مصر تفرح

06 اغسطس 2015
+ الخط -
هل شاهدت فيلم الفرح؟ 
يقيم البطل خالد الصاوي فرحا وهميا لأخته غير الموجودة بالأصل، فقط ليجمع النقطة، بالطبع ستختلف النقطة في كل فرح، حسب مركز صاحبه، قد تكون النقطة في حالة فيلمنا هذا أموالاً يحتاجها البطل لشراء سيارة أجرة يتربح منها، نقطة تليق بصاحب الفرح. لكن، ماذا لو كان خالد الصاوي رئيسا بدلا من سائق في هذا الفيلم؟ كيف ستكون النقطة، عندما يقيم رئيس فرحا وهميا؟
سيأمر هذا الرئيس إعلامه بإعلان الفرح حدثاً تاريخياً لا مثيل له، على الرغم من أن رؤساء عديدين أقاموا أفراحا، مثل فرحه من قبل، ولم يجرؤوا على وصفها لا بأحداث تاريخية، ولا بأعياد قومية، لم يكن حتى ليخطر على بال أحدهم أن يجعل يوم الفرح إجازة رسمية.
بالطبع، لن يغامر رئيس ديمقراطي بإقامة فرح وهمي، ولن يحتاج إليه أيضاً، ما دام يمتلك شرعية انتخابية وشرعية إنجاز حقيقيتين، لا بد أن مثل هذا الرئيس سيكون دكتاتوراً فاشيا من النوعية التي تصل إلى الحكم، بانقلابات عسكرية، أو بالوراثة كما في النظم الشيوعية.
ما النقطة التي ينتظرها رئيس من فرح وهمي؟
شرعية الإنجاز مهمة للغاية، ومثل هذا الرئيس قد يفكر، لماذا أصنع إنجازاً حقيقياً، إن كان من السهل إقامة عشرات الأفراح الوهمية. يقيم ذلك الرئيس فرحا كل فترة، ويعلن إنجازا قوميا لا مثيل له، ليس من المهم وجود الإنجاز نفسه، بقدر أهمية أن يصدق الناس أنه موجود. طالما صدقك البسطاء سينعتون منتقديك بالخونة والمخربين، سيطالبونك بالضرب على أيدي معارضيك، كي تتفرغ لإقامة مزيد من الأفراح، لا يهتمون كثيراً بحقيقة ما إن كان الفرح احتفالا بزواج حقيقي، بقدر ما يهتمون بمشاهدة فترة الراقصة التي قد يوفرها إعلامك، من دون أن تتحمل كلفة إحضار راقصة حقيقية.
قد تنطلي حيلة خالد الصاوي، السائق البسيط، على أهل حارته الغلابة. لكن، في حالة خالد الصاوي الرئيس، بالتأكيد كانت ستخرج المعارضة لتشكك في الفرح، كانت ستسأل عن تكلفة الفرح والأموال التي أنفقت، لتوفير واجب الضيافة للمعازيم، إن لم تشكك في الفرح نفسه.
سيأمر هذا الرئيس إعلامه بتخوين كل مشكك، ورمي تهم العمالة والهرطقة في وجه كل معارض، سيستخدم أموال الدولة التي يتحملها دافعو الضرائب في تزيين الشوارع والميادين، لا يهم إن بدت الميادين وكأنها تتزين لحفل طهور، أو ربما لافتتاح فرع جديد لسلسلة أحد محال الكشري، مثلا. المهم، أولا وأخيراً، بعض البهرجة وبعض الصخب.
هل رأيت مشهد خالد الصاوي وهو يجمع النقطة، ويتكلف ابتسامة أمام الجميع، على الرغم من أن أمه ماتت داخل البيت؟
سيكون مشهدا كهذا، نظام يتكلف ابتسامة، ويتغنى بالشعب، وهو يعلم أنه يسرقه، ويعتقل آلافا منه في سجونه، بخلاف آلاف آخرين قتلهم.
ماذا لو وضعت إضافة بسيطة لسيناريو الفيلم، لو أن خالد الصاوي كان يمتلك سيارة أجرة من التي تتسع لسبعة أشخاص، وتعمل في خط سير عدد ركابه قليل، والسيارة دائما تحمل أقل من سعتها، ماذا لو رتب أموال النقطة لشراء سيارة جديدة، تتسع لـ 14 راكباً، هل سيزيد دخله؟ أم سيصبح أخرق؟
على الشعوب أن لا تسمح أن ينصب عليها خالد صاوي جديد بفرح وهمي جديد. أحاول لعب دور في نشر الوعي الشعبي، حتى لا يحدث ذلك مجددا، إلا إن كانت الشعوب تستمتع بلعب دور أهل الحارة المغفلين، فتلك مسألة أخرى.
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
محمد عادل (مصر)
محمد عادل (مصر)