مصر: "الإخوان" ترفض العمل السرّي والمسلح... والإسلاميون يخشون الإقصاء

12 اغسطس 2014
مساعٍ قضائية لإلغاء الحكم (مصطفى صبري/الأناضول/Getty)
+ الخط -
لا تزال أصداء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المصرية بحل حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" تتصاعد، في ظل ترقب سياسي لمزيد من الإقصاء السياسي والقانوني من قِبل السلطة الحاكمة، وسط إمكانية أن يكون حل "الحرية والعدالة" مقدمة للتخلص من أحزاب التيار الإسلامي بكاملها. 

في المقابل، تستعد جماعة "الإخوان المسلمين" لإقامة دعوى قضائية لإبطال الحكم الصادر بحل حزبها. وكشف وكيل لجنة التشريع في مجلس الشورى المنحل، وعضو هيئة الدفاع عن متهمي قيادات جماعة "الإخوان"، المحامي محمد طوسون، أن الجماعة تعتزم إقامة دعوى قضائية لإبطال الحكم. 

وأوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حكم المحكمة الإدارية العليا هو حكم من درجة واحدة، ولا يجوز الطعن به أو الاستئناف عليه، وبمجرد صدور الحكم يكون نهائياً. إلا أن المشرّع أوجد مخرجاً قانونياً في مثل هذه الحالات، وهو رفع دعوى لإبطال الحكم الصادر، ومن المقرر أن يتم خلال الأيام المقبلة، رفع دعوى مماثلة بقضية حل "الحرية والعدالة". 

ولفت الى أن كل مقار الحزب استولت عليها الحكومة، بواسطة لجنة حصر أموال "الإخوان" بالتحفظ على مقرات الحزب، علماً بأنها مقرات مستأجرة، وبالتالي لن تستطيع الحكومة التصرف بها بعد الحكم، لأنها لم تعد تابعة للحزب أساساً بعد انتهاء فترة التعاقد. 

بدوره، أكد المحامي في الاستئناف العالي ومجلس الدولة، مصطفى السيد علواني، أن النظام القائم منذ الانقلاب يعمل بكل ما أوتي من قوة لإخضاع الشعب لإرادة ما قبل 25 يناير/كانون الثاني، وإعادة الأمور إلى نصابها إلى ما قبل هذا التاريخ. 
وأكد أن "الحكم الصادر بحل الحزب لم يستند إلى حكم قضائي واحد نهائي ضد أعضاء جماعة "الإخوان"، وحكم عليهم النظام قبل محاكمتهم قضائياً". 

وعلى الرغم من  محاولات النظام المصري اقصاء الإخوان، شدد قيادي بارز في جماعة "الإخوان"، رفض ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" على أن الجماعة لن تعود إلى العمل السري مرة أخرى، مهما كانت الضغوط عليها وكلفتها، موضحاً أنه "من الناحية العملية بات من الصعب أن تمارس الجماعة عملاً سرياً، بعد مرحلة الانفتاح التي عاشتها، وأصبح كافة كوادرها وقياداتها معروفين للقاصي والداني، وهو ما يجعل العمل السري فكرة غير منطقية". 

وأضاف القيادي أن الجماعة ستظل متواجدة بالشارع، ولن تتوقف عن حراكها الثوري مهما واجهت من إقصاء من قِبل السلطة الانقلابية، "فالاعتراف الرسمي يحسمه الشارع، وليست الأوراق التي توضع في الأدراج"، حسب قوله.
ولفت إلى أن ملف الحزب لم يعد ذا أهمية أو أولوية بالنسبة للجماعة في الوقت الراهن، مؤكداً أن الحراك الثوري هو ما يشغل الجماعة وقيادتها ويستأثر بكل التفكير. 

في هذه الأثناء، أكد القيادي في "الإخوان"، أشرف عبد الغفار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن توقيت حل الحزب مرتبط باقتراب الانتخابات البرلمانية في مصر، مشيراً إلى أن النظام الحالي يعلم يقيناً بأن "الاخوان" لن يشاركوا في الانتخابات، لذلك قرر حل الحزب ليبدو أمام الخارج بأن القضاء هو من منعهم من المشاركة، وليسوا هم من اتخذوا قرار المقاطعة. 

وجزم عبد الغفار، أن الجماعة لن تلجأ للعمل المسلح أو السري بعد انغلاق الأفق السياسي، ولا سيما أنها مرّت بظروف قاسية في حقبات مختلفة، وعلى الرغم من ذلك ظلت متماسكة، ولم تستدرج للعنف.

