متتبعو الأفلام الأجنبية لن يحتاجوا إلى أكثر من ثوانٍ حتى يكتشفوا أن مسلسل "لو" للمخرج سامر البرقاوي، المزمع عرضه في شهر رمضان مأخوذ عن فيلم "خائنة" للمخرج آدريان لين (2002) وبطولة ريتشارد غير وديان لاين، المأخوذ بدوره عن الفيلم الفرنسي "زوجة خائنة" لكاتبه ومخرجه كلود شابرول (1968) وإن بنهاية مختلفة، بقيت في الفيلم الأميركي مفتوحة.
فبعدما طرحت الشركة المنتجة مقدّمة المسلسل، التي غنّت أغنيتها إليسا، وكتبها ولحّنها مروان خوري، تبيّن من المشاهد القليلة المأخوذة من الحلقات أنّ المخرج اتبّع بشكل دقيق سيناريو الفيلم الأميركي، وإن اختلفت زوايا اللقطات إلا أنها بقيت في الإطار الدرامي نفسه.
في معالجة لين ترتطم الزوجة الجميلة، ربّة المنزل، ذات يوم عاصف برسّام وسيم، تصيب ركبتها، فيعرض عليها تطبيبها في منزله القريب الذي هو مرسمه، وهكذا تدخل عالمه الغريب عن عالمها الأسري التقليدي، وتنقلب حياتها رأساً على عقب. تتعثّر الزوجة بالعشيق مادياً وروحياً، فتقع جريحة ومغرمة في آن. من هنا ربما تأتي المفردة مناسبة: الوقوع في الحبّ والوقوع في الخطيئة. يصل حبّ الزوجة والرسام إلى درجة الشغف والهوس، تقع الخيانة، التي يغفرها الزوجان في النسختين الفرنسية والأميركية وإن بعد صراع وعذابات، ولكننا لا نعرف ما سيكون ردّ فعل الزوج العربي (يلعب دوره عابد فهد).
الخيانة الزوجية موضوع اجتماعي شائك وحسّاس، سبق تناوله في الأعمال الفنية العربية، تحديداً السينمائية، لحساسيته وأبعاده الحسّية. لكنّ معالجة قصّة إيروتيكية (كما يقدّمها الفيلم الأصلي) في مسلسل تلفزيوني، يعتبر أمراً ملفتاً. فالقصّة ترتكز على الشغف الجنسي والعاطفي، وقد أظهر الكليب القصير هذا، إذ تضمّن مشاهد تعتبر ساخنة نسبة للعُرف الدرامي التلفزيوني العربي عموماً، وليس في رمضان فقط، الذي يعتبره المسلمون شهر التعبّد والروحانيات.
حقّق الكليب نسبة مشاهدة جيدة، وصلت خلال أسبوع إلى 684 ألف مشاهدة. فهل يأتي تناول هذه القصّة الصادمة للمجتمع العربي لأجل لفت النظر وجذب المشاهد وسط منافسة تحتدم في هذا الموسم الدرامي السنوي؟
لم تعدم الدراما العربية تناول قصص عاطفية تتخلّلها الخيانة الزوجية، لكنّها كانت تحوّرها لأجل تبرير الخيانة أحياناً، وكسب تعاطف الجمهور مع الزوجة الخائنة أو الزوج الخائن، فحين تناول المخرج المصري عزّ الدين ذوالفقار قصّة تولستوي الشهيرة "آنا كارينينا" في فيلم نهر الحبّ (1960) جعل الزوج بغيضاً حقيراً والزواج حاصلاً بالإكراه، ولم يتح العلاقة الحسيّة بين الزوجة والحبيب سوى بعد انفصالها عن زوجها، ما يتناقض مع الرواية الروسية الأصلية.
هذه المرّة سننتظر كيف عالج البرقاوي والكاتبان بلال شحادات وندين جابر قصّة الفرنسي كلود شابرول، التي أعيد انتاجها في فرنسا وحدها عشرات المرات.
تحفل أغنية مقدّمة المسلسل، التي تعبّر عن روح العمل ورسالته، بعبارات الندم مثل: "لو ما شفتك يومها.. يا ريتك ما جيت.. يا ريتني ما كنت لحظتها... وحدو الشعور بالذنب بيعرف شو بني... لو ما صحيت ولا عرفت النوم..." ومن وحيها يمكننا القول إن المسلسل قد يكون عن "الندم" إلى حدّ كبير، فرغم المعالجات العديدة والمختلفة للقصّة نفسها، بقي الندم خاتمتها في كلّ مرّة.
لقطات من فيلم "خائنة" للمخرج أدريان لين 2002 (أرنالدو ماغنانبي/ليازون) | |