22 سبتمبر 2020
مصالحة فلسطينية أم إدارة أزمة؟
بعد انعقاد اجتماع حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية في مقر رئاسة الوزراء، يوم العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، غرب مدينة غزة، برئاسة رامي الحمد الله، برزت أسئلة بشأن التحديات التي ستواجهها بعد انقسام امتد أكثر من عشر سنوات. ويمكن الجزم بأن التحدي الأهم والأبرز هو وضع أسس لاستمرار الوحدة الوطنية الفلسطينية، والاتفاق على توجهات كفاحية مشتركة على كل الصعد، بعيداً عن الأجندات الخارجية، خصوصا وأن الرهان على استمرار المفاوضات قد تلاشى، فبعد أكثر من 24 عاماً من اتفاقيات أوسلو (1993-2017) تشير الحقائق إلى تضاعف النشاط الاستيطاني بشكل ملحوظ، سواء في مقياس مصادرة الأراضي أو في بناء المستوطنات في الضفة الغربية، ومن بينها مدينة القدس التي تتعرّض لأكبر هجمة استيطانية منذ 1967.
ومن الأهمية الإشارة إلى أن وحدة الصف الفلسطيني ستكون مقدمة أساسية لتجميع القدرات الكامنة لدى الشعب الفلسطيني، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وفي المقدمة منها النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، والجدار العازل الذي يعتبر أكبر مشروع استيطاني منذ 1948، ناهيك عن السياسات الإسرائيلية الرامية إلى إخراج فكرة يهودية الدولة إلى حيز الوجود، بإصدار رزمة من القوانين العنصرية الجائرة خلال السنوات الخمس الأخيرة. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها الفلسطينيون بعد المصالحة ضرورة العمل على فك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، وإيجاد السبل للانطلاق بتنمية مستقلة تدفع باتجاه الحد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية، مثل البطالة التي وصلت معدلاتها إلى 45% في قطاع غزة، ونحو 20% في الضفة الغربية. وقد يكون من باب أولى العمل على فتح أسواق عربية، من شأنها الحد من الهيمنة الإسرائيلية على التجارة الخارجية للضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تسيطر إسرائيل على 90% من إجمالي التجارة الخارجية، بشقيها الصادرات والواردات.
ومن شأن المساعدات العربية بديلا للمساعدات الغربية أن تعزّز خطوات تنمية فلسطينية مستقلة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي التي أوقعت الاقتصاد الفلسطيني في شرك المساعدات
الأميركية والأوروبية المشروطة أساساً وفق توجهات المتبرعين. وقد تّمكن المساعدات العربية الاقتصاد الفلسطيني من تحسين أدائه عبر فتح قنوات تشغيل وإيجاد استثمارات جديدة، ومن شأن ذلك فتح فرص عمل لآلاف من قوة العمل الفلسطينية المعروضة في السوق الفلسطيني. ومع تحسين أداء الاقتصاد الفلسطيني، يمكن أن تكون خيارات التعليم والصحة وإعادة إعمار ما دمرته الحروب الإسرائيلية المتكرّرة على غزة منذ عام 2008 متاحة بشكل أوسع للفلسطينيين. وهذا سيزيد من فرص رفع سوية التنمية البشرية ومؤشراتها المختلفة التي باتت معياراً لتطور الشعوب والأمم.
ويمكن تعزيز الاعتراف بفلسطين دولة في المؤسسات الدولية، إذا استطاع الفلسطينيون ترسيخ المصالحة بالأفعال، وليس بالأقوال، ومن ثم التوجه بخطاب سياسي دبلوماسي موحد وجامع، بعد وضع برنامج وإستراتيجية مشتركة، ولا يمكن أن تكتمل دائرة المصالحة الحقيقية من دون تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، فضلاً عن مشاركة واسعة من الغالبية الصامتة من الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والشتات، أي الفعاليات السياسية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني لجهة حماية المشروع الوطني، ورسم مستقبل الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الثابتة، وقد يكون ذلك بمثابة جدار متين في مواجهة رؤى إسرائيل التي تسعى إلى جعل السلطة الوطنية الفلسطينية مجرد شرطي فقط لحماية المحتل الإسرائيلي، و"إنجازاته" على الأرض الفلسطينية.
وسيكون ترسيخ المصالحة الحقيقية بمثابة طوق نجاة للحد من الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الفلسطينيين، ويرفع، في الوقت نفسه، من سقف الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد مفاوضات عبثية امتدت أكثر من عقدين، بحيث يكون من السهولة بمكان المطالبة بتفكيك معالم الاحتلال، ومنها المستوطنات، عوضاً عن تجميد النشاط الاستيطاني، وكذلك يمكن المطالبة بتطبيق قرارات دولية صادرة ذات صلة بحقوق الفلسطينيين، ومنها القرارات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، والسيادة على المياه الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل، واعتبار المستوطنات غير شرعية، خصوصاً أن هناك قبولاً بعضوية فلسطين في عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة، كان آخرها قبول عضوية فلسطين بمنظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) قبل أيام.
