مصر تتجه إلى تقليص عدد الصحف القومية

30 سبتمبر 2018
مؤسسة "الأهرام" لديها أكثر من 30 إصداراً (Getty)
+ الخط -
تشهد الصحافة القومية في مصر حالياً (أي صحف الأهرام والأخبار والجمهورية)، حالة من التوتر والقلق الشديد، نتيجة اتجاه الحكومة إلى تقليص عدد كبير من إصداراتها، وإلغاء العشرات من الصحف التابعة لها، بحيث تصدر "الأهرام اليومية" و"الأهرام المسائي" فقط، و"الأخبار" ومعها "الأخبار المسائية"، إضافة إلى جريدة "الجمهورية" و"المساء"، على أن يتم إلغاء باقي الإصدارات الصادرة عن تلك المؤسسات القومية، سواء كانت يومية أو أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية.

وهناك حالة من الترقب حال تنفيذ القرار، لكونه سوف يؤدي إلى تشريد الآلاف من العمال والإداريين بتلك الصحف، فضلاً عن موقف المئات من الصحافيين العاملين بتلك المؤسسات القومية، في ظل ما تردد أن هناك صحفاً تابعة للمؤسسات القومية توزع 70 نسخة فقط من إصداراتها الورقية، كما تتجه الحكومة المصرية حال تقليص أعداد الصحف القومية وإلغاء بعضها، إلى بيع أصول عدد من مقرات المؤسسات الصحافية التي تقدر بالمليارات.

فيما أكد مسؤول في القطاع الإعلامي الرسمي لـ"العربي الجديد" أن المؤسسات الصحافية القومية المصرية تعاني من مشاكل مالية كبيرة، تهدد بعدم استمرارها، من بينها تراكم الديون التي تصل بالمليارات للتأمينات الاجتماعية، فضلاً عن تهالُك معدات الطباعة وتوقف بعضها، وارتفاع أسعار الأوراق والأحبار، وهو ما أدى إلى انخفاض أعداد ورق الصحف القومية اليومية، وزيادة أعداد المرتجعات في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من فئات الشعب المصري، مما يهدد بإفلاسها وإغلاقها، منوهاً أن ما يتم تداوله من البعض بأن الدولة لم تعد بحاجة إلى تلك المؤسسات الصحافية، والاتجاه إلى بيعها أو خصخصتها، أمر قد يكون صحيحاً، لكن على الدولة أن تدرك شيئاً مهماً هو أنها بتخليها عن ملكية تلك المؤسسات، فإنها بذلك تفقد ذراعاً إعلامياً وطنياً، يضمن لها استقرار صوت الدولة حين تحتاج إلى ذلك.



وأشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن كل تلك القرارات في انتظار المجلس الأعلى للإعلام بتشكيله الجديد الذي ربما يكون نهاية أكتوبر الجاري، مضيفاً أن قرار الدمج وإلغاء بعض الصحف القومية من القرارات التي تمثل فضيحة، وأوضح أن بيع أصول المؤسسات القومية التي تقدر بالمليارات جريمة، حيث لا يوجد مستثمر مصري نظراً لضخامة القيمة المادية لأصولها الثابتة، وبهذا سيكون الباب مفتوحاً لمستثمر أجنبي سواء كان ظاهراً أو متخفياً.

وكانت الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة كرم جبر اتخذت قراراً في أغسطس الماضي، بضرورة رفع أسعار الصحف القومية بدءاً من الأول من سبتمبر الجاري، على أن يتم بيع الصحيفة القومية اليومية بـ‏3‏ جنيهات والأسبوعية بـ‏4‏ جنيهات‏، وبالنسبة للصحف الخاصة فالزيادات يتم تحديدها وفقاً لرؤية مجالس إدارتها‏، بسبب ارتفاع أسعار الورق وأجهزة الطباعة، إلا أن القرار لم يطبق حتى اليوم، لكون البعض يرى أن هذا القرار يعد المسمار الأخير في نعش الصحافة الورقية، في ظل التراجع الحاد بنسبة التوزيع حاليًا، فضلاً عن انصراف الكثير من القراء خاصة الأجيال الجديدة إلى المواقع الإلكترونية، وهناك من فضّل من أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة تأخير القرار إلى ما بعد تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة التي تعد أحد أجنحة المجلس الأعلى للإعلام في مصر‏.

من جانبه، رفض عضو مجلس نقابة الصحافيين جمال عبدالرحيم، دمْج الصحف القومية أو إلغاء بعضها، موضحاً أن الصحف القومية صروح قوية ينبغي المحافظة عليها، وعدم السماح بأن يتملكها أحد، وقال إن المؤسسات الصحافية القومية تضم قوى بشرية كبرى وكوادر وخبرات لا يستهان بها، كما أنها تقوم بدور في خدمة الصحف المستقلة والحزبية بما تملكه من إمكانيات ومطابع، وأوضح أن نقاط الضعف في تلك المؤسسات القومية تتمثل في الخلل في الهياكل التمويلية، وعدم الاهتمام ببناء الكوادر، وانخفاض معدلات توزيع الصحف، مشيراً إلى أنه من غير المقبول أن نترك تلك المؤسسات تنهار، ولا بد من دراسة أوضاع المؤسسات الصحافية المتعثرة ومساعدتها للتخلص من ديونها وحماية حقوق العاملين بها.



يذكر أن مؤسسة "الأهرام"، بها أكثر من ثلاثين إصدارا، من بينها الأهرام اليومي والأهرام المسائي، ومجلة الأهرام الاقتصادي، ومجلة السياسة الدولية، ومجلة الشباب، والأهرام الرياضي، ونصف الدنيا وعلاء الدين، وغيرها من الإصدارات، أما جريدة الأخبار المصرية يتبعها أكثر من عشرة إصدارات، أهمها جريدة أخبار اليوم، ومجلة آخر ساعة، وجريدة أخبار الرياضة، ومجلة أخبار النجوم، وأخبار الأدب، وأخبار الحوادث، وأخبار السيارات والمسائية، وجريدة الجمهورية بها أكثر من سبعة إصدارات من بينها جريدة المساء والإجيبشيان غازيت وعقيدتي وحريتي والكورة والملاعب.

وفي سياق متصل، هناك اتجاه لدمج العشرات من القنوات الفضائية المصرية في بعضها البعض؛ بسبب الأزمات المالية وقلة الإعلانات، وتم بالفعل دمج قناتي "سي بي سي" و"النهار"، كما يطالب وزير الإعلام الأسبق ورئيس لجنة الإعلام والثقافة بمجلس النواب أسامة هيكل، بهيكلة مبنى "الإذاعة والتلفزيون" ودمْج عدد من القنوات المصرية الحكومية، وإلغاء عدد من البرامج والقنوات الإذاعية التابعة للإذاعة.