مشروع قانون لحل أزمة "السترات الصفراء" في فرنسا.. وسط تواصل التخبط الحكومي

19 ديسمبر 2018
مشروع القانون يندرج تحت اسم "حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية"(الأناضول)
+ الخط -

تعيش الحكومة الفرنسية تخبطاً كبيراً منذ انطلاق حركة "السترات الصفراء"، قبل أكثر من شهر، شهدت خلالها البلاد اعتصامات وقطع طرقات وتظاهرات في مدن وبلدات فرنسا كل يوم سبت، وهي متواصلة. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل بدأت الشرطة بإعلان التذمر من الواقع الذي تعيش فيه بسبب العنف اليومي من حركات السترات الصفراء، إلى التهديدات الإرهابية.

وقد سارعت الحكومة إلى دفع البرلمان للتصويت، مساء أمس الثلاثاء، على منح 111 ألف فرد من رجال الأمن منحة قدرها 300 يورو، تعويضاً على تعبئتها الاستثنائية لمواجهة تداعيات الحراك. وهو إجراءٌ اعتبرته نقابات الشرطة غير كافٍ، متسائلة عن مصير 27 مليون ساعة إضافية، وهو ما يعادل 275 مليون يورو.

وسيجري وزير الداخلية كريستوف كاستانير لقاء مع نقابات الشرطة، بعد ظهر اليوم، من أجل وقف الحراك الاجتماعي الذي يتمثل في إغلاق العديد من مراكز الشرطة، التي لا تقدم سوى الحد الأدنى من الخدمات، كما أن شرطة الحدود في مطاري شارل ديغول وأورلي، تتعمد تنفيذ إجراءات تدقيق لجوازات السفر متسببة في طوابير طويلة.

ومن مظاهر التخبط الحكومي أن النقاش الكبير لن يبدأ قبل منتصف شهر يناير/كانون الثاني 2019، والمرجح أن ينتهي في منتصف مارس/آذار 2019، ثم يرفع توصياته إلى الحكومة في أفق الخروج بخلاصات في نهاية شهر مارس أو بداية شهر إبريل/نيسان.

ومن هذه المظاهر أيضاً، ما أعلنته الحكومة عن إلغاء كل الإجراءات التي أعلنت عنها في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، من أجل مرافقة الفرنسيين في الانتقال الإيكولوجي، والمتمثلة في توسيع عدد المستفيدين من "صك الطاقة"، الذي ستستفيد منه أكثر من خمسة ملايين أسرة، وأيضا رفع جدول الكيلومترات التي يقطعها العامل من بيته إلى مقر عمله، ثم رفع المنحة التي تقدم لمن يغير سيارته الملوِّثة إلى سيارة أقل تلوثا، هجينة كانت أم كهربائية، إلى الضعف، لتعود الحكومة وبعد ساعتين وتتراجع بضغط من نوابها البرلمانيين، الذين يواجهون، منذ بداية الحراك الاجتماعي، نفورا وعداء متزايدَين.



حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية

وقد أعلن مجلس الوزراء، اليوم الأربعاء، خلال جلسته الأخيرة هذه السنة، قبل استئناف أعماله يوم الرابع من شهر يناير/كانون الثاني 2019، عن تقديم مشروع قانون بخصوص خطة الرئيس إيمانويل ماكرون ردّا على الاستعجال الاجتماعي، أي جوابا على حراك السترات الصفراء. وهو ما يناقشه مجلس النواب، ابتداء من مساء اليوم الأربعاء وغدا الخميس، ويطرحه مجلس الشيوخ، يوم الجمعة، حتى يدخل حيز التنفيذ مع الدخول السنوي الجديد.

وسيصوت النواب على مشروع هذا القانون الذي يندرج في ما يسميه ماكرون: "حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية"، والذي يتضمن أربع نقاط: الأولى منحة 1000 يورو الاستثنائية، والتي سيستفيد منها كل مواطن يقل راتبه الشهري عن 3600 يورو، وتشمل ما بين 4 و5 ملايين مواطن، ولن تكون فعلية قبل 31 مارس/آذار 2019، وهي ليست إجبارية، وقد حثت الحكومة مسؤولي الشركات على المبادرة لتقديمها.

والبند الثاني يتضمن التعويض عن الساعات الإضافية، من دون أن يدفع المشغِّلون ضرائب ولا اقتطاعات.

البند الثالث ويتعلق بضريبة "المساهمة الاجتماعية المعممة"، والتي ألغاها الرئيس بالنسبة لكل متقاعد يقل معاشه التقاعدي عن 2000 يورو، ولن تدخل حيز التنفيذ قبل الأول من يوليو/تموز 2019، وسيتلقى المستفيدون من إلغائها تعويضات عن كل الأشهر السابقة، أي من يناير 2019 إلى يوليو/تموز 2019.

رابعا، مكافأة الاستمرار في العمل، والتي سيستفيد منها الكثير ممن يتلقون المستوى الأدنى للأجور، كما ستستفيد منها النساء اللواتي يعلن أبناءهن لوحدهن، واللواتي شوهدن في اعتصامات السترات الصفراء بكثرة، ويمكن أن تستفيد منها كل امرأة يقل مرتبها الشهري عن 2000 يورو.

ومن المؤكد أن مشروع القانون سيتم التصويت عليه بكل سهولة، بفضل أغلبية الرئيس وأيضا لأن حزب "الجمهوريون" اليميني المعارض، والذي يسيطر على مجلس الشيوخ، أعلن عن استعداده للتصويت عليه شرط ضمان الحكومة تنفيذه.

وفي آخر الأخبار، أعلن المغني الفرنسي، والذي كان مقربا من حركة جان بيير شوفنمان، فرانسيس لالان، عن تأسيس حركة "تجمع السترات الصفراء المواطنية"، من أجل إنشاء قائمة انتخابية في الانتخابات الأوروبية القادمة، سنة 2019.

كما عبّر الحزب الاشتراكي الفرنسي عن رغبته في إجراء استفتاء من أجل إعادة فرض الضريبة على الدخل (ضريبة التضامن على الدخل)، ولهذا الغرض سيحاول الحصول على موافقة 185 نائبا برلمانيا، أو موافقة أربعة ملايين و600 ألف مواطن، في مدة لا تتجاوز 9 أشهر، على عريضة تطالب بإجراء هذا الاستفتاء.

هذه الضريبة التي تعتبر من أولويات مطالب السترات الصفراء، والتي يريد اليسار إعادتها، لتفعيل التضامن بين الفرنسين، والتي يرفض ماكرون وأغلبيته وأيضا حزب "الجمهوريون" إعادتها، لأنها تدفع الأثرياء لمغادرة البلد، من وجهة نظرهم، ولأن إعفاءهم منها يشجعهم على خلق فرص عمل عديدة في فرنسا.       ​