مصر: استعدادات لإعلان "كيان موحد لشباب النظام"

24 يونيو 2016
اتساع الفجوة بين نظام السيسي والشباب المصري(عمر عبدالرحمن/الأناضول)
+ الخط -
تكشف مصادر حكومية مصرية أن المؤتمر الموسع للحوار مع الشباب، الذي أعلن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي عن عقده في شرم الشيخ في شهر سبتمبر/أيلول المقبل، سيشهد "بلورة كيان موحد للشباب المصري"، يكون تابعاً للمجلس القومي للشباب ومندمجاً من الناحيتين التدريبية والإدارية مع البرنامج الرئاسي لإعداد أبناء الجيل الجديد للقيادة، الذي أطلقه السيسي نهاية العام الماضي وينتظم فيه حالياً نحو 500 شاب.

وتضيف المصادر أن "الكيان الجديد سيحمل اسماً من عدة أسماء مقترحة هي: شباب دعم مصر، شباب بيحب مصر، شباب تحيا مصر"، وأن وزير الشباب المقرب من السيسي، خالد عبدالعزيز، انتهى بالفعل من وضع تصور شامل لإنشاء هذا الكيان الجديد، الذي سيضم في عضويته جميع المقبولين للدراسة في "برنامج إعداد القادة"، وكذلك المجموعة المعروفة بـ"الشباب الإعلاميين"، الذين اختارهم مكتب السيسي منذ أشهر عدة، وعزز موقعهم على حساب الحرس القديم في الإعلام المصري، وتم توزيعهم على الصحف والمؤسسات الإعلامية الموالية للنظام لتحسين صورته".

وتوضح المصادر أن أجهزة أمنية كالأمن الوطني، والاستخبارات العامة، والرقابة الإدارية، تجري مراجعة "دقيقة" لأسماء جميع الشباب الذين يتم ترشيحهم للبرنامج الرئاسي، وستقوم بنفس الأمر حيال ملفات الشباب المنضمين للكيان الجديد، للتأكد من أن الأعضاء الجدد مضمونون أمنياً ومؤيدون تماماً للنظام الحاكم، وليست لديهم أية انتماءات سياسية لتيارات معارضة، وكذلك الجماعات الإسلامية، بما في ذلك حزب "النور" السلفي.

وسيمارس الكيان الجديد أنشطة اجتماعية وتدريبية وتثقيفية ورياضية فقط، وذلك من خلال استغلال جميع المراكز الشبابية التي تديرها وزارة الشباب على مستوى الجمهورية، على أن يفتح باب قبول التبرعات لهذا الكيان الجديد. وستقوم بتمويله جهات عدة من بينها شركات رجال الأعمال التابعين للدائرة الاستخباراتية-الرقابية التي شكلها السيسي لإدارة المشهد السياسي، كأحمد أبوهشيمة وياسر سليم. وسيشارك الكيان في برامج تدريبية مشتركة مع أحزاب ائتلاف "دعم مصر" الذي يمثل الأكثرية النيابية التابعة للسيسي.

ويهدف المشروع بصورته الواسعة إلى تفريخ مسؤولين شباب جدد موالين للنظام الحاكم، وضمّهم لهيئة حزبية شبه نظامية موحّدة، تضمن استمرارية تحكّم النظام في مفاصل الدولة، وتوغله في الأوساط الشبابية، وذلك بعد التأكد أمنياً من عدم انتمائهم ﻷي تيار معارض، الأمر الذي من شأنه أن يسهل الدفع بهم إلى مواقع المسؤولية في الحكومة.

وكانت "العربي الجديد" قد نشرت في شهر أبريل/نيسان الماضي معلومات مفادها أن السيسي سيعلن عن إنشاء الكيان الشبابي الجديد رسمياً في إحدى المناسبات الرسمية قبل نهاية العام الجاري، وهو ما يؤكده حديث المصادر وكلام السيسي شخصياً خلال حفل إفطار البرنامج الرئاسي لإعداد الشباب للقيادة يوم الإثنين الماضي.


وتنفي المصادر الحكومية نفسها أن يكون السيسي عقد حواراً مع أي قوى شبابية على عكس ما ذكر خلال حفل الإفطار ذاته، موضحة أن "الحديث عن تصالح حقيقي مع الشباب المعارض للنظام هو أمر معطل ومعلق، تماماً كالتصالح مع معارضي النظام من غير المتورطين في قضايا جنائية"، واصفةً هذا الحديث الشفهي بـ"مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي".

وتؤكد المصادر أن "محاولات النظام للتواصل مع الشباب المعارض اقتصرت فقط على بعض المبادرات الفردية التي تقدم بها عدد من الكتاب الصحافيين المقربين من السيسي خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 وحتى شهر مارس/آذار 2016، وأن السيسي كلف هؤلاء الكتاب بجس نبض الشباب المعارضين، وأن رد الفعل جاء سلبياً للغاية". وتشير المصادر إلى أن "السيسي، ومدير مكتبه عباس كامل، أحدثا تغييراً في سياسة تعامل دائرتهم مع الشباب، بحيث أصبح من المحظور تماماً التعامل مع أي ناشط سياسي أو عضو حزبي شاب له أي رأي مستقل أو لا يعتنق نفس أفكار النظام، أي أن المستقلين والمحايدين، بين السيسي والإخوان (المسلمين)، لم يعودوا مرغوبين أيضاً".

وتصف المصادر هذا المشهد بقولها إن "المنطقة الرمادية التي كانت مكتظة في الماضي بكتّاب وصحافيين وإعلاميين وناشطين شبان تتقلص بشكل مستمر، ولم يعد مقبولاً وجودها حالياً، فإما أنت مع النظام أو ضده، مما يغلق الباب أمام محاولات التقريب الفردية التي يبذلها أشخاص يقفون على يسار النظام ويحتفظون بعلاقات شخصية قوية مع عدد من النافذين فيه".

وبالعودة للحوارات المستمرة مع الشباب التي أشار إليها السيسي، تقول المصادر إن "مكتب الرئيس شكل لجانا عدة لاستطلاع آراء الشباب غير المسيس في المحافظات، للتعرف على أبرز مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية لوضعها على قائمة الحلول خلال المؤتمر المزمع انعقاده بشرم الشيخ، وذلك كله دون التفات إلى الملف السياسي".

وتعكس الأحداث الأخيرة، وبصفة خاصة التظاهرات المعارضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، الاتساع المتزايد للفجوة بين نظام السيسي والشباب المصري، على الرغم من أنه أعلن تخصيص العام الجاري لقضايا الشباب. وتبرز هذه الفجوة تحديداً مع الفئة العمرية دون الثلاثين عاماً، التي شاركت، أو كانت شاهدة، على ثورة 25 يناير 2011، ومراحل صعود وهبوط الحراك الثوري المصري على مدار السنوات الخمس الماضية. وساهمت الأحكام القضائية التي صدرت أخيراً بحبس وتغريم عشرات الشباب، في تأجيج غضبهم الذي لا يجد متنفساً إلا مواقع التواصل الاجتماعي.
المساهمون