مصر: تهديدات بالحبس لأي وقفات احتجاجية على عزل جنينة

30 مارس 2016
نظام السيسي يمنع التضامن مع جنينة (Getty)
+ الخط -
شهد الجهاز المركزي للمحاسبات المصري، بمدينة نصر، شرق القاهرة، اليوم الأربعاء، تشديدات أمنية داخله وخارجه، وتفتيشاً دقيقاً لعدد كبير من الموظفين أثناء دخولهم مقر عملهم، الأمر الذي أثار حفيظة وغضب البعض، بعدما بلغ إلى علم أجهزة الأمن أن هناك حالة سخط كبيرة بين موظفي الجهاز، بسبب عزل رئيسه المستشار هشام جنينة من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي في وقت متأخر من مساء يوم الاثنين الماضي.

وأبلغت أجهزة الأمن المصرية رؤساء القطاعات داخل الجهاز بعدم التحدث مع وسائل الإعلام بخصوص "العزل"، وتهديد الموظفين بالحبس إذا قاموا بأي وقفات احتجاجية تضامناً مع  جنينة أمام مقر الجهاز أو أي جهة حكومية.

وفي سياق متصل، أكد مصدر من داخل الجهاز المركزي بأن هناك حالة من الغليان بين موظفي الجهاز رفضاً لطريقة "العزل" التي طالت رئيسه المشهود له بالكفاءة، ورفضه للفساد الذي استشرى في مصر خلال السنوات الماضية، مؤكداً أن جنينة دخل "عش الدبابير" برفضه الفساد داخل كافة الوزارات والهيئات الحكومية، مضيفاً أن تاريخ الرجل ورئاسته للجهاز سوف تسطر بحروف من نور للجميع.

وقال المصدر ذاته، إن التواجد الأمني المكثف بمحيط الجهاز وداخل أروقته والذي تحوّل إلى "ثكنة عسكرية" دليل على خوف الحكومة، ورفض الجميع لما قامت به السلطة التنفيذية بعزل الرجل من منصبه.

وأضاف المصدر ذاته، أن هناك حالة من الترقب خوفاً من إحالته للمحاكمة وتقديم تهم لا أساس لها من الصحة من أجل حبسه، ومن بينها "التربّح واستغلال منصبه، ونشر أكاذيب عن حجم تكلفة الفساد"، خاصة تصريحاته بوصول الفساد في مصر لـ600 مليار جنيه.

وأشار مصدر "العربي الجديد"، إلى أن تولّي القائم بأعمال رئيس الجهاز المستشار هشام بدوي، يعد "بداية ذبح لجنينة". وشغل الأول من قبل منصب المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة خلال الفترة ما بين "2005 -2013"، وتعيينه بقرار رئاسي في 13 ديسمبر/ كانون الأول الماضي النائب الأول لرئيس الجهاز.


وأضاف أن "عزل جنينة" مخالف للمادة 20 من قانون الجهاز، إذ إن منصبه محصّن ولا يجوز لأي شخص عزله، مؤكداً أن القرار الذي أصدره السيسي في يوليو/ تموز من عام 2015، قبل انتخابات مجلس النواب بإعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، والتي من بينها رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وُضع خصيصاً لعزل المستشار هشام جنينه، بعد اتهامه بأنه "إخواني"، متوقعاً أن تطارد "لعنة عزل جنينة" الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة لكونه رجلاً مظلوماً.

وتسود الجهاز حالة من الترقب بانتظار حركة تنقلات واسعة في مواقع قيادية، ونقل جميع المقربين من جنينة إلى مواقع أخرى، وربما نقلهم خارج الجهاز إلى عدد من المحافظات، الأمر الذي يعد تنكيلاً بهم. وتشير مصادر إلى أن الساعات القليلة المقبلة ستشهد تطورات وتغيّرات واسعة داخل الجهاز المركزي للمحاسبات.

وكانت لجنينة قبل قرار "عزله"، أشهر قليلة متبقية على رأس الجهاز المركزي للمحاسبات، إذ أصدر الرئيس محمد مرسي قراراً بتعيينه في سبتمبر/ أيلول من عام 2012 لمدة 4 سنوات، قابلة للتجديد. وطبقاً للدستور، "الجهاز المركزي للمحاسبات" هو هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية عامة تتبع رئيس الجمهورية. ويمارس الجهاز أنواع الرقابة المالية على الجهات الحكومية المختلفة، وشركات القطاع العام.

من جانبه، قال الفقيه الدستوري المستشار رفعت السعيد، إن إعفاء رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أضرّ بسمعة مصر في الداخل والخارج، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن ما حدث تعنّت كبير تجاه رجل قال "كلمة حق" تجاه ما يحدث داخل البلاد.

وأشار رفعت إلى أن قانون الجهاز كان الأولى بالتطبيق والتحقيق في ما كشف عنه كرئيس لجهاز رقابي من فساد، ولكن يجب ألا يتحول من يكشف الفساد إلى ضحية في حين يتم التصالح مع الفاسدين، بمقتضى قوانين فاسدة لهذا التصالح. وأضاف أن جنينة، وهو مستشار كبير، إذا تقدم بدعوى قضائية أمام مجلس الدولة لطلب إلغاء هذا القرار فسيحكم له المجلس بعودته فوراً.