإن استمرار هذا التجاهل يعجّل بسقوطه". كما أشارت إلى أن "هذه الاتصالات لم تكن بشكل رسمي، ولكنها في إطار ودي بين عدد من الشخصيات المعارضة وقيادات في أجهزة سيادية تربطهما علاقات صداقة أو معرفة قديمة".

وشدّدت على أن "هذه الاتصالات تؤكد بشكل واضح وجود صراع بين أجنحة النظام، بل داخل الأجهزة السيادية ذاتها، وهي أحد العوامل التي تضعف سيطرة السيسي على الأوضاع بشكل عام في الدولة". كما لفتت المصادر إلى أن "بعض الأطراف داخل الأجهزة السيادية ربما لا تدين بالولاء للسيسي، لذلك سعى منذ بداية حكمه إلى تصفية كوادر جهاز الاستخبارات العامة على سبيل المثال، وإحلال عناصر جديدة يكون ولاؤها له شخصياً".



وعن إمكانية أن تشكل هذه الاتصالات نقلة في الحراك ضد النظام، شدّدت المصادر على أنه لا يمكن التعويل عليها في أي تحرك معارض مطلقاً، لأن هذه الأطراف لا تحمل وجهة نظر المؤسسة التي تنتمي إليها بشكل قطعي. واعتبرت أن هذا الاتصالات إما أنها رسالة دعم لتحركات المعارضة بشأن تجهيز بديل للسيسي في انتخابات الرئاسة المقبلة، أو مجرد جس نبض لمحاولة معرفة طبيعة أي مشاورات بين قوى المعارضة في هذا الصدد. ورأت أن السيسي يضمن ولاء المؤسسة العسكرية ليس فقط من خلال الامتيازات، التي لم تكن يوما محدداً لتوجهات تلك المؤسسة، ولكن من خلال صهره رئيس الأركان الفريق محمود حجازي.

من جهته، أكد خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن "صراع الأجهزة الأمنية والسيادية قائم من دون أدنى شك، وهو موجود في مختلف الدول، ولكن في مصر الأمر مختلف تماماً". وتابع قائلاً إن "الأجهزة الأمنية والسيادية في مصر تتنافس فيما بينها، ليس لصالح الدولة ولا النظام حتى، ولكن للتأكيد على قوتها وبقائها بالقرب من النظام والحصول على امتيازات أكثر وأكثر. وهو هدف قد يجعل من جهاز ما يعمل ضد جهاز آخر، بما يؤثر سلباً على النظام الحاكم والدولة بشكل كامل".

وذهب إلى حدّ القول إن "الأجهزة السيادية ليست كتلة واحدة، بل إنه داخل الجهاز الواحد قد يدعم فريقٌ النظام القائم، فيما يدين آخر بالولاء لشخصية أخرى، قد لا تكون على وفاق مع السيسي مثلاً، وبالتالي فإنها تعمل ضده تماماً".

وشدّد الخبير على أن "من الوارد وجود أطراف داخل أجهزة الدولة لا ترضى عن أداء السيسي، خصوصاً بعد تصاعد حالات الغضب ضده عقب سياسات الإقصاء، فضلاً عن الأوضاع المعيشية المتردية". وحذّر من وقوع القوى السياسية في فخ صراعات الأجنحة والأجهزة في الدولة، لعدم استغلالهم واستدراجهم إلى معركة حيث يكونون مجرد أداة للضغط، دون تحقيق أي حراك على المستوى السياسي.