مشروعات ليبية صغيرة ومتوسطة تبحث عن... حكومة

30 مايو 2016
الحرب دمرت جميع القطاعات الاقتصادية(وكالة الأناضول)
+ الخط -
خسر أنس عياد (36 عاماً) مشروعه الصغيرالذي أطلقه في العام 2003، بسبب الاشتباكات والصراعات المسلحة الحاصلة في منطقة السواني التي تقع في جنوب العاصمة الليبية، طرابلس. يروي عياد بحسرة تجربته: "ضاع مشروعي الخاص بإنتاج العسل، بعدما ماتت جميع الخلايا، ولم أتمكن من نقلها إلى مكان آمن".
عياد، خريج معهد عال للهندسة الكهربائية، بدأ مشروعه منذ 13 عاماً، عن طريق شراء خلايا النحل لإنتاج العسل. يقول: "نجحت التجربة، وكانت مكلفة نوعاً ما، حيث اشتريت خلية النحل الواحدة بسعر 150 ديناراً، استطعت إنتاج العسل الربيعي، وعسل السدرة"، مشيراً إلى أن مشروعه الصغير بدأ في تحقيق نجاحات كبيرة، مع نقل خلايا النحل في موسم الصيف إلى المناطق الجبلية.
واستمر مشروعه الصغير في تحقيق مردود مالي جيد، وصل قبل بداية الثورة في فبراير/ شباط 2011 إلى نحو سبعة آلاف دينار، وذلك كنتيجة طبيعية لتطوير المشروع. ويشير عياد إلى أنه كان قد سعى إلى تكوين 100 خلية، في حال توافرت لهُ السيولة المالية عبر قرض حسن من المصارف التجارية.
يؤكد عياد لدى سؤاله عن دعم البرنامج الوطني لتنمية المشروعات الصغرى والمتوسطة في ليبيا، على أن البرنامج الوطني لم يقدم له أي دعم فعلي باستثناء خضوعه إلى دورتين تدريبيتين حول التنظيم الإداري للمشروع في مطلع عام 2009.
أما مريومة مصطفى بوني، والتي تقدمت إلى البرنامج الوطني للمشروعات الصغرى، فتؤكد أنها خضعت إلى بعض الدورات التي يوفرها البرنامج، وذلك بعدما قدمت مشروعها المتعلق بتأسيس حضانة أطفال مجهزة بشكل حديث، بالإضافة إلى إنشاء معارض ومسابقات للأطفال.

تقول بوني لـ "العربي الجديد": "خضعت إلى ثلاث دورات تدريبية قبل العام 2010 بالإضافة إلى حصولي على مكتب صغير"، مشيرة إلى أن تكاليف مشروعها تصل إلى نحو 50 ألف دينار، ولكنها لم تحصل على قرض يساعدها في إطلاقه.
وينتظر أصحاب المبادرات والمشاريع الصغرى في ليبيا تحركاً حكومياً يؤمن الاستقرار والدعم، وذلك بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني أخيراً.
ويؤكد عبد السلام الدويبي، وهو أحد القائمين على المشروعات الصغرى في ليبيا منذ عشر سنوات، أن هذا النوع من المشاريع متجذر في الهيكل الإنتاجي الذي يلجأ إليه المواطن الليبي تاريخياً، مشيراً إلى أنهم قاموا خلال سنوات ماضية باتفاقيات تعاون مع الهند وسنغافورة من أجل المساعدة في دعم المشاريع الصغرى في ليبيا، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات تعاون مع بعض الشركات العالمية، لتفعيل البرنامج الوطني للمشروعات الصغرى والمتوسطة.
ويوضح عبد السلام أن البرنامج يحتاج إلى إعادة استنهاضه، وذلك من خلال تطبيق برامج ومسابقات لتشجيع المشروعات الصغرى، لافتاً إلى أن قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لايزال صغيرا نسبياً في مقارنة مع حجم السوق والقوى العاملة، وينخرط في مجال الخدمات ذات الإنتاجية المتدنية. ويلفت إلى أن البرنامج الوطني التابع لوزارة الاقتصاد في طرابلس يعتبر من أبرز البرامج الداعمة للمشاريع في البلاد، لكنه متوقف عن العمل منذ نحو خمس سنوات. علماً أنه في العام 2013، جرت محاولة لإعادة هيكلة البرنامج، إلا أنها بقيت حبراً على ورق، بالرغم من أن هدف البرنامج الأساس يقوم على خفض اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط من خلال تنويع الاقتصاد وتطوير المشاريع الإنتاجية لتوسيع سوق العمل.
وتشير دراسة صادرة في العام 2009 تحت عنوان: "مقترح للنهوض بالمشروعات الصغرى والمتوسطة في ليبيا"، إلى محدودية القدرات التمويلية للبرنامج الوطني لتنمية المشروعات الصغرى والمتوسطة، كون المصارف تبحث عن الضمانات اللازمة والتي هي بالطبيعة غير متوفرة في المشروعات الصغرى والمتوسطة. وتلفت الدراسة إلى أن البرنامج "يساعد على نمو حقيقي للمشروعات الصغرى والمتوسطة وحل مشكلة التمويل وبالتالي النهوض بهذه المشروعات وإيجاد بدائل حقيقية للتحول نحو الإنتاج وإتاحة فرص العمل وتخفيض مستويات البطالة، من خلال رؤية واضحة تدعمها المصالح المشتركة وليست قائمة على إهدار للموارد العامة والخاصة".
المساهمون