وأكدت المبادرة في تقريرها الشهري، الصادر مؤخرا، أن 581 متهمًا على الأقل صدرت ضدهم أحكام بالإعدام منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك في 174 قضية مدنية و9 قضايا عسكرية، مشيرة إلى أنّ الأرقام الواردة في الحصر، تمثل الحد الأدنى الذي استطاع الباحثون الوصول إليه من خلال الأهالي وما تم تداوله في وسائل الإعلام.
وتوسع القضاء المصري خلال اﻷعوام الخمسة اﻷخيرة في إصدار أحكام إعدام جماعية في قضايا معظمها ذات طابع سياسي. وأصدر البرلمان الأوروبي في فبراير/شباط 2018 في جلسته العامة، قرارًا استثنائيًا، دان فيه أحكام الإعدام المنفذة في مصر، وطالب بالتوقف الفوري عن تنفيذ أية أحكام إعدام جديدة.
وتعارض المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وعشرات المنظمات والجماعات حول العالم، عقوبة الإعدام من حيث المبدأ وفي جميع الأحوال بدون أي استثناءات، "لِما تمثله من انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، وعلى رأسها أول وأقدس حقوق البشر وهو الحق في الحياة، لأنها عقوبة فريدة من حيث كونها نهائية، لا رجعة فيها، فلو ظهرت براءة المتهم لاحقًا فإنه يستحيل إعادته إلى الحياة. وقد حدث بالفعل في مصر أن تم تنفيذ أحكام إعدام بمقتضى قوانين، حُكِم لاحقًا بعدم دستوريتها".
حصاد أحكام الإعدام
وتوضح المبادرة في حصادها، أنه في يناير/كانون الثاني 2018، صدر حكم الإعدام بحق 30 متهمًا، بالإضافة إلى 51 متهمًا آخر في 17 قضية تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي، استعدادًا لتنفيذ العقوبة. وتم تنفيذ العقوبة فعليًا على 11 شخصًا في 6 قضايا منها 5 قضايا عسكرية.
وفي فبراير/شباط 2018، صدرت عقوبة الإعدام بحق 76 متهمًا، بالإضافة إلى 68 متهمًا في 30 قضية تمت إحالة أوراقهم للمفتي، شملت 24 قضية أمام القضاء الطبيعي، وقضية واحدة أمام القضاء العسكري.وقد تم تنفيذ العقوبة بالفعل على 6 أشخاص في قضيتين طبيعيتين.
وفي مارس/آذار 2018، صدرت عقوبة الإعدام بحق 56 متهمًا، في 18 قضية أمام القضاء الطبيعي، وقضيتين عسكريتين، قد تم تنفيذ العقوبة بالفعل على 12 شخصًا في 4 قضايا طبيعية وقضية عسكرية واحدة.
وشهد شهر مارس/آذار الماضي، موافقة نهائية من مجلس النواب المصري على تعديلات قانون العقوبات، ليشمل "تطبيق عقوبة الإعدام على حيازة أو تصنيع أو استيراد المواد المتفجرة".
وفي إبريل/نيسان 2018، صدر حكم الإعدام بحق 69 متهمًا، بالإضافة إلى 118 متهمًا في 15 قضية تمت إحالة أوراقهم للمفتي، منهم 14 قضية أمام القضاء الطبيعي، وقضية عسكرية واحدة. ولم يتم تنفيذ عقوبة الإعدام على أي شخص خلال هذا الشهر.
وفي مايو/أيار 2018، صدرت عقوبة الإعدام بحق 45 متهمًا في 23 قضية أمام القضاء الطبيعي، بالإضافة إلى 47 متهمًا في 15 قضية تمت إحالة أوراقهم للمفتي. ولم يتم تنفيذ عقوبة الإعدام على أي شخص خلال هذا الشهر.
وفي يونيو/حزيران 2018، صدر حكم الإعدام في حق 22 متهمًا في 15 قضية أمام القضاء الطبيعي، بالإضافة إلى 61 متهمًا في 22 قضية تمت إحالة أوراقهم للمفتي. وتم تنفيذ العقوبة على شخص واحد في قضية عسكرية.
ويوليو/تموز 2018، صدر حكم الإعدام بحق 28 في 7 قضايا طبيعية، بالإضافة إلى إحالة أوراق 98 متهمًا في 13 قضية للمفتي. وتم تنفيذ الحكم على شخص واحد فقط في قضية أمام قاض طبيعي.
