أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، لاشين إبراهيم، الأربعاء، نتائج جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، والتي جرت خلال يومي 6 و7 سبتمبر/أيلول الجاري بالنسبة للمصريين في الخارج، و8 و9 من الشهر نفسه في الداخل، وسط انتهاكات واسعة من قبل حزب "مستقبل وطن" المدعوم من أجهزة الدولة.
وكان "العربي الجديد" قد وثّق استخدام "مستقبل وطن" لسلاح "الرشى المالية والعينية" خلال جولة الإعادة، في مواجهة حالة عزوف الناخبين عن المشاركة لحسم 26 مقعداً في 14 محافظة، ما دفع بالمرشح المستقل عن دائرة محافظة أسيوط، منتصر العمدة، إلى إعلان انسحابه من العملية الانتخابية، احتجاجاً على "توزيع الحزب مواد غذائية لحشد المواطنين على مسمع ومرأى من الجميع".
وأفاد إبراهيم في بيان للهيئة، مساء الأربعاء، بأن "عدد الناخبين المقيدين في محافظات جولة الإعادة بلغ 28 مليوناً و217 ألفاً و880 ناخباً، حضر منهم مليونان و884 ألفاً و757 ناخباً، بنسبة مشاركة بلغت 10.2%"، مشيراً إلى أن "إجمالي عدد الأصوات الصحيحة بلغ مليونين و451 ألفاً و704 أصوات، بنسبة مشاركة بلغت 84.09%، مقابل عدد أصوات باطلة بلغ 433 ألفاً و54 صوتاً بنسبة 15.01%".
وأضاف: "تنافس في جولة الإعادة 52 مرشحاً على 26 مقعداً فردياً في محافظات: الجيزة، والقليوبية، وبورسعيد، والإسماعيلية، والمنوفية، وكفر الشيخ، ودمياط، وبني سويف، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، ومطروح"، زاعماً أن "الانتخابات جرت وفق أعلى معدلات النزاهة والشفافية الدولية، وبمتابعة على أعلى مستوى من منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة".
ولم تسمح الهيئة سوى لأربع منظمات أجنبية فقط، بالإشراف على انتخابات مجلس الشيوخ، وهي منتدى "جالس" من أوغندا، ومنظمة "إيكو" من اليونان، ومنظمة "متطوعون بلا حدود"، والبرلمان العربي، فيما قبلت الهيئة إشراف 37 منظمة محلية، ليست منها أي منظمة حقوقية مستقلة، مستبعدة كل المنظمات التي توجه انتقادات للنظام المصري، في ما يخص ملف انتهاكات حقوق الإنسان.
وحصد حزب "مستقبل وطن" 20 مقعداً في جولة الإعادة، مقابل مقعد وحيد لحزب "الشعب الجمهوري" المؤتلف معه، بينما ذهبت 5 مقاعد إلى مرشحين مستقلين، لترتفع حصيلة "مستقبل وطن" إلى 89 مقعداً من إجمالي 100 مقعد على النظام الفردي، يليه "الشعب الجمهوري" بـ5 مقاعد إجمالاً، ثم المستقلون بـ6 مقاعد عن دوائر محافظات القاهرة، وأسيوط، وقنا، والأقصر، والإسماعيلية.
وحصل حزب "مستقبل وطن" على 62 مقعداً على نظام القائمة المغلقة، بإجمالي 151 مقعداً من أصل 200 مقعد مخصصة للانتخاب، بنسبة بلغت 75.5% من إجمالي المقاعد، مقابل 11 مقعداً في القائمة لحزب "الشعب الجمهوري"، و6 مقاعد لحزب "الوفد الجديد"، و4 مقاعد لحزب "حُماة الوطن"، و3 مقاعد لكل من أحزاب "مصر الحديثة"، و"التجمع"، و"المصري الديمقراطي"، و"الإصلاح والتنمية"، ومقعدين اثنين لحزب "المؤتمر"، ومثلهما لحزب "الحركة الوطنية"، مع منح حزب "الحرية المصري" مقعداً واحداً.
كشفت مصادر سياسية عن اتخاذ دائرة الرئيس قراراً بإنهاء وجود حزب "النور" في الحياة السياسية الرسمية، كونه يقوم على أساس ديني
إلى ذلك، مُنيت أحزاب "النور" السلفي، و"الوفد الجديد"، و"الغد" و"المصري الديمقراطي" و"حُماة الوطن" و"الحركة الوطنية" بخسارة مُذلة في انتخابات مجلس الشيوخ، إذ اكتفت الأحزاب المؤتفلة منها مع حزب "مستقبل وطن" بالمقاعد المحدودة التي مُنحت لها على نظام القائمة المغلقة، في حين خرج حزب "النور" (الذراع السياسية للدعوة السلفية في مصر) خالي الوفاض تماماً، إثر خسارة جميع مرشحيه في جولتي الانتخاب الفردي.
ودفع حزب "النور" السلفي بـ16 مرشحاً في 9 محافظات على النظام الفردي، بعد لفظ الحزب من القائمة التي يرعاها حزب "مستقبل وطن"، وصل منهم 5 مرشحين إلى جولة الإعادة، غير أن الموت غيب المرشح عن دائرة محافظة بني سويف، شعبان عبد العليم، في 13 أغسطس/آب الماضي، ليفشل 4 مرشحين لاحقاً في جولة الإعادة.
وتجدر الإشارة إلى اتهام حزب "النور" أجهزة الأمن في مصر بـ"منع أنصاره من التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ"، مدللاً على ذلك بتوسط عضو مجلس النواب عن الحزب، أحمد خليل خير الله، لدى وزارة الداخلية، لوقف ممارسات الشرطة حيال ناخبي الحزب، ومنعهم من الذهاب للجان الانتخاب بمحافظة الإسكندرية، من خلال سحب بطاقاتهم الشخصية، وأخذ مفاتيح سياراتهم على الطرق الموصلة إليها.
وكانت مصادر سياسية مصرية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، عن اتخاذ دائرة الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً بإنهاء وجود حزب "النور" في الحياة السياسية الرسمية، كونه يقوم على أساس ديني، في ظل رغبة رسمية بشأن إغلاق الباب تماماً أمام التيارات الدينية، حتى ولو كانت موالية للنظام، بحيث يقتصر ظهورها في أشكال دعم أخرى غير رسمية، من بينها الجمعيات الخيرية.
ومن المرتقب أن يصدر السيسي قراراً جمهورياً خلال ساعات قليلة، بتسمية 100 نائب في مجلس الشيوخ، بعدما منحت تعديلات الدستور الأخيرة رئيس الجمهورية سلطة تعيين ثلث عدد أعضاء المجلس. ومن أبرز الأسماء المرشحة للتعيين: المستشار القانوني للسيسي محمد بهاء أبو شقة، وسكرتير شؤون المعلومات السابق للرئيس المخلوع حسني مبارك، ورئيس مكتبة الإسكندرية حالياً، مصطفى الفقي.
ووفقاً لمصادر سياسية مطلعة، فإن قائمة المعينين ستشمل كذلك: رئيس جامعة القاهرة السابق جابر جاد نصار، ونقيب الصحافيين الحالي ضياء رشوان، ورئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كرم جبر، ونقيب الإعلاميين السابق والإعلامي المقرب من السيسي أسامة كمال، وأستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة صلاح فوزي، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد فايق، ورئيسة المجلس القومي للمرأة مايا مرسي".