مصريون يدفعون للسكن الجامعي فتنافسهم الحشرات في الغرف

07 أكتوبر 2015
المساكن العامة مرهقة والخاصة غالية جداً (فرانس برس)
+ الخط -
مع اقتراب العام الدراسي في الجامعات تبدأ معاناة سنوية للأسر المصرية، خاصة لدى الطلاب الذين يسكنون المحافظات البعيدة عن القاهرة الكبرى، تتجسد تلك الأزمة في "سكن الطلاب" بالمدن الجامعية. الأخيرة وضعت عشرات الشروط التي من شأنها أن تعيق الطلبة عن الالتحاق بالمدن الجامعية. ومن بينها التقدير المدرسي والمحافظة التي جاء منها الطالب، ليضاف بعد الثورة شرط عدم الاشتغال بالسياسة. إذ إن هذه المساكن ترفض ما يزيد على نصف الطلاب الراغبين في الإقامة بالقرب من محل دراستهم، ما يدفع الآلاف منهم للجوء للسكن الخاص.

يقول الطالب في كلية طب الأسنان جامعة المنصورة محمد تيكا، إنه حصل على الثانوية العامة منذ عامين وحصل على نسبة نجاح 94.8% فذهب به مكتب التنسيق إلى جامعة المنصورة على الرغم من أنه يقيم بمحافظة القليوبية، فاضطر للجوء للمدينة الجامعية في المنصورة. يشير تيكا إلى أن تكلفة المدينة الجامعية كانت تقترب من مائة جنيه شهرياً (12 دولاراً) شاملة الأكل والمتابعة الصحية والإقامة شهرياً. إلا أن "الطلاب فوجئوا برفع سعر الإقامة في المدينة، التي تتميز بسوء الخدمات ومعاناة الطلبة من القمع والإهانة المتواصلة من القائمين عليها، وتدخل الأمن بها، إلا أنهم في نفس الوقت لا يمتلكون قيمة السكن في الشقق الخاصة، أو بيوت الطلبة، لا سيما أن سعر الغرفة الواحدة في بيوت الطلبة مشترك مع ما يزيد على خمسة طلاب آخرين من دون أكل أو متابعة صحية تتجاوز 50 دولاراً شهرياً. يضاف إليها تكلفة الطعام والشراب والانتقال من وإلى الجامعة لتكون المحصلة ما يزيد على مائة دولار شهريًا. وهي تكلفة مرتفعة مقارنة بالدخل الشهري لأي أسرة مصرية متواضعة الدخل.

من جهته، يروي الطالب بجامعة حلوان محمد سلطان معاناته مع المدينة الجامعية. ويقول إنه من محافظة المنيا بصعيد مصر، وجاء تنسيقه في كلية الآداب جامعة حلوان، وتقدم للمدينة الجامعية وتم قبوله بالفعل، وكانت التكاليف وفقًا لسلطان لا تتجاوز 65 جنيهاً، إلا أنه فوجئ بمنعه من دخول المدينة الجامعية نتيجة لانتمائه لحركة طلابية. حيث أخذ رئيس الجامعة قرارًا بمنع دخول الطلبة العاملين بالسياسة إلى المدينة الجامعية. هذا الواقع دفعه إلى الاتجاه للبحث عن سكن خاص، تتجاوز به سعر الغرفة 500 جنيه.

يؤكد سلطان أن أصحاب الشقق القريبين من الجامعة استغلوا قرارات الجامعة بمنع دخول الطلبة الذين يشاركون في التظاهرات ورفعوا الأسعار عن الأعوام الماضية. يوضح سلطان أن تكلفة دراسته تتجاوز ألف جنيه، إذا تم حساب ارتفاع الأسعار في الأكل والسكن وغيرها من المصاريف الشخصية. يعتبر سلطان أن حديث الدولة عن التعليم المجاني مجرد أكذوبة غير واقعية.

يقول عضو اتحاد طلاب جامعة القاهرة أحمد عبد العال، إن المدن الجامعية لا يجب أن تحصّل من الطلاب ولو جنيهاً واحداً مقابل سوء الخدمات التي يلاقيها الطلبة. يدلل على ذلك بحوادث تسمم مئات الطلاب في المدينة الجامعية بالأزهر، نتيجة رداءة الأغذية المقدمة للطلبة، إضافة إلى انتشار الحشرات في الغرف والقمع الأمني.

يعتبر عبد العال أن العام الدراسي المقبل سيشهد مزيدا من المعاناة، نتيجة قرار وزير التعليم العالي بفصل التغذية عن مصاريف الدخول للمدينة الجامعية. إضافة إلى اعتبار الطالب العامل في السياسة غير مرضى عنه نتيجة سيطرة الأمن على إدارة المدن الجامعية. إضافة إلى أن المدن الجامعية في مصر لا تتحمل عدد الطلبة الذين يدخلون الجامعة سنويًا. فمثلًا مدينة السكن في جامعة الأزهر التي تستوعب ثلث الطلبة الجامعيين في مصر، لا تتحمل سوى ثمانية آلاف طالب، في حين أن الطلبة الذين يسكنون بها يتجاوزون الـ 102 ألف طالب، وهو ما يعني حياة غير آدمية مدفوعة التكاليف.

ترد على تلك الاتهامات منى رزق مسؤولة التغذية في المدينة الجامعية بالمنصورة. وتؤكد أن ميزانية الجامعات المصرية غير كبيرة، حيث لا تتجاوز 24 مليار جينه ما بين إقامة منشآت جديدة والإنفاق على العملية التعليمية برمتها، في حين أن المدن الجامعية تكلف الدولة خمسة مليارات جنيه سنوياً، وهو الأمر الذي يجعل الخدمات المقدمة غير فندقية، ولكنها جيدة وليست كما يصورها بعضهم. وتقول إن قرار وزير التعليم العالي بفصل نفقة التغذية عن الإقامة في المدن الجامعية هو قرار صائب لتطوير الخدمة المقدمة للطلبة، حتى لا تتكرر أزمة المدينة الجامعية في الأزهر التي حصلت العام الماضي.
المساهمون