لا يزال الغموض يسيطر على هوية الجهة المنفّذة لاعتداء حاجز كرم القواديس الأمني، في محافظة شمال سيناء، في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن. وعلى الرغم من غياب الإعلان الرسمي، فإن كل المؤشرات تُشير إلى ضلوع جماعة "أنصار بيت المقدس" في تنفيذ الهجوم، نظراً لدقة عملية الهجوم، علماً أن هناك مجموعات جهادية أخرى تنشط في سيناء.
وتُرجّح مصادر جهادية بسيناء، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "تكون جماعة أنصار بيت المقدس نفذت العملية، لما لديها من إمكانيات واسعة، وقدرة على التخطيط والتنفيذ". وكشفت المصادر عن "بعض ملامح خريطة التيارات الجهادية في سيناء، والتي تبدأ من السلفية الجهادية، وهو تيار جامع لكافة المنتمين لهذا الفكر، مثل التيار السلفي التقليدي، من حملة السلاح أو من الذين ينتهجون العمل الدعوي فقط".
ولفتت إلى أن "جماعة أنصار بيت المقدس ظلت على حالها بنفس قياداتها وكيانها وأفرادها، وحدث نوع من التنسيق بين عدد من المجموعات الصغيرة الأخرى، ومع مرور الوقت بدأ شكل من أشكال الدمج بين هذه المجموعات يظهر". وكشفت عن تشكّل مجموعة جهادية جديدة، لاستهداف قوات الجيش والشرطة، تسعى لإقامة الشريعة الإسلامية، وتعمل سراً، فضلاً عن عدم وجود اسم لها.
وحول عدم استجابة جماعة "أنصار بيت المقدس" لدعوات بعض الشباب الجهادية، بفتح باب التجنيد للوقوف أمام حملة الجيش، أكدت المصادر أن "الجماعة لا تريد استقدام عناصر جديدة اطلاقاً، خوفاً من احتمال اختراقها من أجهزة الاستخبارات المصرية والعالمية".
وعن تأخر الجماعة في نشر بياناتها فور قيامها بعمليات، اعتبرت المصادر أن "العمل الإعلامي للجماعة يعتمد على توقيت إعلان تبنّي أي عملية، فضلاً عن إرسال البيانات خارج مصر، لرفعها على مدوّنات جهادية على درجة عالية من التحفّظ في نشر البيانات أو إصدارات الجماعات الجهادية".
وأشارت إلى أنه "حتى مع وجود صفحة رسمية للجماعة على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، غير أنها تتأخر في الإعلان عن العمليات، ربما خوفاً من الملاحقات الأمنية عبر شبكة الإنترنت". وسبق لجماعة "أنصار بيت المقدس"، أن تبنّت عمليات عدة ضد قوات الجيش والشرطة، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.
وأعلنت الجماعة عن استهداف موكب وزير الداخلية المصري اللواء محمد إبراهيم، وتفجير مديرية أمن القاهرة والدقهلية وجنوب سيناء، فضلاً عن استهداف حافلتين تابعتين لقوات الجيش بسيناء، ومبنى الاستخبارات الحربية في محافظة الإسماعيلية.
واستهدفت الجماعة خلال الشهرين الماضيين، مدرعات عدة تابعة لقوات الجيش والشرطة، وأعلنت مسؤوليتها في ذلك، لكن من جهة أخرى، لم تتبنَّ أي جهة عمليات زرع عبوات ناسفة، استهدفت مدرعات الجيش والشرطة على الطريق الدولي، العريش ـ رفح، أو خلال مرور القوى الأمنية من أجل دهم أماكن تجمعات مجموعات مسلحة.
من جهته، قال الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن عمليات الجيش الموسعة في سيناء، ستُسهم في اتحاد كافة المجموعات المسلّحة هناك، وإن كنا لا نعرف حقيقتها أو عددها أو عدد أفرادها".
من جانبه، لفت باحث في الحركات الإسلامية، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جماعة أنصار بيت المقدس تُعتبر أهم جماعة جهادية في سيناء، وتربطها علاقات بجماعات كبيرة خارج مصر".
وأضاف "ربما تكون الجماعة الآن، أقرب إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وزعيمها أبو بكر البغدادي، وهو ما بدأ يظهر في إصداراتها أو تحركاتها وأساليب تعاملها مع استهداف قوات الجيش". وتابع: "ربما قد تكون المجموعات الأخرى الصغيرة قد اتحدت مع بعضها، عقب عزل مرسي، ومنها على سبيل المثال المجموعة التي خطفت 7 جنود من الجيش، للمطالبة بالإفراج عن أحد المعتقلين من أهالي سيناء وهو أحمد أبو شيتة خلال عهد مرسي".
وأردف "في هذا الوقت تدخلت جماعة أنصار بيت المقدس للإفراج عن الجنود دون إيذائهم، وأصدرت مقطع فيديو يوضح عملية الإفراج عن الجنود، وهو ما يثبت وجود ارتباطات كبيرة بين المجموعات المسلّحة في سيناء كافة، دون معرفة حدود تلك العلاقات". وشدد أن "المجموعات الجهادية في سيناء ستقوم بالتنسيق مع بعضها خلال الفترة المقبلة، لمواجهة الحملة العسكرية والثأر من عمليات قتل أهالي سيناء وتهجيرهم من منازلهم على طول الشريط الحدودي".