وجاء في مقدمة هؤلاء الذين أبدوا استعدادهم المنافسة على صفقات بيع الأندية الرياضية الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، إذ كشفت مصادر مقربة من رجل الأعمال عن رغبته في شراء نادي الهلال السعودي الذي من المقرر طرحه للبيع ضمن مشروع خصخصة الأندية بالمملكة، وتحويله إلى شركة.
ويعتبر الوليد بن طلال من أكبر الداعمين لنادي الهلال السعودي، وشمل دعمه تقديم هدايا للاعبين، والتي تضمنت مبالغ نقدية وسيارات. كذلك يساهم في تقديم التبرعات للنادي الشهير.
وأعلن الأمير السعودي فيصل بن تركي بالفعل عن استعداده لشراء نادي النصر، وكان الأمير قد تبرع للنادي بنحو 25 مليون ريال سعودي خلال عام لمساعدته في سداد الديون المستحقة عليه والبالغ 40 مليون ريال.
وأكدت خولة الحساوي، سيدة الأعمال الكويتية وعضو شرف نادي النصر السعودي، رغبتها بشراء أسهم في نادي النصر عقب قرار تطبيق خصخصة الأندية السعودية، وإن أشارت إلى حاجتها بعض الوقت للوصول إلى طريقة استثمار تتناسب مع الأنظمة التي سنتها الهيئة العامة للرياضة حول الاستثمار في الأندية السعودية.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد وافق مؤخرا على خصخصة الأندية المشاركة بدوري عبد اللطيف جميل للمحترفين، وأكدت وكالة الأنباء السعودية أن مجلس الوزراء وافق أيضاً على تحويل الأندية الرياضية التي تتقرر خصخصتها إلى شركات بالتزامن مع بيعها، وتتولى الهيئة العامة للرياضة منح هذه الشركات تراخيص وفقا لشروط ستحدد لذلك.
البداية بالأكثر جماهيرية
من جانبه كشف المدير التنفيذي لدوري رابطة المحترفين السعودي، سعد اللذيذ، أنه سيتم تقديم أول دفعة من الأندية السعودية للبيع خلال تسعة أشهر من الآن، وتوقع أن تكون في البداية الأندية الأكثر جماهيرية، وهي الهلال والاتحاد والأهلي والنصر، وسيكون ذلك بعد الكشف عن قوائم الأندية.
وكان مشروع الخصخصة قد انطلق في السعودية في منتصف عام 2000، ولكن بعد 16 عاما لم يتم تخصيص سوى أجزاء بسيطة من الشركات في قطاع الاتصالات، وصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، والمؤسسة العامة لتحلية المياه، ومؤسسة البريد، وأخيراً المطارات السعودية.
وحسب مصادر سعودية "ستكون الخطوة الثانية، تخصيص وبيع الأندية السعودية، وهو أمر يتوقع أن يضخ في الخزينة العامة للدولة أكثر من 30 مليار ريال، سيذهب جزء منها إلى صندوق تطوير الرياضة، وتسديد ديون الأندية ذاتها".
غير أن المهمة لن تكون بالسهولة المتوقعة، فالأندية الرياضية بالمملكة ترزح تحت ديون تقدر بأكثر من مليار ريال (أي ما يزيد عن 260 مليون دولار)، تسببت في حرمان بعضها من تسجيل اللاعبين الجدد، وفشل الاتحاد، ثاني الأندية السعودية تحقيقا للبطولات بعد الهلال، في الحصول على الرخصة الآسيوية التي تؤهله للعب في دوري أبطال آسيا هذا العام، لعدم قدرته على سداد نحو 230 مليون ريال كديون مستحقة عليه، من لاعبين ووكلاء لاعبين وأندية.
كما أن المشكلة التي ستواجه عملية البيع هي أن المقرات التي أنشئت عليها الأندية، والتي تعتبر ملكا للدولة بالغة الضخامة، وتقدر قيمتها بين 700 مليون وأربعة مليارات ريال، حسب موقع كل ناد.
ويعتبر نادي الشباب، الواقع في منطقة مرموقة من العاصمة الرياض، الأغلى بين الأندية، فمساحة كل متر منه، والبالغة نحو 450 ألف متر مربع، تقدر بنحو 12 ألف ريال، وهو ما يعني أن قيمة الأرض فقط أكثر من 3.9 مليارات ريال.
وتبلغ قيمة ناد مثل الأهلي، الواقع في جدة (غرب السعودية)، نحو 3 مليارات ريال. وترتفع في ناد مثل الاتفاق في الدمام (شرق السعودية) إلى أكثر من 1.5 مليار ريال كقيمة أرض فقط، من دون الأخذ في الاعتبار الملاعب والمباني، والصالات الرياضية الضخمة، والتي تقدر قيمتها بأكثر من 800 مليون ريال، أو القيمة الفنية لكل ناد وبطولاته وجماهيريته أو عقوده الإعلانية.
