كما احتفلت الكنيسة الأرثوذكسية في أنطاكية، بولاية هاطاي بالأعياد، ونظَّم الزعيم الروحي للكنيسة الأورثوذوكسية في أنطاكيا جان ديلوللر، مراسم القداس في الكنيسة، برفقة الراهب ديميتري دوغوم. وكذا ولاية أدرنة غربي البلاد، احتفلت كنيسة "سفيتي جورجي" وأحيا الراهب أليكسندر تشكيريك فيها قداساً وأشعل المصلون الشموع.
وقال خوري من أنطاكيا، طلب عدم ذكر اسمه، لا تعيق تركيا احتفالات المسيحيين، بل وتضمن حقوقهم الاجتماعية والدينية بحسب الدستور، لكن الاحتفالات، هذا العام، كانت محدودة، نظراً للظروف العامة التي تمر بها البلاد.
وأضاف الخوري لـ"العربي الجديد"، اقتصرت الاحتفالات على قداس كما العادة، وتبادل المصلون المباركة بالأعياد، واختتموا بالدعاء والتمنيات بالخير للخير.
وحول سبب محدودية الاحتفالات، أوضح أن الوضع الأمني العام حدّ من الاحتفالات، واقتصرت على طقوس دينية داخل الكنائس، كما لم تشهد الأماكن العامة في أنطاكيا على الأقل احتفالات.
ولم يزل بتركيا 349 كنيسة، بقيت على قيد البناء حتى اليوم، على الرغم من كل التحولات بما فيها تراجع عدد المسيحيين، من 33 في المائة من عدد السكان مطلع القرن العشرين إلى أقلية لا تزيد عن 300 ألف مسيحي اليوم، وتشهد بعض دور العبادة المسيحية إعادة ترميم بالتزامن مع ما يطرح حول إعادة ممتلكات المسيحيين وفتح مدارس للعبادة.
وقال المحلل التركي، سمير صالحة، "لم تختلف الاحتفالات بأعياد الميلاد كثيراً عن سابقاتها بالأعوام السابقة، لأن الحريات الدينية وحرية العبادة وممارسة الطقوس الدينية بتركيا، مصانة ويحميها وينظمها الدستور التركي منذ عام 1923 ولم تجر تغيرات عليها، على الرغم من التعديلات الكثيرة التي طاولت الدستور.
وبشأن استعادة المسيحيين لممتلكاتهم وفتح مدارس دينية، أضاف صالحة لـ"العربي الجديد"، ثمّة نقاشات دينية سياسية مستمرة، منذ عضوية تركيا بالمجلس الأوروبي عام 1949 حتى اليوم، وإن توسعت بالآونة الأخيرة لتصل للحديث عن إعادة الممتلكات الوقفية وترميم دور العبادة التي نشهدها، منذ أعوام، في العديد من المدن التركية، فضلاً عن البحث في فتح مدرسة "هيبلي" ضمن جزر الأميرات، كمدرسة دينية للإخوة المسيحيين الأرثوذكس.
وواجهت تركيا التغيّر الديموغرافي الذي لحق بالمسيحيين، وتضم آفسس آخر بيت سكنته مريم العذراء، وباتت محجاً للمسحيين حتى اليوم، أو إسطنبول التي شهدت مركز المسيحية الشرقية، أو حتى أنطاكية، التي تحظى بأهمية كبيرة لدى مسيحيي الشرق، كونها أحد الكراسي الرسولية إضافة إلى روما والقسطنطينية والقدس وفيها أطلق على المسيحيين لقب مسيحيين أول مرة.
كما شهد المسيحيون الأتراك عمليات تبادل مع مسلمي اليونان في خمسينيات القرن الماضي، تحوّل المسيحيون على إثرها إلى أقلية بتركيا، كما المسلمين باليونان، لكن دور عبادتهم بقيت، أو معظمها على الأقل، شاهدة على تاريخ يوصف بالطويل والحافل، في الأناضول خاصة، والتي كانت جغرافيا للرسائل ومسقط رأس العديد من القديسين، أمثال بولس الطرسوسي، تيموثي، القديس نقولا وبوليكاربوس.