مسلمو الأرمن في تركيا بين نارين

10 مارس 2014
+ الخط -

يعيش الأرمن المسلمون، الذين استوطنوا تركيا عقب الأحداث التي شهدتها شبه جزيرة الأناضول عام 1915 إبان الحرب العالمية الأولى، معاناة حقيقية بوجهين .
ويشكو مسلمو الأرمن اليوم من التهميش الذي يعيشونه، إذ أنه في الوقت الذي ينبذهم فيه أقاربهم من الأرمن، الذين يدينون بالمسيحية، فإن معاناتهم مع المسلمين الأتراك، الذين يعتبرونهم "مرتدّين" عن الإسلام ويعاملونهم على هذا الأساس، أكبر.
وما يلفت الانتباه أن عدداً كبيراً من الأرمن المسلمين في تركيا لم يعرفوا أنهم من أصول أرمنية إلا منذ وقت قريب، ذلك لأن آباءهم وأجدادهم عاشوا وهو يخفون هويتهم الأصلية خشية التعرض للأذى، غير أن بعضاً من أفراد الجيل الثالث منهم اختار اليوم التخلي عن الإسلام واعتناق المسيحية، ولكن هؤلاء يخفون تحولهم من الإسلام إلى المسيحية، حتى أن بعضهم يصلي الجمعة في المسجد، ويذهب في الوقت نفسه إلى الكنيسة يوم الأحد.
يقول "هادي غوموش"، وهو مواطن أرمني مسلم، إنه علم أن أصله أرمني عندما تم اعتقاله إبان الانقلاب العسكري عام 1980، وفي المعتقل أخبره السجانون بهذه الحقيقة التي تأكد من صدقيتها في وقت لاحق، مضيفاً بقوله: "تركنا عيسى، وسنموت دون أن نعرف محمدا".
وأما "مصطفى"، الذي يستعد ليتحول إلى المسيحية، فيروي أنه علم أن أصله أرمني بفضل جده، الذي تحدث إليه في منامه عندما طلب منه إيجاد "الكتاب الأخضر" الذي عرف بعد ذلك أنه نسخة من الإنجيل مكتوبة باللغة الأرمينية.
وتحكي "رحيمة قاراقاش"، مدرسة اللغة الإنكليزية المتقاعدة، أنها توصلت إلى أن أصلها أرمني من السجلات المدنية بعد وفاة والدها، مشيرة إلى أنهم يتعرضون لضغوط من كل أفراد المجتمع التركي من أتراك وأكراد وأرمن.
ويذكر "عبد الغفور توركاي"، الذي تحول إلى المسيحية واختار لنفسه اسم "أوهانس"، أن منطقة شرق وجنوب شرق الأناضول يعيش فيها الآلاف من الأرمن المسلمين، موضحاً أنهم يعانون كثيراً بسبب اختلاف ثقافتهم ولغتهم.
ويسرد "ف.ب"، وهو أحد الأرمن المسلمين الشبان المقيمين في ولاية "ديار بكر"، أنه يصلى الصلوات الخمس، إلا أنه يذهب أيام الأحد إلى الكنيسة، ملمحاً إلى أن المسلمين في المدينة لا يرغبون في إمامته لصلاتهم لعلمهم بأصله الأرمني،
فيما تقول "خالدة"، التي تنحدر من ولاية "شرناق"، إنها ترتدي الحجاب وتتصرف كسائر البنات من قريناتها المسلمات، مستطردة بقولها: "أعلم بأصلي الأرمني جيداً، لكن يجب عليّ نسيانه كي أستطيع العيش في المجتمع دون مضايقات".

يذكر أن الأحداث التي ارتكبت ضد الأرمن في عهد السلطنة العثمانية (1915-1917) أثناء الحرب العالمية الأولى، والتي قضى خلالها 1,5 مليون أرمني، بحسب الرواية الأرمنية، و300 ألف أرمني وكذلك 300 ألف تركي، بحسب رواية أنقرة.

ويدور الحديث عن تحول الكثير من الأرمن إلى الإسلام هربا من القتل، ويقدر عدد هؤلاء بين 100 ألف و200 ألف شخص، في الوقت الذي تسجل البطرياركية الأرمنية في اسطنبول تحول قرابة الـ 20 شخصا سنويا إلى المسيحية.

 

دلالات