مشروع "إنهاء الاحتلال" مؤجّل: السلطة تتراجع مجدداً

17 ديسمبر 2014
تضارب في تصريحات المسؤولين الفلسطينيين (الأناضول)
+ الخط -
بات من المؤكّد أنّ القيادة الفلسطينيّة لن تلتزم بالموعد الذي سبق وقرّرته لتقديم مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، خلال مدة زمنيّة أقصاها عامان، إلى مجلس الأمن، اليوم الأربعاء، نتيجة المشاورات والاجتماعات المتواصلة التي بدأت منذ الاثنين الماضي، ولن تنتهي قبل نهاية الأسبوع الحالي.

ومرة جديدة، بدت التناقضات في تصريحات القيادة الفلسطينية سيّدة الموقف، في انعكاس لحالة من الارتباك ونقص المعلومات وتضاربها حول الذهاب إلى مجلس الأمن، والذي بات يتصدّر الأجندة الفلسطينية. وحتى مساء أمس الثلاثاء، لم يكن موعد التوجّه إلى مجلس الأمن قد بات واضحاً، ولا صيغة القرار الذي سيقدّم إلى المجلس، على الرغم من المعطيات السابقة التي أوحت بإمكانية تقديم مشروع فلسطيني- فرنسي مشترك إلى مجلس الأمن. وكانت القيادة الفلسطينيّة، وعلى لسان الرئيس محمود عباس، قد شدّدت مساء الأحد الماضي، على ضرورة تقديم مشروع القرار الفلسطيني العربي إلى مجلس الأمن، اليوم الأربعاء. لكنّ المشاورات والاجتماعات المكوكيّة التي جرت في اليومين الأخيرين في العواصم الأوروبية، وجمعت وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، من جهة، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابويس من جهة أخرى، واجتماع عضو اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير صائب عريقات، ورئيس جهاز الاستخبارات ماجد فرج بوزير الخارجية الأميركي جون كيري من جهة ثالثة، أعاد خلط الأوراق، واستدعى تأجيل تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن.

وتفيد المعطيات المطروحة حتى ظهر أمس الثلاثاء، بأنّ "المالكي سيرسل نتائج اجتماعه والعربي مع وزير الخارجية الفرنسي، وما إذا وافقت فرنسا على الملاحظات الجوهريّة التي قدمها الجانب الفلسطيني باسم المجموعة العربيّة على مشروع القرار الفرنسي الأوروبي، ليصار إلى تقديم المشروع الفرنسي العربي، وفي حال رفضت فرنسا، فستبادر القيادة الفلسطينيّة إلى تقديم مشروعها الذي تمّ تجميده، بناء على طلب فرنسي".

وكانت القيادة الفلسطينيةّ تنتظر أيضاً، بحسب ما تقوله مصادر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، ما سيسفر عنه لقاء عريقات وفرج بوزير الخارجية الأميركي، لتناقشه في اجتماع كان من المقرّر أن تعقده اللجنة السياسية مساء أمس الثلاثاء، قبل أن تبادر إلى تأجيله حتى مساء غد الخميس، ليكون اجتماعاً للقيادة بشكل عام". وفي حين يصرّ عضو لجنة مركزيّة "فتح" ومسؤول العلاقات الخارجيّة فيها، نبيل شعث، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على أنّ "موعد تقديم المشروع إلى مجلس الأمن ما زال قائماً، وهو الذهاب (اليوم) الأربعاء"، مؤكّداً أنّه "حتى الآن لم يتغيّر"، لكنّ تصريحات المالكي أمس الثلاثاء جاءت مناقضة، مع تأكيده أنّه "لن يكون ممكناً الذهاب (اليوم) الأربعاء، ويمكن أن نذهب إلى مجلس الأمن (غداً) الخميس، والأهم أننا سنذهب قبل نهاية الشهر الحالي".

في موازاة ذلك، بقي ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور يجزم بأنّ "ما وصله من القيادة، هو تقديم المشروع يوم الأربعاء (اليوم)"، لافتاً إلى أنّه "ستتضح الأمور لديه أكثر بعد اجتماع القيادة مساء أمس الثلاثاء"، قبل أن يُصار إلى تأجيله. ولم يغفل منصور الإشارة، بحسب تصريحات نقلتها الإذاعة الرسميّة الفلسطينيّة، إلى "أنّنا طلبنا اجتماعاً لمجلس السفراء العرب سيعقد الأربعاء (اليوم) في نيويورك، بحيث تُنسّق كافة المواقف انسجاماً مع المصلحة الفلسطينيّة والعربيّة، لتحديد الزمان والنص النهائي الذي سيقدم إلى مجلس الأمن، بشكل مشترك".

ومن الجدير ذكره أنّ أعضاء في القيادة الفلسطينية، طلبوا من القيادة الفلسطينية، وتحديداً من عباس وعريقات، قراءة صيغة مشروع القرار الفلسطيني العربي، لكنهم لم يحصلوا على نسخة منه بسبب ما وصفوه بـ"مماطلة القيادة"، ما يعني أنّه في حال التوافق على أي مشروع قرار آخر، فإن أياً من أعضاء القيادة لن يكون مطلعاً عليه، باستثناء عباس وعريقات والمالكي وفرج بشكل حصري.

ويُعرب شعث في تصريحاته لـ"العربي الجديد"، عن أنّ "الأميركيين لن يقدموا أي شيء له قيمة، وهم ليسوا بوارد أيّ مفاوضات دوليّة، أو وقف للاستيطان"، مضيفاً: "لقد أضاع الأميركيون من عمرنا 20 عاماً، فلماذا ننتظرهم أكثر؟". ويوضح أن كيري لن يقدم أي شيء جدير بالنظر إليه، لأن الإدارة الأميركية غير قادرة على تقديم أي شيء يضغط على إسرائيل، وعاجزة عن تقديم ما يغيّر من طبيعة المفاوضات ومن شكلها، عدا عن أنّ الأميركيين غير مستعدين لأن يحددوا موعداً لإنهاء الاحتلال.

وفي موازاة إشارته إلى أنّه لا يعتقد بأنّ "الحراك الدولي الأخير واعتراف البرلمانات الأوروبية بنا يجعل الإدارة الأميركية تقدم جديداً لم تقدمه من قبل"، يلفت إلى أنّ صيغة القرار الفلسطيني العربي، هي التي ستقدّم حتى الآن إلى مجلس الأمن. موضحاً أنّه "لم يتغيّر شيء من هذا القرار الذي تبنّته جامعة الدول العربية". وفي حين أنّ تقديم مشروع قرار فرنسي عربي معدّل، رهن بموافقة "الفرنسيين والأوروبيين على ملاحظاتنا"، تبدي مصادر تخوّفها من نجاح الإدارة الأميركية في جرّ الفلسطينيين إلى دوامة التأجيل والمماطلة مرة ثانية، فضلاً عن تخوفها من أن تكون الاجتماعات المتتالية التي أجراها كيري مع وزراء خارجية روسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد قادت فعلاً إلى تغيير في موقف هذه الدول، بما يحول دون أخذ الملاحظات الفلسطينية العربية على مشروع القرار الفرنسي الأوروبي وتعديل صيغة القرار على أساسها.
المساهمون