وقد يكون الأجدى للفلسطينيين، في المدى المنظور، المطالبة بتدويل عدة ملفات، وخصوصا
الاستيطان والأسرى والمياه، ناهيك عن ضرورة العمل لتفعيل القرارات الدولية التي تعتبر كل الأعمال التهويدية الاحلالية في القدس باطلة، وفي مقدمتها التغيرات الجغرافية والديموغرافية، كما تحتم الضرورة المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم الوحيد فلسطين، والتعويض المادي والنفسي عن الأضرار التي لحقت بهم إثر نكبة 1948. وثمة قرارات دولية تدعو إلى ذلك، وفي المقدمة منها القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تتطلب التحديات الجمة التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني الإسراع بترسيخ المصالحة الفلسطينية بشكل حقيقي يتعدى الشكليات، وإنهاء حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية من دون رجعة، فتجميع الجهد الفلسطيني والاتفاق على برنامج سياسي مشترك، وخيارات سياسية وكفاحية مستقبلية، من شأنها أن تحد من السياسات الإسرائيلية الجارفة، وفي مقدمها النشاط الاستيطاني الذي يقضم الأرض الفلسطينية على مدار الساعة، ويفرض جغرافيا سياسية إسرائيلية قسرية، وخصوصا في مدينة القدس.
ويبقى السؤال الأهم: هل هناك إرادة سياسية صادقة لدى حركتي فتح وحماس في استمرار المصالحة، والاتفاق على سبل كفاحية محددة لمواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية، أم هي مجرد إدارة أزمة، تنتهي مع تغير التحالفات والأجندات الخارجية الضاغطة على الطرفين؟
ومن الأهمية الإشارة إلى أن وحدة الصف الفلسطيني ستكون مقدمة أساسية لتجميع القدرات الكامنة لدى الشعب الفلسطيني، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وفي المقدمة منها النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، والجدار العازل الذي يعتبر أكبر مشروع استيطاني منذ 1948، ناهيك عن السياسات الإسرائيلية الرامية إلى إخراج فكرة يهودية الدولة إلى حيز الوجود، بإصدار رزمة من القوانين العنصرية الجائرة خلال السنوات الخمس الأخيرة. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها الفلسطينيون بعد المصالحة ضرورة العمل على فك الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، وإيجاد السبل للانطلاق بتنمية مستقلة تدفع باتجاه الحد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية، مثل البطالة التي وصلت معدلاتها إلى 45% في قطاع غزة، ونحو 20% في الضفة الغربية. وقد يكون من باب أولى العمل على فتح أسواق عربية، من شأنها الحد من الهيمنة الإسرائيلية على التجارة الخارجية للضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تسيطر إسرائيل على 90% من إجمالي التجارة الخارجية، بشقيها الصادرات والواردات.
ومن شأن المساعدات العربية بديلا للمساعدات الغربية أن تعزّز خطوات تنمية فلسطينية مستقلة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي التي أوقعت الاقتصاد الفلسطيني في شرك المساعدات
ويمكن تعزيز الاعتراف بفلسطين دولة في المؤسسات الدولية، إذا استطاع الفلسطينيون ترسيخ المصالحة بالأفعال، وليس بالأقوال، ومن ثم التوجه بخطاب سياسي دبلوماسي موحد وجامع، بعد وضع برنامج وإستراتيجية مشتركة، ولا يمكن أن تكتمل دائرة المصالحة الحقيقية من دون تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، فضلاً عن مشاركة واسعة من الغالبية الصامتة من الشعب الفلسطيني في الداخل الفلسطيني والشتات، أي الفعاليات السياسية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني لجهة حماية المشروع الوطني، ورسم مستقبل الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الثابتة، وقد يكون ذلك بمثابة جدار متين في مواجهة رؤى إسرائيل التي تسعى إلى جعل السلطة الوطنية الفلسطينية مجرد شرطي فقط لحماية المحتل الإسرائيلي، و"إنجازاته" على الأرض الفلسطينية.
وسيكون ترسيخ المصالحة الحقيقية بمثابة طوق نجاة للحد من الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الفلسطينيين، ويرفع، في الوقت نفسه، من سقف الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد مفاوضات عبثية امتدت أكثر من عقدين، بحيث يكون من السهولة بمكان المطالبة بتفكيك معالم الاحتلال، ومنها المستوطنات، عوضاً عن تجميد النشاط الاستيطاني، وكذلك يمكن المطالبة بتطبيق قرارات دولية صادرة ذات صلة بحقوق الفلسطينيين، ومنها القرارات المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، والسيادة على المياه الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل، واعتبار المستوطنات غير شرعية، خصوصاً أن هناك قبولاً بعضوية فلسطين في عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة، كان آخرها قبول عضوية فلسطين بمنظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) قبل أيام.
وقد يكون الأجدى للفلسطينيين، في المدى المنظور، المطالبة بتدويل عدة ملفات، وخصوصا
تتطلب التحديات الجمة التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني الإسراع بترسيخ المصالحة الفلسطينية بشكل حقيقي يتعدى الشكليات، وإنهاء حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية من دون رجعة، فتجميع الجهد الفلسطيني والاتفاق على برنامج سياسي مشترك، وخيارات سياسية وكفاحية مستقبلية، من شأنها أن تحد من السياسات الإسرائيلية الجارفة، وفي مقدمها النشاط الاستيطاني الذي يقضم الأرض الفلسطينية على مدار الساعة، ويفرض جغرافيا سياسية إسرائيلية قسرية، وخصوصا في مدينة القدس.
ويبقى السؤال الأهم: هل هناك إرادة سياسية صادقة لدى حركتي فتح وحماس في استمرار المصالحة، والاتفاق على سبل كفاحية محددة لمواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية، أم هي مجرد إدارة أزمة، تنتهي مع تغير التحالفات والأجندات الخارجية الضاغطة على الطرفين؟