وكانت "العربي الجديد" نشرت، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، في تقرير عن استعدادات دائرة السيسي لإجراء تعديل وزاري، معلومات عن أنّ الدائرة الخاصة بالرئيس بقيادة مدير الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل ووكيل المخابرات محمود عبد الفتاح السيسي، تضغط لزعزعة استقرار مركز كامل الوزير، لشعور أفراد دائرة السيسي بالتهديد الذي يمثله الوزير لهم. وقالت مصادر مطلعة إنه إلى جانب هذه الضغوط، فإن هناك بعض الشخصيات القريبة من السيسي، غير المعروفة للعامة، والذين ينتمون إلى المخابرات الحربية وتم نقلهم على دفعات للعمل بالقصر الجمهوري، يحاولون استغلال مقاطع الفيديو التي نشرها المقاول والممثل محمد علي، مطلع سبتمبر الماضي، للإساءة لكامل الوزير بين قيادات الجيش والاستخبارات، بحجة أنّ طريقة الأخير في إدارة المشاريع، والمساحة الكبيرة التي حصل عليها من السيسي للتحرّك والتنفيذ من دون رقابة، هي التي تسببت في ظهور محمد علي وآخرين للخوض في تلك الملفات الحساسة.
وكان محمد علي قد أشار، في أحد مقاطع الفيديو، إلى أن السيسي تتملكه الغيرة من نجاح كامل الوزير، وأن نقله إلى وزارة النقل، التي تعتبر مقبرة الوزراء في مصر، كان مخططاً لإبعاده تماماً عن المشهد مستقبلاً. لكن المصادر تؤكد أن المشكلة الحقيقية تكمن في وجود خلافات حادة ومتوارثة بين عباس كامل ونجل السيسي من ناحية، وبين كامل الوزير من ناحية أخرى، ليس لأسباب موضوعية، بل بسبب ثقة السيسي القوية به، واستعانته بخدماته كمدير للعديد من الملفات، ما يجعله مصدر خطر على نفوذهما ورصيدهما الشخصي لدى السيسي وأجهزة الدولة المختلفة. وأضافت المصادر أن جذور هذه الخلافات متشعبة بين عناصر ووقائع مختلفة، معظمها شخصي بحت، كإصرار كامل الوزير على التواصل مع السيسي مباشرة في بعض الأمور دون الرجوع لعباس كامل، وتعطيله لبعض التأشيرات والتوصيات الصادرة من مكتب الرئيس ومراجعتها بصورة غير معتادة لباقي المسؤولين.
وأكدت المصادر أن الهجوم الإعلامي الأخير على كامل الوزير بسبب حادث قائد القطار والمواطنين، يُعتبر حلقة جديدة من مسلسل استخدام الإعلام لتصفية حسابات عباس كامل مع كامل الوزير، حيث سبق أن أصدرت المخابرات تعليمات مشددة لوسائل الإعلام بعدم تناول أخبار كامل الوزير أو إبرازها، خصوصاً في الصحف المطبوعة، وعدم نشر صوره، وذلك حتى قبل أن تصدر التعليمات العامة بخصوص حذف أسماء وصور الوزراء من الصحف على خلفية أزمة تصريحات وزيري التعليم والصحة في مجلس النواب عن ضعف تمويل المشاريع القومية، والتي كادت تتسبب في تعديل حكومي نهاية الدورة البرلمانية الماضية. وقبل توليه الوزارة، كانت المخابرات قد أصدرت تعليمات أيضاً عبر مسؤولي ملف الإعلام بتجاهل أخبار تخص نشاط الهيئة الهندسية في عهد كامل الوزير، إلا في الحالات التي يكون السيسي حاضراً فيها بنفسه. وذهبت المصادر أيضاً إلى أن عباس كامل كان أحد الداعمين الأساسيين لرؤية السيسي في إسناد حقيبة النقل إلى كامل الوزير، رغم اعتراض الأخير في البداية، وهو ما عبر عنه السيسي في الاحتفالية التي شهدت إعلان توليه الوزارة وترقيته إلى رتبة فريق، بعبارة "عندنا في الجيش محدش يرفض أمر مصر".
وبخلع كامل الوزير الزي العسكري ودخوله مقبرة الحكومة، المتمثلة في وزارة النقل المعروفة بكم مشاكلها، وسوء حالة مرافقها، فقد أصبح عُرضة أكثر من أي وقت مضى للانتقاد أو التهميش من قبل وسائل الإعلام الموالية للمخابرات، رغم بذله مجهوداً كبيراً ليكون في الواجهة يومياً، بإجرائه زيارات تفتيش يومية وإصداره قرارات عدة وعقد صفقات لاستيراد جرارات وقطارات وغيرها من الأنشطة التي تفوق ما يبذله أقرانه من الوزراء. ورغم هذه الحالة من الحرب التي أصبحت علنية على كامل الوزير، إلا أنه ما زال يحظى بمكانة خاصة لدى السيسي، ما يعرقل سرعة التخلص منه، حيث سبق وكشفت مصادر حكومية أن السيسي كلف الوزير بالإشراف على ما تبقى من مخطط إخلاء جزيرة الوراق بالجيزة رغم تركه الملف، نظرياً ورسمياً، منذ تعيينه وزيراً وتركه منصب رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وذلك بسبب ما لحظه السيسي من تباطؤ وعجز في التعامل مع النسبة الباقية من مالكي الأراضي المتمسكين بها. كما ما زالت للوزير سلطات تخطيطية في المشاريع التي تنفذها الهيئة الهندسية للجيش، حيث كان اختيار اللواء إيهاب الفار خلفاً له كرئيس للهيئة متعمداً إبقاء الوزير على صلة وثيقة بمستجدات الأوضاع والمشاريع في الهيئة وقابلاً للتدخل في أي وقت، بسبب العلاقة القوية بينه وبين الفار.