واتفقت قيادات عدد من الأحزاب الإسلامية المصرية، على أن حل "الحرية والعدالة" أمر متوقع، في ظل سيطرة النظام الحالي على المشهد السياسي. 

ورأى المتحدث باسم حزب "الوطن" السلفي، أحمد بديع، أن حل حزب "الإخوان" ليس معزولاً عن استهداف كافة الأحزاب الوطنية في مصر، مشيراً الى أن كل الأحزاب التي تعمل الآن على الساحة تسير في فلك النظام، الذي يترأسه عبد الفتاح السيسي. 

وأضاف بديع، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحرية والعدالة" مجمّد منذ أكثر من عام، فمقراته مغلقة وقياداته في السجون، وهناك تحفظ على أمواله، مشيراً إلى أن حل الحزب لا ينفصل عن حصار النظام لجماعة "الإخوان" من خلال مصادرة أموال قيادييها، ومحالهم التجارية خلال الفترة الماضية. 

ولفت إلى أن الأزمة في مصر أخطر من حل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، في ظل محاولة العسكر السيطرة على الحياة السياسية، واستدعاء تجارب الحقبة الناصرية في إلغاء عمل الأحزاب السياسية. 

من جهته، قال القيادي في "الجبهة السلفية"، هشام كمال، إنّ حل بقية الأحزاب الإسلامية هو "مسألة وقت"، وإن النظام الحالي يستهدف "الإسلام السياسي" بأسره، ويتخذ قراراته بشكل تدريجي. 
وأكد كمال أن الأحزاب الإسلامية لا تخشى مثل هذه الممارسات، نظراً لأنها اتفقت على مواجهة النظام الحالي، أياً كانت النتائج. 

أما المستشار الإعلامي لحزب "البناء والتنمية"، المنبثق عن "الجماعة الإسلامية"، خالد الشريف، فاعتبر أن حل "الحرية والعدالة" يرسّخ الإقصاء السياسي، ويمنع فصيلاً وطنياً كان يمثل حزباً حاكماً، من ممارسة العمل السياسي. 

وأوضح أن القمع والاقصاء يزيد من تفاقم الأزمة في مصر ويؤدي إلى تدهور الأوضاع. وحول خشية الأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها "البناء والتنمية"، من مواجهة نفس المصير، قال الشريف "نحن نخشى على مصر من الفاشية السياسية التي تنتقم من الخصوم السياسيين، أكثر من خشيتنا من حل الأحزاب الإسلامية صاحبة الشعبية الأولى في مصر". 

بدوره، يخشى حزب النور "السلفي"، من مصير مشابه لحزب "الإخوان" خلال الفترة المقبلة، على الرغم من تأييده الانقلاب من لحظته الأولى، ومشاركته في اجتماع الإطاحة بمرسي في 3 يوليو/تموز من العام الماضي. 

وقال المستشار القانوني للحزب، طلعت مرزوق، إن موقف الحزب "سليم تماماً"، مؤكداً أن الحزب ليس حزباً دينياً، وفقاً لشروط لجنة شؤون الأحزاب. 
وأضاف مرزوق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحزب لم يخترق أياً من معايير اللجنة خلال الفترة الماضية، بل يسمح بعضوية أقباط في صفوفه". 

من جهته، رأى المتحدث باسم حزب "مصر القوية"، محمد المهندس، أن حكم حل حزب "الاخوان" يندرج في خانة محاربة النظام الأفكار المضادة لتوجهاته، والمؤسسات العلنية كالأحزاب السياسية.  
وقال المهندس لـ"العربي الجديد"، إن السلطة الحاكمة تضر نفسها بمثل هذه الأحكام الإقصائية، نظراً لأن جماعة "الإخوان" قائمة منذ عشرات السنين، وتعمل في الشارع المصري، لافتاً إلى أن وجود حزب لها، هو أمر "مفيد للحياة السياسية المصرية". 

في المقابل، رحّبت جميع الأحزاب المؤيدة للسلطة الحالية بحكم حل "الحرية والعدالة"، معتبرة أنه قرار صائب، ومطابق للدستور.

(شارك في التغطية: أيمن المصري، إبراهيم يحيى، محمد أحمد، طارق نجم الدين)
دلالات
المساهمون