وبحسب مشروع القانون الجديد، الذي أطلق عليه قانون "القضاء العبري"، فإنه سيتم تعديل قانون "مبادئ التقاضي" الذي سن عام 1980، لينص على أن الشريعة اليهودية، تعد مصدراً لإلهام القضاة عند النظر في قضايا لم يسبق أن ناقشتها المحاكم، أو لا وجود لنصّ بشأنها في القانون المدني.
ويقترح مشروع القانون على كل من وزارة القضاء ونقابة المحامين بتدشين معهد يشرف على إعداد قاعدة معلومات وبيانات تمثل مبادئ "القضاء العبري" القديم، وترجمته للغة قانونية عصرية.
ويقف وراء المشروع رئيس لجنة القانون في الكنيست النائب نيسان سلوميانسكي من حزب "البيت اليهودي" المتدين، ونواب من حزبي "الليكود" و"إسرائيل بيتنا"، وحركة "شاس" الدينية الحريدية.
وأشار موقع صحيفة "هارتس"، الأربعاء الماضي، إلى أن صيغة مشروع القانون الأصلية تم تخفيفها، إذ إن هذه الصيغة نصت على إلزام القضاة بالاعتماد فقط على تعاليم الشريعة والقضاء العبري عند إصدار القرارات بشأن القضايا المختلفة، وهو ما عارضه ممثلو حزب "كلنا"، المشارك في الائتلاف الحاكم والذي يرأسه وزير المالية موشيه كحلون.
وسيعنى المعهد الذي ستدشنه كل من نقابة المحامين ووزارة القضاء بإعداد مبادئ "القضاء العبري"، لمساعدة القضاة على إصدار قرارات حكم تستند إلى الشريعة اليهودية، من خلال حصر عدد كبير من القضايا التي سبق للحاخامات الذين عاشوا في العصور القديمة أن أصدروا بشأنها أحكاما.
وقد ساعد في صياغة مشروع القانون "لجنة القضاء العبري" التابعة لنقابة المحامين، ومجموعة من الحاخامات تطلق على نفسها "حاخامات تسوهر".
وعقب سلوميانسي على تمرير مشروع القانون قائلا: "القانون يقول للقاضي قبل أن تبحث عما ينص عليه القانون النمساوي والقانون النيوزلندي، يتوجب عليك أن تعود للقضاء العبري".
من جهتها، اعتبرت زعيمة حزب "ميريتس" اليسارية زهافا غلئون أن سن القانون يمثل "مرحلة أخرى على طريق تحويل الدولة إلى دولة شريعة، وليس إلى دولة تستند إلى قواعد الديمقراطية"، على حد تعبيرها.
لكن القضاة المتدينين الذين زاد عددهم وتأثيرهم في الجهاز القضائي بعد صعود اليمين للحكم، وتحديدا بعد تولي إياليت شاكيد منصب وزيرة القضاة لم ينتظروا تمرير مشروع القانون، إذ إنهم يجاهرون بالاعتماد على المصادر الدينية ونصوص التوراة وتراث الحاخامات القدماء في إصدار قرارات الحكم في القضايا المختلفة.
وأقر قاضي المحكمة العليا نوعم سولبرغ، وهو مستوطن يقطن في مستوطنة "إيلان شفوت" المقامة على أرض فلسطينية تمت مصادرتها في منطقة "بيت لحم"، بأنه يعتمد على الأحكام والفتاوى التي أصدرها الحاخام موشيه بن ميمون، والذي عاش في كل من مصر والأندلس في القرن الثاني عشر، والذي يطلق عليه اليهود "الرمبام".
وتتسم الكثير من فتاوى الحاخامات القدماء، الذين يحظون باحترام كبير لدى القضاة المتدينين بطابعها العنصري العدائي تجاه غير اليهود، فعلى سبيل المثال، دافع الحاخام بنتتسي غوفشتان، زعيم حركة "لاهفا" المتطرفة عن جرائم إحراق الكنائس في الضفة الغربية والقدس وفلسطين الداخل، التي نفذتها مجموعات "شارة ثمن" الإرهابية، بالقول إن "الرمبام" أفتى بعدم السماح بتمكين المسيحيين من أداء شعائرهم الدينية في أرض إسرائيل، على اعتبار أن "المسيحية ضرب من ضروب الوثنية".
ونظرا لأن القضاة المتدينين واليمينيين باتوا يشكلون أغلبية أعضاء المحكمة العليا، فإنه من المرجح أن يزيد القانون الجديد في حال تم إقراره، من فرص تأثير الموروث الديني اليهودي على قرارات المحكمة المتعلقة بقضايا الصراع، مثل الموقف من الاستيطان وتدمير المنازل الفلسطينية وأنماط التعاطي مع الأسرى في سجون الاحتلال وغيرها.
ويشار إلى أن الوزيرة شاكيد نجحت مؤخرا في إحداث تغيير جوهري على تركيبة المحكمة العليا، بحيث بات أتباع التيار الديني الصهيوني واليمين يمثلون الأغلبية من بين أعضاء المحكمة.