مصر في اليوم العالمي للبيئة: سياسات غامضة لا تناسب خطر التلوث

05 يونيو 2018
أسباب متعددة لتلوث الهواء في مصر (Getty)
+ الخط -
رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في تقرير بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، أوجه تلوث الهواء في مصر، ونسب الملوثات والأمراض التي تسببها، فضلًا عن رصْد أوجه القصور في البيانات المتاحة عن البيئة.

واحتلت العاصمة المصرية القاهرة المركز الثاني لأكثر مدن العالم تلوثًا في الهواء المحيط بحسب دراسة أصدرتها منظمة الصحة العالمية في 2016، كما تشير خرائط التوزيع الجغرافي في الدراسة إلى ارتفاع نسب الوفيات المبكرة عن معدلاتها في مصر. ووفقًا لتقديرات البنك الدولي لحساب مؤشر تكلفة التدهور البيئي، فإنه "يحدد تكلفة تلوث الهواء بنحو 5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي السنوي"، ما يعادل 2.42 مليار دولار سنويًّا.

وقال التقرير: "تنبئنا تلك المؤشرات بزيادة العبء الصحي والاقتصادي للتلوث، ولن تتراجع كلفة تلوث الهواء والأثر البيئي الناجم عنه في ظل المخطط الحالي للدولة، والذي يستهدف الاعتماد على الفحم ليمثل ثلث مزيج الكهرباء، وفقًا لاستراتيجية الطاقة 2035، خصوصًا مع التوجه نحو التخفيف من معايير الحماية البيئية والصحية ضد أضرار الفحم، كما جاء في تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون البيئة في مارس/آذار 2017".

وجاء في التقرير: "تتوسع الدولة في أعمال بناء المناطق العمرانية والطرق الجديدة، وتزداد الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة كمصانع الحديد والأسمنت والسيراميك، ذات الإسهام الأكبر في تلوث الهواء الجوي، ولم تقابل هذا المشهد سياساتٌ واضحة أو خطط جيدة تتناسب مع هذا العبء. كما توضح ورقة نشرها البرنامج البيئي للأمم المتحدة، والذي لم يتمكن من معرفة السياسات والخطط المتبعة أو الأهداف المرجوة، وهو ما تعكسه علامات الاستفهام في الورقة. كما تعكسها مخصصات الحماية البيئية من إجمالي الإنفاق الحكومي والذي لم يتعدَ 0.17 في المائة في موازنة 2018/2017".

ورصدت المبادرة المصرية أن "محافظة بني سويف جاءت في المركز الأول في تلوث الهواء، بمتوسط تركيز بلغ 410 ميكروجرام/م3، وهو ما يعادل تقريبًا 6 أضعاف الحد المسموح به في القانون المصري، وأكثر من 20 ضعفا لدليل منظمة الصحة العالمية. بينما محافظة بورسعيد هي الأقل تلوثًا بالجسيمات الدقيقة، ومع ذلك تتجاوز تركيزاتها بمقدار مرة ونصف الحد المسموح في دليل منظمة الصحة العالمية".

وأشارت الورقة إلى أوجه القصور في البيانات المتاحة بشأن تلوث البيئة في مصر، لخّصتها في الآتي: "لم تُتِح البيانات الصادرة في النشرات الدورية أي إحصاءات للعام 2017، بينما كانت أحدث البيانات ترجع للعام 2015. وكذلك لم تُغطِّ البيانات المتاحة عددًا كبيرًا من المحافظات كليًّا، والبعض الآخر تم إدراج بياناته ضمن بعض الجداول وإغفالها في أخرى.

وجاء التوزيع الجغرافي للمراصد البيئية، سواء التابعة لجهاز شؤون البيئة، أو التابعة لوزارة الصحة والإسكان، غير متوازن، حيث توجد مركزية لمحطات الرصد خصوصًا في القاهرة على الرغم من تدهور الوضع البيئي في محافظات أخرى".

ومن أجل تحسين نوعية الهواء، أوصت المبادرة بتحسين وتحديث وإتاحة ونشر المعلومات المتعلقة برصد تلوث الهواء وتسهيل متابعتها للجمهور والمعنيين بالبيئة، وتوفير منصة إلكترونية كمرصد بيئي على مدار الساعة واليوم. وزيادة عدد محطات الرصد وتوزيعها بشكل يتناسب مع مساحة المحافظات والصناعات الملوِّثة في كل محافظة.
كما أوصت بتعديل طريقة تسجيل قراءات الملوثات للتطابق مع توصيات منظمة الصحة العالمية، مثل قراءات أكسيد الكبريت الذي يجب أن تسجل لكل ساعة، و24 ساعة، بدلا من الاقتصار على تسجيل المتوسط السنوي للمحافظة أو الإقليم.

وبشأن تحسين إجراءات حماية البيئة، أوصت المبادرة بتحسين المعايير المصرية المسموح بها للملوثات، والتي تزيد حاليًّا على المعايير العالمية بمقدار ضعفين أو ثلاثة لبعض الملوِّثات. وكذلك تحسين قوانين حماية البيئة واللوائح التنفيذية البيئية لتكون أكثر إحكامًا وتقليل الثغرات القانونية وإلغاء التسهيلات التي تتم على حساب البيئة. كما أوصت ببناء قدرات ورفع كفاءة أجهزة المراقبة والتفتيش البيئي وأجهزة إنفاذ القوانين. وزيادة المساحات الخضراء داخل المدن وتشجيع التشجير.

كما أوصت بدفع الصناعات نحو تبني تقنيات الإنتاج الأنظف، ورفع كفاءة الطاقة، ونقل الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة والانبعاثات خارج المدن والكتل السكانية. وتوفير أنظمة نقل عام آمنة وبأسعار معقولة، والتقليل من استخدام السيارات الخاصة.

وأوصت أيضًا ببناء شبكات طرق صديقة للمشاة وراكبي الدراجات وتشجيع تلك الوسائل، ورفع كفاءة السيارات والمركبات، واستخدام أنواع وقود نظيفة. وتحسين إدارة المخلفات الصُّلبة وإعادة تدويرها وكذلك النفايات الزراعية، والحدّ من الحرق المكشوف.
المساهمون