صورة غير واضحة
ويؤكد رئيس نادي الخليج، فوزي الباشا، والذي قدّر قيمة ناديه بنحو 700 مليون ريال، أن الأمور ما تزال غير واضحة، ويقول لـ"العربي الجديد": "كل ما نعرفه أن قرار البيع صدر، ولكن كيف سيطبق القرار.. ما زلنا ننتظر التفاصيل، فقيمة منشآت الأندية كبيرة، ومعظم الأندية المصنفة A تملك ذات المبنى والحجم ولا يقل عن 240 ألف متر، وبعضها زاد من مساحته لنحو 320 ألفا".
وأضاف "بالتأكيد سيكون هناك تسهيلات كبيرة للمستثمرين، منها ألا يكون هناك بيع للأراضي المنشأة، وتحويل النادي للاستثمار ككل، بل يكون هناك تأجير لها، وهذا سيكون أكثر جدوى للشركات والمستثمرين، لأن قيمة الأراضي المنشأة بالمليارات".
وفي الاتجاه ذاته، يقول عضو الاستثمار في نادي الاتفاق، بندر العليو، "ما زلنا ننتظر المزيد من التفاصيل حول طريقة خصخصة الأندية، فلن يتم تقييم الأندية كمبان فقط، بل للبطولات والتاريخ، والجمهور له دور في تقييم الأندية، ولكن في المجمل لن يكون من السهل تقييم كل ناد بدقة، لأن المعايير حتى الآن غير واضحة، ولو سألت أي خبير ومختص فلن يستطيع أن يعطيك رقما متفقا عليه، لأن الأسس والمعايير لم توضع بعد، فما زلنا في البداية، وسيتم تحديد المقاييس والمعايير خلال الأشهر الستة المقبلة، على الأقل".
ويبلغ مجمل الديون العاجلة وغير العاجلة للأندية نحو 1.099 مليار ريال سعودي، ويعتلي الاتحاد القائمة، بعد أن بلغت ديونه أكثر من 299 مليون ريال، فيما بلغت ديون النصر أكثر من 265 مليونا، فيما يدين الأهلي لجهات كثيرة بأكثر من 151 مليونا، والهلال بأكثر من 137 مليونا.
وتدخل من ضمن هذه الديون مستحقات اللاعبين المستقبلية ورواتبهم، والتي تضخمت بشكل كبير في السنوات الماضية، فناد مثل النصر يدفع سنويا نحو 147 مليون ريال كرواتب للاعبين فقط، فيما يدفع الهلال أكثر من 90 مليونا للغرض ذاته، من دون أن تحقق البطولات التي ينافسون عليها، فالنادي عندما يحقق بطولة الدوري، فلن يتجاوز ما يحصل عليه من مكافأة بطولة ونقل تلفزيوني أكثر من 23 مليون ريال.
مبانٍ ضخمة
يتوقع الخبير المالي فهد اليامي أن تراوح قيمة الأندية بين 120 مليونا و400 مليون ريال (32 مليونا و109 ملايين دولار)، من خلال تقييم تاريخ واسم وعلامة كل ناد، ومقدار جماهيريته.
ويقول لـ"العربي الجديد": "ستكون القيمة أكبر في حال تم بيع مقار الأندية الضخمة، ولكن إلى حين صدور اللوائح التفصيلية لبيع الأندية، ستكون الصورة غير واضحة"، ويضيف "ناد مثل الهلال معروف على المستوى الآسيوي سيكون مغريا للمستثمرين أكثر من غيره".
وتكمن مشكلة كبر المبنى أنه يضم عشرات المواقف والملاعب التي قد لا يحتاج لها المستثمر، وهي لا تدّر دخلا، فالألعاب المختلفة التي تستحوذ على أكثر من ثلثي المبني لا تملك أي عقود رعاية، وتكلف الملايين من دون أن يكون حضورها بتذاكر.
ولا يُعتبر السعوديون بعيدين عن الاستثمار في الرياضة، فعدد لا يستهان به من رجال الأعمال يملكون عددا من الأندية الأوروبية الصغيرة، وهم يتسابقون في ذلك، فقد كشف تقرير لموقع (برومت نيوزأونلاين) أن مليارديرات سعوديين، يدرسون شراء أندية رياضية كبرى في بريطانيا، وربطها بدوري خاص للعب مع الأندية السعودية.
ونسب التقرير لمستثمر سعودي قوله، إنه يعلم أن أفراداً سعوديين يضعون نصب أعينهم حالياً إمكان شراء ثلاثة أندية في لندن.