مصر: الحكم بالسجن المؤبد على 20 متهماً بـ"أحداث بورسعيد"

30 ابريل 2016
الدفاع أكد أن التحريات لم تعزز بدليل يدين المتهمين(الأناضول)
+ الخط -

أصدرت محكمة جنايات بورسعيد المصرية، اليوم السبت، حكمها في قضية أحداث "سجن بورسعيد"، بالسجن 710 سنوات، مع الشغل والنفاذ، على 51 متهماً من أبناء بورسعيد، على خلفية اتهامهم بقتل الضابط أحمد البلكي، وأمين الشرطة أيمن العفيفي، و40 آخرين، وإصابة أكثر من 150.

وقضت المحكمة بالسجن المؤبد 25 عاماً على 20 متهماً، كما قضت بالسجن المشدد 10 سنوات على 12 متهماً، وبالسجن المشدد 5 سنوات على 18 متهماً، وانقضاء الدعوى الجنائية عن متهم لوفاته داخل السجن، وذلك بمجموع أحكام بلغت 710 سنوات.

واستمعت المحكمة بالجلسات الماضية إلى المحامي يوسف نيازي، عضو الدفاع عن المتهمين، الذي استند في مرافعته على التقرير الطبي الفني، الذي أشار إلى أن الضحايا من المتوفين والمصابين أُصيبوا بطلقات نارية، وأنها لم تُثبت أي إصابة وقعت نتيجة طلقات الخرطوش، مشيراً إلى أن ذلك دليل قاطع على براءة المتابعين من الاتهام المسند إليهم، موضحاً أن السلاح الذي ادُّعي ضبطه مع أحد المتهمين كان فرد خرطوش، ومثبتاً ذلك بمحاضر الضبط والجلسات، وهو ما ثبت عدم تسببه في وقوع أي من الضحايا، سواء القتلى أو المصابين.

وأضاف نيازي أنه لا يوجد شاهد رؤية ولا مقطع مصور أثبت إدانة موكله، كما أنه لم يُضبط في مسرح الواقعة، وأن من ضبط المتهم لاتهامه بالاعتداء على قسم الضواحي لم يشر إلى ضبطه حائزاً لأية أسلحة نارية، نافياً الإمكانية الفنية لما ورد بالتحريات عن واقعة الاعتداء على القسم والمسندة إلى موكله.

وانتقد المحامي أداء البرلمان خلال الفترة الراهنة، حيث قال في مرافعته أمام المحكمة: "إنه كان أولى عليهم نظر حوائج الناس بدلاً عن ضرب بعضهم البعض بالأحذية"، معقباً بأنهم سيُحاسبون على ذلك، مستعرضاً، خلال مرافعته عن المتهمين محمود السيد ومحمد يسري، دور مجلس النواب في نظر القوانين التي تُطبق استثناء، ومن أهمها قانون البلطجة الوارد بالمادة 375 مكرر أ، والصادر بمرسوم من المجلس العسكري، مشيراً إلى ما أوصلته عقوبة تلك المادة للمدانين على إثرها من إعدام ومؤبد، لافتاً إلى أنه لو طُبقت على المتهمين المواد التي تتصل باتهام القتل والشروع فيه سيتيح ذلك لدفاعهم سؤال الشهود كل واحد على حدة عن دور كل متهم تحديداً وتوجيه السؤال الرئيسي: "من قتل من؟".

وأشار الدفاع، في ختام مرافعته، إلى أن بورسعيد تحولت لـ"مدينة أشباح"، لافتاً إلى أن التحريات انقسمت في إسناد الاتهام لجهات خارجية تمد بالأموال لإثارة الفوضى بالبلاد من ناحية، ومن ناحية أخرى تسند الاتهام لأفراد من قرية الشبول هاجموا السجن لتحرير ذويهم، ليعلق قائلاً إن المتهمين موكليه ليسوا من هؤلاء أو هؤلاء.

وسمحت المحكمة لأحد المتهمين، ويدعى محمد يسري، بالحديث، والذي قال في إجاباته على تساؤلات المحكمة إنه قُبض عليه في منزله، وأنه لم يشارك في وقائع الدعوى.

وأشار يسري إلى أنه كان جالساً في "كوفي شوب" يوم 26 يناير/ كانون الثاني 2013، أول أيام الأحداث، وغادر إلى منزله بعد ذلك، وتم ضبطه هناك قائلاً: "متاخد من البيت ثاني أيام أحداث الثورة".

