مشروع "إي 2" الاستيطاني لإجهاض الدولة الفلسطينية

15 فبراير 2015
مستوطنة كدوميم بالقرب من نابلس (جعفر أشتيه/فرانس برس)
+ الخط -
في إطار الخطط الصهيونية لاستكمال تهويد الضفة الغربية بهدف حسم مصير الأرض الفلسطينية استباقاً لطرح أي مشروع تسوية للصراع، أعدّت وزارة الإسكان الإسرائيلية خطة لفصل منطقة الخليل التي تقع أقصى جنوب الضفة عن منطقتي بيت لحم والقدس المحتلة، بواسطة كتل استيطانية ضخمة. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن وزير الإسكان أورئيل أرئيل، الرجل الثاني في حزب "البيت اليهودي"، الذي يمثل أقصى اليمين الديني في الائتلاف الحاكم، يستغل الأجواء الانتخابية لدفع المشروع قدماً.

وقالت الإذاعة إن هذا المشروع سيؤدي عملياً إلى ربط التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون"، الذي يقع جنوب القدس ويحيط بمنطقة بيت لحم  بالتجمع الاستيطاني "هار حفرون"، الذي يقع في محيط مدينة الخليل.
ويراهن أرئيل، الذي سبق أن شغل منصب المدير العام لمجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية على توظيف الأجواء الانتخابية في إقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدعم المشروع، على اعتبار أنّ الأخير معني باسترضاء قواعد اليمين الديني في إسرائيل، التي تُبدي حماسة منقطعة النظير لتهويد الضفة، بصفتها "أرض الأجداد".

ويرمي المخطط إلى إسدال الستار على أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل، على اعتبار أن المشروع سيضع حداً للتواصل الإقليمي بين المناطق، التي يفترض أن تقام عليها الدولة الفلسطينية العتيدة. وبحسب الإذاعة، فقد اختار أرئيل أن يطلق على المشروع الجديد "إي 2"، وذلك على شاكلة مشروع "إي 1"، الذي يربط بين مستوطنة "معاليه أدوميم" والقدس المحتلة، والذي سيؤدي إنجازه بشكل نهائي إلى فصل وسط وشمال الضفة الغربية عن المدينة المقدسة.


ولا يهدف مشروع "إي 2" إلى منع إقامة دولة فلسطينية فقط، بل أيضاً لإحداث تغيير كبير على الواقع الجغرافي والديموغرافي من خلال السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية وزيادة عدد المستوطنين ومضاعفة نسبتهم مقارنة بعدد المواطنين الفلسطينيين.

وكان أرئيل قد اتفق مع قادة المستوطنين على إقامة مدينة استيطانية جديدة في محيط بيت لحم، سيطلق عليها "عير جانيم"، أي "مدينة الحدائق". ويُفترض أن تستوعب هذه الكتلة الاستيطانية في أوّل مراحلها عشرة آلاف مستوطن. المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية لن تتوقف، إذ أعلن أرئيل أخيراً أنّ لديه مخططات لإقامة مستوطنات يستغرق تنفيذها 50 عاماً، مجاهراً بأنّه يتحرك بهدف إحباط أيّة فرصة لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

ومما يدلّل على العوائد الإيجابية التي يجنيها المشروع الاستيطاني من أجواء الانتخابات حقيقة أن كلاً من نتنياهو وممثلي الأحزاب المشاركة في ائتلافه الحاكم يتنافسون في اتخاذ قرارات ترمي إلى تعزيز المشروع الصهيوني. وفي هذا الإطار انتقدت افتتاحية صحيفة "هآرتس" في عدد سابق وزير الدفاع موشيه يعلون لأنه عكف، ولدوافع انتخابية، على تخصيص أراض فلسطينية صادرها جيش الاحتلال بحجج أمنية، بغرض استخدامها لإقامة أحياء جديدة في مستوطنات قائمة.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ حرص يعلون على استرضاء المستوطنين من أعضاء حزبه "الليكود" عشية الانتخابات دفعه إلى الإقدام على خطوات بالغة الخطورة. وللدواعي نفسها، أصدر نتنياهو قرارات من أجل تعزيز المشروع الاستيطاني، في أرجاء الضفة الغربية، على الرغم من التنديد الأميركي والأوروبي بهذه القرارات.

فقد أصدر نتنياهو الأسبوع الماضي قراراً بتخصيص عشرات الملايين من الشواكل لتوسيع مستوطنة "بيت إيل"، التي تقع شمال مدينة رام الله، والتي تعدّ من أكبر المستوطنات في الضفة الغربية، علاوة على تخصيصه أموالاً لبناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنات تقع في شمال الضفة الغربية.

وبالنسبة إلى منطقة "غور الأردن"، التي تمثل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية، فإن عمليات البناء تتواصل لتوسيع كل المستوطنات القائمة، إذ إن الاحتفاظ بهذه المنطقة يمثل أحد محاور الإجماع بين كل الأحزاب الإسرائيلية.
وفي السياق نفسه، حرصت حكومة نتنياهو على تخصيص موازنات لدعم جامعة "أرئيل"، الجامعة الوحيدة في المستوطنات، بشكل يتجاوز حجم الجامعة ومستواها العلمي. فقد خصصت وزارة التعليم منحاً دراسية لعدد كبير من الطلاب الذين يدرسون في هذه الجامعة، خصوصاً أولئك الذي يقطنون خارج الضفة الغربية، في محاولة لتشجيع الطلاب على الالتحاق بها.

 في هذه الأثناء، تواصل نخب اليمين الحاكم إعلان رفضها الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967. فقد قال وزير الاقتصاد نفتالي بنات، الذي يرأس حزب "البيت اليهودي" إن الاحتلال لن ينسحب "ولو من سم واحد في الضفة الغربية". ونقل موقع "عروتس شيفع" يوم الثلاثاء قوله إن "هذه دولة اليهود وتعود للشعب اليهودي وحده، ولا يجدر بنا أن نتنازل ولو عن سم واحد من أرضنا للعرب، لأن هذه ستكون خسارة كبيرة".
دلالات