لم يعد يثير الدهشة أن تستيقظ صباحاً في مصر لتقرأ خبراً على مواقع التواصل الاجتماعي كهذا: "اعتقال الطالبة ايمان سعد عبد السلام منصور 21 سنة من منزلها قريباً من مجلس الأمه، وهي طالبة بالفرقة الثالثة في كلية الآداب قسم إعلام بجامعة عين شمس، حيث تمت مداهمة منزلها لاعتقال أخيها فلم يجدوه، وأخذوا هاتفها المحمول ونزلوا، فظلت تهتف ضد العسكر، فرجعوا مرة أخرى إلى المنزل وكسروا الباب وضربوها وأخذوها بملابس البيت حافية القدمين، وهي الآن محتجزة في قسم السيدة زينب، ولم يستطع أهلها أو المحامون الوصول إليها، أو حتى توصيل "شبشب".. "شير" وساعدنا لخروجها".
مئات القصص لحالات اعتقال فتيات وسيدات على خلفية مظاهرات، أو مسيرات، أو كرهائن لحين العثور على الزوج أو الأخ أو الأب، وأحياناً من المترو أو المحال أو حتى المطار، فوحيدة أبيها والتي استشهد أخوها، وكانت مقيمة في ألمانيا "حبيبة عيد المنياوى" تم اعتقالها أثناء عودتها إلى مصر من ألمانيا يوم 2 فبراير/شباط الفائت لرعاية والدها المريض.
ولم يشفع لحبيبة كونها حاملاً لتعفى من التعرض للضرب، والاحتجاز في مقر الأمن الوطني بحي مدينة نصر، دون أن تتوفر عنها أية معلومات منذ هذا اليوم، فضلاً عن عدم تمكن أحد من عائلتها من الوصول إليها.
وبتهمة حمل "شنطة" أدوية، تم اعتقال طالبة بجامعة الأزهر تدعى "سلسبيل" يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2013، على الرغم من حملها لـ"كارنيه" الهلال الأحمر، وتم اقتيادها إلى قسم ثان مدينة نصر، وتلفيق تهم الاعتداء على القوات الخاصة وحيازة مفرقعات، وتم الترحيل إلى سجن القناطر.
"أحد أفراد القوات الخاصة يخنق بذراعه رقبة فتاة نحيلة"، هذه هي الصورة الأبرز لاعتقال فتاة تدعى مروة محمود بالفرقة الأولى بكلية الدراسات الإنسانية في جامعة الأزهر، من داخل الحرم الجامعي يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2013، ثم الافراج في 12 فبراير/شباط الفائت بكفالة قدرها 1000 جنيه، بعد احتجازها في قسم ثان مدينة نصر ثم ترحيلها إلى معسكر السلام، ثم سجن القناطر، بتهمة ممارسة أعمال شغب والتظاهر ومنع الطلاب من الوصول إلى الامتحانات ومقاومة السلطات والتعدي على قوات الأمن، وقد تعرضت للضرب والاعتقال مع الشباب في عربة الترحيلات، وحبسها مع الجنائيات وتحريضهن عليها، والتفتيش المهين الأقرب للتحرش، ومنعها من ارتداء ملابس مناسبة أو ثقيلة وإنما خفيفة للغاية مما يكشف الجسد ويسبب الألم النفسي فضلاً عن إحساسها بالبرودة الشديدة".
"هاجر سعيد"، استشهد أخوها في فض اعتصام رابعة، واعتقلت يوم 28 يناير/كانون الثاني 2014، من أمام دار القضاء العالي، وتم ترحيلها إلى سجن القناطر بتهمة حيازة شال مكتوب عليه أسرة الشهيد علي سعيد، وحيازة هاتف محمول به أغان مسيئة للجيش، وحيازة صفارة خضراء، وكالعادة تعرضت لانتهاكات التعدي اللفظي والجسدي، والاحتجاز مع الجنائيات، فضلاً عن إصابتها بحروق في ساقيها لسقوط غلاية ماء ساخن، واتهامها بأنها من حاولت إحراق نفسها، كما أصيبت بتسمم غذائي في السجن.
ومن محل تجاري في ميدان الحصري، بعد فض مظاهرة طلابية بالقوة من قبل قوات الداخلية في مدينة 6 أكتوبر، تم اعتقال سارة عاطف 16 سنة، طالبة بالصف الثاني الثانوي يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2013، ثم الافراج عنها يوم 19 من يناير/كانون الثاني 2014، بكفالة قدرها 2000 جنيه، بعد احتجازها في قسم أول بالحي السابع في مدينة 6 أكتوبر، ثم ترحيلها إلى الأحداث بالجيزة مع مرتكبي الجرائم الجنائية، وعدم استطاعتها دخول امتحانات الفصل الدراسي الأول.
"ناهد شريف" الشهيرة بـ"ناهد بيبو- 6 أبريل" أم لطفل في الخامسة من عمره، كانت تعيش مع أمها المسنة، واعتقلت 6 يونيو/حزيران 2012 أثناء فترة حكم المجلس العسكري على خلفية فض اعتصام دار القضاء، ولم يفرج عنها من سجن القناطر إلا اليوم الخميس 6 من مارس/آذار 2014، وبحسب باحث بالمركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية - رفض ذكر اسمه - فإن ناهد ما زال لديها الإصرار على إكمال مشوار الثورة بعد قرابة العام ونصف العام من الحبس، وتعرضت لتعقيد الإجراءات وطول فترة الانتظار، وإهدار أموال أهالي السجناء من قبل بعض العاملين بالسجن استغلالاً للهفتهم على أبنائهم، ومضايقة الضباط، هو ما واجهته ناهد شريف مثلها مثل سائر المعتقلات.
ولا يقف الأمر عند الاعتقال فحسب، فأحد المحامين - رفض ذكر اسمه - أفاد بأن هناك قضية اغتصاب لفتاتين من ذوي الاحتياجات الخاصة، إحداهن تدعى شيرين ناصر تم اغتصابها في مستشفى كيلوبترا في مصر الجديدة في غرفة التخدير، ولأن المستشفى يتبع أحد كبار رجال الدولة، يتم تهديد الفتاة بالقتل، فضلاً عن انهم أشاعوا أنها مريضة نفسياً.
أما الفتاة الأخرى فتدعى هناء محمد، وتعرضت للاغتصاب من مجموعة من الرجال داخل قسم عين شمس، رفض النائب العام التحقيق في الملف الخاص بها نظراً لأن 2 منهم من ضباط شرطة قسم عين شمس، ما أدى إلى حمل هناء وولادتها لطفلة مختلطة الأنساب.
أما آيات حمادة الطالبة بجامعة الأزهر، والمسؤولة عن الطالبات في جبهة "طريق الثورة"، فقد كانت شهادتها بعد خروجها من المعتقل مؤخراً هي الأشهر، حيث روت آيات ما حدث لها منذ اعتقالها وعلى مدار54 يوماً هي مدة احتجازها.
وذكرت آيات في مؤتمر صحافي كيف تم اعتقالها من الجامعة حين حاولت مساعدة زميلة لها اعتقلتها الشرطة ومزقت حجابها، ثم القبض على فتاتين أخريين كانتا تقفان بجوار المدرعة التي تم احتجازها فيها.
وروت آيات مسيرة الانتهاكات والتعذيب التي تعرضت لها هي وزميلاتها في أماكن الاحتجاز المختلفة التي مرت بها.