بات المواطن الأردني رهينة للبنوك في ظل تنامي ظاهرة الاقتراض وزيادة اعتماد هؤلاء على القطاع المصرفي في تمويل الاحتياجات اليومية لهم.
وحسب أرقام رسمية فإن مديونية الأفراد ارتفعت من 10.7 مليارات دولار في نهاية 2013 إلى 12.4 مليار دولار في نهاية 2014، بنمو 15.7%
ونبّه خبراء اقتصاديون إلى مخاطر ارتفاع مديونية الأفراد في الأردن بنسبة كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية والتي تعبّر عن تردي الأوضاع المعيشية في البلاد وارتهان المواطنين للبنوك ومؤسسات الإقراض لتلبية احتياجاتهم الأساسية وخاصة الاستهلاكية منها.
وأكد الخبراء في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع مديونية الأردنيين والتي تعود في غالبيتها للبنوك، يعد أيضاً علامة سلبية على الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الأردن وتباطؤ معدلات النمو التي لا تفي بالاحتياجات التنموية ولم تنعكس على تحسين مستويات المعيشة وتخفيض كلفها.
وقال رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال العام الماضي والسنوات التي سبقته، وذلك يعود لأسباب محلية وخارجية، ما أدى إلى تراجع مستويات المعيشة وارتفاع معدل التضخم الذي يقيس المستوى العام للأسعار.
وأضاف إن أسعار الفائدة لدى البنوك ارتفعت أيضاً لتصل لأكثر من 12%، ما ساهم في زيادة حجم وتكلفة القروض الشخصية.
وحسب خبراء اقتصاد أردنيين فإنه يمكن وصف السنوات الخمس الماضية بالعجاف بالنسبة للأردن، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير وخاصة بعد تحرير الحكومة لأسعار المشتقات النفطية، والانعكاسات السلبية للاضطرابات التي تشهدها المنطقة والتي ألقت بظلال سلبية على الاقتصاد الأردني من حيث ازدياد الضغوطات على الموازنة، وانحسار الصادرات إلى كثير من الأسواق، وتبعات اللجوء السوري.
وقال الخبير الاقتصادي منير حمارنة لـ"العربي الجديد"، إن ارتفاع مديونية الأفراد يشير إلى مخاطر نفاد أرصدتهم واحتياطياتهم وبالتالي لجوئهم للاقتراض من البنوك وغيرها، ما يعني أن النشاط الاقتصادي غير قادر على تحسين مستويات المعيشة وأن المواطنين لم يعودوا قادرين على تلبية احتياجاتهم بتمويل ذاتي من أنفسهم.
وأضاف أن الاقتصاد الأردني لم ينمُ سوى بنسبة 2%، مشيراً إلى أن السياسات الاقتصادية الحكومية غير واضحة.
وفي توصيفهم لتردي الأحوال المعيشية والتي كانت السبب الرئيسي في ارتفاع مديونية الأردنيين، قال الخبراء الأردنيين إن كلف الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والإنفاق الاستهلاكي والنقل وغيرها ارتفعت كثيراً في السنوات الأخيرة ولم يعد بمقدور الأفراد التعاطي معها بسهولة وتلبية احتياجاتهم كما كان في السابق.
اقرأ أيضاً: الأردن يسعى لاقتراض 2.1 مليار دولار من صندوق النقد
وأشار الخبراء إلى تآكل الدخول مقابل ارتفاع الأسعار وكلف الإنفاق الاستهلاكي، حيث لم تتم زيادة الرواتب والأجور منذ أكثر من 5 سنوات، ما عمّق معاناة المواطنين، كما أن الاقتصاد لم يوفر فرص العمل الكافية، ما ساهم في زيادة معدلات الفقر والبطالة.
وبلغت نسبة الفقر في الأردن، وفقاً لآخر دراسة حكومية 13.3%، فيما قال وزير العمل نضال قطامين قبل أيام إن نسبة البطالة بلغت 12%.
وقال البنك المركزي الأردني في تقرير أصدره أمس الأول، إن مديونية الأفراد ارتفعت إلى 12.4 مليار دولار في نهاية 2014، مقابل 10.7 مليارات دولار في نهاية 2013 بنمو 15.7%، مقابل نسبة نمو 9.1% في 2013.
وأضاف أن مديونية الأفراد لدى البنوك بما فيها القروض السكنية ارتفعت في 2014 بحوالي 1.55 مليار دولار وبنسبة 15.9%، مقابل 846 مليون دولار وبنسبة 9.2% لعام 2013، حيث تركز الارتفاع في القروض الشخصية والقروض السكنية.
وأشار "المركزي" إلى أن هذا قد يعود إلى قيام البنوك بتخفيف معايير قبول طلبات الائتمان بشكل طفيف بالنسبة لكل من التسهيلات والقطاع العائلي.
أما بالنسبة لمديونية الأفراد لدى المؤسسات المالية غير المصرفية، فقال البنك المركزي إنها ارتفعت من 909 ملايين دولار في نهاية 2013 إلى 1.03 مليار دولار في نهاية 2014، أي بنمو 13.3% في 2014، وكانت معظمها لغايات شراء منازل والتسهيلات الاستهلاكية.
إلى ذلك، قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب يوسف القرنة، لـ"العربي الجديد"، إن دخل المواطن لم يعد يكفي لتلبية احتياجاته الأساسية، ما يضطره للاستدانة من البنوك والمؤسسات المالية التي توفر قروضاً شخصية وخاصة لغايات الإنفاق الاستهلاكي والتعليم، خاصة مع ارتفاع تكاليف المدارس والجامعات.
وقال القرنة إن الخدمات الصحية ارتفعت أسعارها أيضاً خلال السنوات القليلة الماضية ولم تعد حتى المستشفيات والمراكز الصحية قادرة على تلبية احتياجات المواطنين مع وجود نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يضطر الأفراد للذهاب للقطاع الخاص الطبي وشراء الأدوية من الصيدليات بأسعار غير مدعومة.
وتطرق إلى الأعباء الناتجة عن ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات بسبب ارتفاع عدد سكان الأردن بشكل غير طبيعي إلى حوالي 10 ملايين نسمة، إضافة إلى ارتفاع كلف تمويل العقارات والشقق السكنية وشراء السيارات.
وأوضح أن الرواتب والأجور ومنذ عام 2008، لم تتم زيادتها باستثناء الزيادات السنوية التي لا تتجاوز 3 أو 4 دولارات على الأغلب. واستقر الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص عند 268 دولاراً شهرياً.
وقال القرنة: إزاء تلك الأوضاع وسوء معيشة المواطنين، فإن الاقتراض من البنوك ومؤسسات التمويل المحلية هي السمة الغالبة في الأردن حالياً، والأمر في كثير من الأحيان "تلبيس طواقي".
ولم يخفِ القرنة المخاطر الاجتماعية التي تنتج عن ارتفاع مديونية الأفراد والتي تتمثل بارتفاع الجنح والجرائم، كالسرقات وجرائم القتل وقلق المواطنين من الأعباء المالية.
اقرأ أيضاً: 1.4 مليار دولار مساعدات إماراتية للأردن في 40 عاماً