وفي أغسطس/آب 2018، صدر حكم الإعدام بحق 23 متهمًا في 8 قضايا أمام القضاء الطبيعي، بالإضافة إلى 11 متهمًا في 4 قضايا تمت إحالة أوراقهم للمفتي.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، صدر حكم الإعدام بحق 151 متهمًا في 31 قضية أمام القضاء الطبيعي، بالإضافة إلى 3 متهمين في قضيتين أخريين تمت إحالة أوراقهم للمفتي. وتم تنفيذ
العقوبة على شخص واحد فقط في قضية طبيعية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، صدر حكم الإعدام بحق 37 شخصًا في 10 قضايا أمام القضاء الطبيعي وقضيتين عسكريتين، بالإضافة إلى تحويل أوراق 39 متهمًا في عشرين قضية إلى المفتي تمهيدًا للتنفيذ. ولم يتم تنفيذ العقوبة على أي شخص.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، صدر حكم الإعدام بحق 44 متهمًا في 16 قضية أمام القضاء الطبيعي، وقضية عسكرية واحدة، بالإضافة إلى 38 متهمًا في 25 قضية تمت إحالة أوراقهم إلى المفتي. ولم يتم تنفيذ العقوبة على أي شخص.
جدل العقوبة بين معارض ومؤيد
والجدل حول تنفيذ عقوبة الإعدام مستمر منذ اندلاع ثورة 2ٌ5 يناير/كانون الثاني، عندما انطلقت مجموعات حقوقية مثل "ضد الإعدام" و"لا للإعدام" وغيرهما للمطالبة بإلغاء تلك العقوبة، متمسكين بحجج منها "أنها العقوبة الوحيدة التي لا يمكن تدارك آثارها إذا تبين فيما بعد براءة المحكوم عليه، وأنه لا يجوز للدولة أن تمارس القتل حتى ولو كان عقابا على القتل، فمكافحة الجريمة لا يكون بفعل وحشي من جنسها.
كما أن المناهضين للعقوبة يرون "أنه يمكن استبدالها بالسجن مدى الحياة وهو يؤدي نفس الغرض بعزل المجرم عن المجتمع. وأن إلغاءها يحول بين النظم الدكتاتورية والتخلص من معارضيها. كما أنه لم يثبت وفقا للإحصاءات الجنائية أنها حدّت من وقوع الجرائم المعاقَب عليها".
ويشير المناهضون للعقوبة إلى أنها "بصفة عامة لم تشرع للتشفي والانتقام بل لتحقيق الردع والإصلاح".
أما حجج المؤيدين للإبقاء على العقوبة، فلأنها منصوص عليها في الشريعة الإسلامية حدّا وقصاصا وتعزيرا. وأنها تحقق الردع العام في الجرائم الخطيرة. وأنها تُشفي صدور أهل المجني عليه في الجرائم ضد الأشخاص وتمنع تبادل الانتقام. كما يرى مؤيدوها أنها تحمي المجتمع من الجرائم التي تهدد كيانه. وأنه لا يُعلَم تحديدا عدد الجرائم التي يمكن أن تقع لو ألغيت عقوبة الإعدام فيها.
أما عن موقف الدول من تلك العقوبة، ففسّرها أستاذ القانون الدستوري، نور فرحات، قائلا: "أوقفت 24 دولة عقوبة الإعدام عمليا، فهي تحتفظ بها في القانون لكنها لم تنفذ أية عمليات إعدام طوال السنوات العشر الماضية أو أكثر، ويُعتقد أنها تنتهج سياسة أو لديها ممارسات تقضي بعدم تنفيذ عمليات إعدام، مما يرفع مجموع الدول التي ألغت عقوبة الإعدام في القانون وتنفيذها إلى 120 دولة".
وأشار إلى موقف منظمات حقوق الإنسان الغربية تجاه الإلغاء، وموقف المجلس القومي لحقوق الإنسان إلى إلغائها في الجرائم السياسية.
ومن الدول التي أوقفتها رسميًا؛ فنزويلا 1863، رومانيا 1864، البرتغال 1867، هولندا 1870، كوستاريكا 1880، كولومبيا 1910، النرويج 1950، النمسا 1905، السويد 1920، الأرجنتين 1922، الدومينيكان 1924، الدنمارك 1930، المكسيك 1931، أيرلندا 1940، سويسرا 1937، إيطاليا 1944، أستراليا 1945، ألمانيا الغربية 1949، فنلندا 1949، نيبال 1950، هندوراس 1953، نيوزيلندا 1961، موناكو 1962، إنكلترا (المملكة المتحدة) 1965، أيرلندا الشمالية 1966، كندا 1967، الفاتيكان 1969، إضافة إلى أغلب الولايات الأميركية.