تحوم شبهات فساد ومخالفات حول وزير الشؤون القانونية الأسبق في مصر، المستشار إبراهيم الهنيدي، المرشح بقوة لرئاسة مجلس القضاء الأعلى، في أعقاب تمرير البرلمان، لقانون السلطة القضائية الذي يعطي لرئيس الجمهورية الحق في اختيار رؤساء الهيئات القضائية. وكشفت مصادر رقابية رسمية مصرية أن الهنيدي، وهو أحد أقدم 7 نواب لرئيس محكمة النقض، كان المتهم الأساسي بالاستيلاء على الأراضي المملوكة للدولة، في المنطقة المعروفة باسم "الحزام الأخضر"، في تقرير أعده الجهاز المركزي للمحاسبات، وتم عرضه على رئيس مجلس الوزراء السابق، المهندس إبراهيم محلب، من دون أن يتم اتخاذ أية إجراءات ضده. وأوضحت المصادر، أن رئيس الجهاز السابق، المستشار هشام جنينة، قد توجه بالتقرير، فور الانتهاء من إعداده، خلال فترة توليه رئاسة الجهاز، إلى محلب، الذي طالبه بدوره بإرساله إلى جهاز الكسب غير المشروع، والذي كان الهنيدي وقتها مساعداً لوزير العدل لشؤون الكسب غير المشروع. وقد ضم التقرير المذكور عدداً من الأسماء المتهمة، ومن بينها وزير العدل الأسبق المستشار أحمد الزند.
وفي حين رفض مجلس القضاء الأعلى وقتها، السماح لوزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان بالعودة مرة أخرى إلى منصة القضاء، عقب تركه موقعه في الحكومة، قبل المجلس طلب الهنيدي في أعقاب إطاحته من الحكومة، وأعاده إلى محكمة النقض بالمخالفة للأعراف القضائية. ويبدو الوضع في مجلس القضاء الأعلى ملتبساً، إذ من المقرر ترشيح 3 أسماء من بين أقدم 7 أعضاء في محكمة النقض، والأسماء الثلاثة الأقدم هم: القضاة أنس عمارة، ومجدي أبو العلا، ووزير الشؤون القانونية الأسبق، إبراهيم الهنيدي. وبحسب تأكيدات مصادر قضائية وسياسية خاصة، فإن عمارة، الذي تؤهله أقدميته لرئاسة محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى لمدة عام، هو المستهدف الأول من هذا القانون، نظراً لكونه أحد قضاة تيار الاستقلال منذ سنوات طويلة، ولصداقته الوطيدة مع رئيس مجلس القضاء والجمعية التأسيسية لدستور 2012، المستشار حسام الغرياني، المصنف بأنه مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين. ووفقاً لتصريحات عدد من أعضاء مجلس القضاء، رفضوا نشر أسمائهم، فإن الاتجاه يميل لترشيح الأسماء الثلاثة السابق ذكرها باعتبارها الأقدم، مرجحين أن يتم اختيار الهنيدي رئيساً للمحكمة نظراً لعلاقاته الوطيدة بدائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرين أيضاً إلى أن أبو العلا، وهو ثاني أقدم الأعضاء، ليس مرفوضاً من الدولة، لكن بعض الجهات تحاول إقصاءه بسبب إصداره عدداً من الأحكام بإلغاء إدانة متهمين "بالإرهاب والانتماء إلى جماعة الإخوان". وفي الوقت الذي كشف فيه النائب محمد عطا سليم عضو اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب المصري، أن هناك تعديلات مرتقبة جديدة يتم التجهيز لها في مجلس النواب، استبعد مصدر قضائي بارز تمرير التعديلات الجديدة، وبالتحديد ما يتعلق منها ببند تخفيض سن إحالة القضاة إلى التقاعد.
وأوضح النائب سليم عطا، في تصريحات صحافية، أن أهم مقترحاته لإدخال تعديلات على قانون رقم 47 لسنة 1972 للسلطة القضائية متعلق بخفض سن القضاة إلى سن 64 بدلاً من 70، ورفع درجة القبول في النيابة العامة إلى 80 في المائة. في المقابل، أكد مصدر قضائي رفيع المستوى، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن الإعلان عن اتجاه لتخفيض سن القضاة، والتعديلات الجديدة، مجرد ورقة للضغط من أجهزة النظام المصري عليهم لمنعهم من تصعيد الموقف، بعد رفضهم تمرير قانون السلطة القضائية، وتصديق الرئيس عليه. وشدد المصدر، على أن "السلطات لن تجرؤ على الإقدام نحو خطوة إقرار تخفيض سن تقاعد القضاة في الفترة الراهنة، لأن كافة القضاة الذين يعتمد عليهم في محاكمة المعارضين السياسيين قد بلغوا هذه السن، في وقت لا يضمن فيه النظام أن يكون من سيخلفهم بنفس درجات الولاء". وأوضح المصدر أن من بين القضاة الذين سيشملهم خفض سن التقاعد في حال تنفيذه، محمد شرين فهمي، الذي ينظر في عدد من القضايا المتهم بها الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك من بينهم المستشار شعبان الشامي.