حُجزت قضية القاضيين المصريين اللذين شاركا في إعداد ومراجعة مسودة قانون لمكافحة التعذيب في مصر، للحكم بجلسة 29 يونيو/حزيران الجاري.
وأحيل المستشاران القاضيان هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار إلى مجلس الصلاحية، على خلفية حضورهما "ندوة" لمناقشة قانون مقترح لمكافحة التعذيب، سبق أن شاركا في صياغته، بدعوة المحامي الحقوقي نجاد البرعي وبالتعاون معه، في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وباتت الإحالة للصلاحية تُستخدم كثيرًا في الآونة الأخيرة في مصر، كوسيلة للانتقام من بعض القضاة وإقصائهم عن مناصبهم القضائية عقوبة لهم على تعبيرهم عن آرائهم. في حين أن هناك الكثير من القضاة أفصحوا عن آراء سياسية مؤيدة للنظام سواء في أحكامهم أو من خلال الإدلاء بحوارات صحافية، ولم يتم التعرض لهم.
وتعود بدايات هذه القضية إلى مايو/أيار 2015 حين تم انتداب قاضٍ للتحقيق في تعاون القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار مع "منظمة غير شرعية"، واشتراكهما في صياغة مشروع قانون لمكافحة التعذيب، كمساهمة منهما لسد الفراغ التشريعي الذي يعرقل عمل النيابة العامة والقضاء في هذا النوع من القضايا، ومن ثم إفلات مرتكبيها من العقاب.
وتوالت إجراءات التقاضي على مدار أربعة أعوام متتالية، حتى تم حجز الحكم في نهاية الشهر الجاري.
بدوره، كتب المستشار هشام رؤوف، عبر حسابه الخاص على "فيسبوك"، بعض تفاصيل القضية وسير إجراءاتها يوم أمس السبت "كان موعدنا مع الجولة العشرين من ماراثون المحاكمة أمام مجلس تأديب القضاة بهيئة عدم الصلاحية. ستة وعشرون شهراً وعشرون جلسة متفرقة منذ صدر قرار إحالتنا للمحاكمة في مارس/آذار 2017 حتى وصلنا إلى المحطة الأخيرة اليوم (لعلها تكون كذلك بأمر الله)، فاليوم تمت المرافعة الشفوية وقرر المجلس حجز الدعوى للحكم لجلسة 29/6/2019".
وتابع "أتذكر يوم صدور قرار الإحالة واعتبارنا في إجازة حتمية في 28/3/2017 وتلقيت اتصالا تليفونيا الساعة الثالثة ظهراً من سعادة المستشار عضو المكتب الفني بمحكمة استئناف القاهرة وكنت في شارع اللاسلكي الشهير بالمعادي(...)، وحين رأيت رقم تليفون المحكمة توقفت بالسيارة على جانب الشارع لتلقي المكالمة، ووجدت على الجانب الآخر زميلا فاضلا أقدره واحترمه وهو يحاول أن يزيّن الكلمات قبل أن يلقي في وجهي قنبلة صدور قرار الإحالة ولا يستطيع أن يقولها وهو يحاول أن يقدم لها بكلمات عن تقدير الجميع لشخصي، وكلمات عن الابتلاء والصبر وما شابه، فقلت له تحدث مباشرة ولا تخشَ عليّ شيئاً سأتحمل لأنني متوقع ما سيحدث، هل صدر قرار في التحقيقات في موضوع مشاركتي في مراجعة مقترح مشروع قانون مناهضة التعذيب! فألقى ما لديه سريعاً معتذراً متمنياً لي الخير".
وأضاف "وهكذا كانت بداية الماراثون، ولكن أُشهد الله أنني بعد أن أغلقت الهاتف ووجدتني وقد نزلت عليّ سكينة ليس لها من سبب أو مصدر منطقي ومقبول مع مثل هذا الخبر الكارثة لأي قاضٍ إلا أن تكون من عند الله.. هدوء وسكينة أحمده سبحانه وتعالى وأسجد له شكراً وعرفاناً بفائض رحمته وكرمه أن منحني إياها".
واختتم القاضي كلماته بالقول "سيظل التعذيب جريمة ضد الإنسانية... لنا لقاء يوم السبت 29 يونيو الجاري".
وانتهى مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي فضلاً عن قاضي التحقيق في مذكراتهم إلى أن ما قام به القاضيان يعد اشتغالًا بالسياسة، بما يُفقدهما شرطًا من شروط الصلاحية لتولي المناصب القضائية، وهو ما يفرد له تعليق مركز القاهرة جزءاً مستقلاً، يشرح فيه المقصود قانوناً بمصطلح "الاشتغال بالسياسة" والغاية القانونية من إقراره، استنادًا للمذكرة التوضيحية للقانون رقم 66 لسنة 1943 والخاص باستقلال القضاء، والذي ورد في مادته الـ17 هذا الحظر، بالإضافة لما جاء في أحكام سابقة لمجلس التأديب والإصلاحية وبيانات للمجلس الأعلى للقضاء.