مصر: "قانون التظاهر" أمام قرار المحكمة الدستورية غداً

02 ديسمبر 2016
اعتُقل نحو 40 ألف شخص في مصر (هشام فتحي/الأناضول)
+ الخط -
تسدل المحكمة الدستورية العليا المصرية، غداً السبت، الستار على قضية الطعن على قانون التظاهر الصادر عام 2013، الذي تسبب في صدور قرارات وأحكام بالسجن على نحو 40 ألف شخص، إلى جانب استخدامه في اتهام الآلاف، بحسب محامين وحقوقيين.

في هذا السياق، تنقسم القضية إلى طعنين، الأول متعلق بالمادتين 8 و10، فيما تضمنتاه من وجوب الإخطار قبل القيام بالتظاهرة، وسلطة وزير الداخلية في إصدار قرار مسبّب بمنع التظاهرة أو إرجائها أو نقلها، في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم. وقد أوصت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية برفض الطعن وتأييد المادتين، وبالتالي استمرار إجراءات القانون كما هي لناحية جعل سلطة الشرطة تقديرية في إلغاء التظاهرات أو إيقافها. أما الطعن الثاني فهو بشأن المادتين 7 و19 اللتين تعاقبان كل من يرتكب نحو 16 جريمة مصاحبة للتظاهرات، كتعطيل الطريق والعمل والاعتداء على الممتلكات، بالسجن والغرامة. وقد أوصت هيئة مفوضي المحكمة ببطلانهما، باعتبارهما "يتضمنان صوراً تجريمية مائعة وغير منضبطة، توسع سلطة ضبط الأشخاص وتخضع العديد من التصرفات غير المرتبطة بالجريمة للعقوبة، بالإضافة لمنع المادة 19 عبر تفعيل مبدأ السماح بتخفيض العقوبة أو الاختيار بين السجن والغرامة". وتعتبر التقارير التي تودعها هيئة مفوضي المحكمة الدستورية استشارية بالنسبة لهيئة المحكمة، ويمكن تجاهلها،
مع العلم بأن المحامين خالد علي وعصام الإسلامبولي وناصر أمين وطارق نجيدة، الذين ترافعوا في القضية، عارضوا توصية المفوضين بتأييد المادتين 7 و19، لما تتضمناه من تحويل إجراءات الإخطار المسبق بالتظاهرة، إلى إجراءات الحصول على تصريح بها من وزارة الداخلية، وأيضا فيما تضمنته المادة 10 من تخويل الوزارة سلطة منع التظاهرة قبل موعدها.

وأكد المحامون للمحكمة أن "التظاهر حق دستوري وأن الفلسفة العامة للقانون هي تفريغ هذا الحق من مضمونه وجعله ملك الدولة، التي تسمح للتظاهرات المؤيدة لها، وتمنع التظاهرات المعارضة، كما حدث في التظاهرات الرافضة للتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، بعد أن تمّ القبض على من يرفعون علم مصر وسجنهم أو تغريمهم، بينما حمت الداخلية من كان يرفع علم السعودية". وسلّم خالد علي للمحكمة إحصائية أعدها حقوقيون، أثبتت أن 37 ألف شخص تم اعتقالهم بتهمة التظاهر خلال 3 سنوات.

وذكر أن "مبادئ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومنها أنه إذا كان التشريع يشترط الإخطار بالتظاهرة، فلا يجوز فضّ تظاهرة طالما لم يرتكب المتظاهرون أية مخالفة، كما أنها شددت على عدم جواز تغيير موعد التظاهرة باعتبار ذلك ينزع عنها أية جدوى".



من جهته، اعتبر الإسلامبولي أن "القانون الحالي حوّل الإخطار إلى ترخيص مما يخالف النص الدستوري، على الرغم من أن قانون التظاهر السابق الصادر عام 1923، كان يكتفي بالإخطار، في ظلّ عدم وجود نصّ دستوري منظّم لذلك في دستور 1923". وأشار إلى أن "اشتراط الإخطار قبل ثلاثة أيام من موعد التظاهرة تنتفي معه الصفة العاجلة للتظاهر، كما أن القانون وضع شروطا تعجيزية كتقديم أسماء المشاركين وأرقام هواتفهم والشعارات التي سيرددونها، بما يُصعّب الإجراء ويجعل من الوارد رفضه". وأوضح أن "القانون مخالف للمادة 190 من الدستور التي تسند اختصاص نظر المنازعات الإدارية لمجلس الدولة وحده، لكنه جعل القاضي المختص بمنازعة منع التظاهرة، هو قاضي الأمور المستعجلة".

من جهته، شدّد المحامي ناصر أمين، على أن "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا يجيز المساس بحرية التعبير، أياً كانت حالة الدولة وظروفها الأمنية والسياسية، وأن اشتراط ذكر الشعارات التي ستُردد في التظاهرة سلفاً في الإخطار المقدم للداخلية، يمسّ بالحق ويتجاهل طبيعة التظاهرة والشعارات المتغيرة فيها، التي تكون وليدة اللحظة أو الظرف السياسي أو الاقتصادي الذي يعيشه المشاركون".

وتتخوّف الحكومة المصرية من أن تقضي المحكمة الدستورية بعدم دستورية أي من مواد القانون، مع ما سيترتب على ذلك تبرئة جميع المتهمين الذين سبق وعوقبوا بالسجن أو الغرامة، بناء على مواد من هذا القانون، خصوصاً أن الحكومة قامت بجمع عشرات الملايين من الجنيهات كغرامات، في الأحكام النهائية الصادرة ضد المتظاهرين، خصوصاً خلال التظاهرات المعارضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، بالإضافة لأحداث التظاهر الأخرى منذ أغسطس/آب 2013 وحتى الآن.

وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت منذ 4 أشهر أنها بصدد تعديل بعض مواد قانون التظاهر استجابة للمعارضة المجتمعية والسياسية الواسعة له، لا سيما بعد استخدامه في التنكيل بالمتظاهرين السلميين، لكنها لم تقدم أي مشروع بهذا الشأن حتى الآن، بل أعلنت أنها تنتظر حكم "الدستورية" الذي سيصدر غداً لتحديد المواد التي سيتم تعديلها وطريقة التعديل.