وبعد ذلك استمعت المحكمة إلى مرافعة المحامي عاطف المناوي، عضو فريق الدفاع عن المتهمين، والحاضر عن المتهمين السادس والسابع عشر، والذي قال في مرافعته إنه ليس من بورسعيد، ولكنه يعلم أنه لا بيت فيها لا يبكي، وأن "أرواح من قُتلوا ستظل جميعها في السماء تحوم حول قضاتها بانتظار أن يؤخذ قصاصها عدلاً وحقاً، وأنها لن ترتاح إذا ما أُخذ قصاصها من غير قاتليها"، لافتاً إلى أن "أوراق القضية حملت من الأكاذيب، على لسان الجميع، أكثر ما حملت من حقائق، وهناك عبء ملقى على عاتق المحكمة جراء ذلك، داعياً لهم دعاء الرسول الكريم: "اللهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أوْ أُضَلَّ، أَو أزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ"".

وتواصلت المرافعة بالإشارة إلى ما ورد بأمر الإحالة من اتهامات بالقتل والشروع فيه، والمسند للمتهمين المحالين وآخرين، ليعلق عضو الدفاع بأن تلك الكلمات تُكرر منذ نصف قرن، متسائلاً عمَا إذا ما كان المتهمون المحالون الـ51 سيحملون وزر الباقين المجهولين الذين يقاربون الخمس مائة.

واستمعت المحكمة، في الجلسة الماضية أيضاً، إلى مرافعة أعضاء هيئة الدفاع، والتي أكدت أن التحريات لم تعزز بدليل، وهدفت إلى إبعاد الاتهام عن رجال الشرطة، وأنها تحريات "غلب عليها الهوى".

ودفعت هيئة الدفاع ببطلان تحريات أجهزة الأمن، ووصفتها بأنها حاولت إدخال الغش والتدليس على جهات التحقيق والمحكمة، بغرض الانتقام السياسي والتلفيق والتغطية على جرائم هم من ارتكبها، متهمة إياها بالمسؤولية عن قتلى الأحداث، مشيرة إلى أن مقتل ضابط وأمين شرطة فيها تم بـ"نيران صديقة"، موضحة أن القتلى كانوا مدربين ويحملون أسلحة آلية، إذ أكد الشهود من قوات الأمن أن الضباط كانوا مسلحين ببنادق آلية، كما كانوا في أبراج مرتفعة ومكشوفة على المنطقة، حيث يستطيعون التصويب منها بدقة على الرأس والعين والكتف وأماكن قاتلة.

وقال أحد المحامين: "أنا معي فيديو من 28 يناير/ كانون الثاني 2011 صورته بنفسي، وسوف أحضره للمحكمة، رصدت فيه أعمالاً خسيسة ضد الوطن، تحدث ممن هم قائمون على حمايته"، مشدداً على أنه صوّره من شرفة منزله، ويظهر قسم العرب وشرطيين معهما "بلطجية" يحملون سيوفاً و"سنج" يوزعونها في الشوارع الجانبية، للقيام بأعمال تخريب عقب حرق القسم.

وأكد المحامي ذاته: "كل الذين ذكرتهم يوثق أفعالهم الفيديو، وليسوا من أهل بورسعيد، بل يقيمون بمناطق عشوائية منها، يستقدمون للتخريب ويعودون لأوكارهم".

كما استمعت المحكمة إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين، من بينهم عضو هيئة الدفاع، المحامي أشرف العزبي، والذي استهلّ مرافعته بالتركيز على أن "القضية نتاج الحدث الجلل الذي حدث يوم السادس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2013، وما أصاب المدينة بشكل عام من ظلال الحزن التي خيّمت على بيوت المحافظة، سواء ألماً على الأبرياء الذين دفعوا فاتورة ذنب لم يقترفوه، أو لصراخ أم وأب أو زوجة فقدوا عزيزهم، دون ذنب، بعد إصابتهم بطلقات الغدر من قناصة محترفين"، على حد قوله.

واستمعت المحكمة إلى المحامي محمد خضر، الحاضر عن المتهمين الأول والرابع، والذي دفع ببراءتهم تأسيساً على 12 دفعاً، منها "انتفاء أركان القتل العمدي، وانتفاء أركان المساهمة الجنائية، وانتفاء أركان الجرائم الواردة بأمر الإحالة، ودفع الدفاع بعدم دستورية نص المادة 102، واستحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات".

ودفع المحامي عصام سلامة، خلال هذه الجلسة، بمسألة تزوير محاضر مشاهدة الأسطوانات المدمجة الخاصة بالقضية، لتعمد إثبات أمور وإخفاء أمور أخرى.

وشهدت الجلسات الماضية صراخ عدد من المتهمين تجاه القاضي للسماح لهم بالتحدث، وقد سمح لهم واشتكوا من تعرضهم لعمليات تعذيب ممنهجة، وطالبوا بعرضهم على الطب الشرعي، وهو ما وافق عليه القاضي.

كما أوضح المتهمون أنه تجري معاملتهم بشكل غير آدمي، عبر إهانتهم ومنع الزيارات عنهم بالمخالفة للوائح والقوانين المصرية، فأكد القاضي مخاطبته لمصلحة السجون لتوفير رعاية آدمية لهم.