مسافر يطا

18 يونيو 2015
يعيش أهالي المنطقة في الخيم والكهوف
+ الخط -
في كل يوم إثنين وأربعاء من كل أسبوع، تقتحم ما تسمى "الإدارة المدنية" في جيش الاحتلال، إحدى الخرب في مسافر يطا، جنوب مدينة الخليل، وتقوم بتسليم بعض العائلات إخطارات بهدم مساكنهم أو حظائر أغنامهم، وحتى الآبار التي تزودهم المياه، بغرض إجبارهم على الرحيل للسيطرة على نحو 50 ألف دونم من أراضي المنطقة.

ومسافر يطا هي مساحة شاسعة من الأراضي الجبلية، يتخللها بعض السهول تمتد حدودها من الناحية الشرقية إلى البحر الميت، ومن الجنوب تلاصق حدودها مدينة عراد في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948، فيما تبعد غرباً مسافة 20 كيلومتراً عن مدينة يطا جنوب الضفة الغربية.

وتضم المنطقة إحدى عشرة خربة صغيرة بتعداد سكاني يصل إلى 2500 نسمة، ويتراوح ما بين 100ـ 250 شخصاً لكل خربة، يعيشون في كهوف وخيام، ويتجرعون مرارة الحياة بفعل مضايقات الاحتلال الإسرائيلي، واعتداءات مستوطنيه المتكررة عليهم، بغرض ترحيلهم وتهجيرهم عن أرضهم الفلسطينية لتهويدها.

وتحرم سلطات الاحتلال تلك الخرب من كافة مقومات الحياة والاحتياجات الأساسية، من خدمات وبنية تحتية. ويتنقل السكان في ما بينهم عبر طرق وعرة تحفها المخاطر، وتربصات المستوطنين المتطرفين الذين يعتدون على كل شيء، من الممكن أن يكون فلسطينياً في تلك المناطق الرعوية الجبلية.

ويقول راتب الجبور، منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الخليل، لـ "العربي الجديد": "إن منطقة "المسافر" تتعرض بشكل كبير لضغوط كثيرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتضييق عليها من خلال فرض الإغلاقات وتسميتها بالمناطق العسكرية المغلقة، كذلك مهاجمة المستوطنين للسكان وتخريب ممتلكاتهم والاعتداء على أراضيهم الزراعية، وأيضاً المواشي التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في معيشتهم اليومية".

ويضيف الجبور أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمنع سكان الخرب من التواصل مع باقي المدن الفلسطينية، ويعلق يافطات كثيرة على الكثير من مداخلها مكتوب عليها "ممنوع الدخول" و"منطقة عسكرية مغلقة"، كما يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي تحمل اسم (918)، ويستخدمها للمناورات والتدريبات العسكرية التي يستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة في تدريباته، ما يشكل خطراً على تلك التجمعات البدوية التي تعيش هناك، كما تسببت مخلفات تلك التدريبات العسكرية باستشهاد ستة فلسطينيين على الأقل من أهالي تلك الخرب.

وتمنع سلطات الاحتلال أهالي الخرب من بناء مساكن من الحجر، وتجبرهم على العيش تحت ظروف الطقس والحياة القاسية في الخيم والكهوف، حيث تكون الخيمة أو الكهف هي ذاتها غرفة النوم والمطبخ ومخزن أعلاف الأغنام، في مشهد يجسد حياة الصمود والبقاء رغم المعاناة والظروف الصعبة التي يفرضها الاحتلال.

وتحيط بمسافر يطا قرابة إحدى عشرة مستوطنة، يهاجم سكانها الأراضي الزراعية، ويعتدون على المواشي ويدسون لها السم في آبار المياه، فيما يسرقون بعض المحاصيل الزراعية أو يرعونها بأغنامهم، كما يقول خضر العمور، مدير مدرسة التوانة الثانوية، وأحد سكان خربة التوانة لـ "العربي الجديد".

ويشير إلى أن الخربة التي يعيش فيها، والبالغ عدد سكانها قرابة 300 نسمة، تتعرض بشكل دائم إلى اعتداءات المستوطنين حيث يمنعون المزارعين من الوصول إلى محاصيلهم، ويعتدون عليهم ويحاولون قتلهم بغرض ترويعهم، كما يطلقون كلابهم نحو الأغنام، ويقومون أيضاً بمهاجمة الأشجار المزروعة في المنطقة وتقطيعها أو سرقتها.

ويهاجم المستوطنون طلبة مدرسة التوانة الثانوية الوحيدة القادمين من الخرب المجاورة، بحسب العمور الذي أشار إلى أن الطلبة يمرون من داخل إحدى المستوطنات بمرافقة بعض المتضامنين الأجانب وجنود الاحتلال، وإلى أن محاولة الاعتداء عليهم تتكرر وبشكل يومي.
ويختم العمور حديثه مع "العربي الجديد" بالقول "سنبقى صامدين في الأرض، وسنحافظ عليها مهما كلفتنا اعتداءاتهم من ثمن، لن نغادر ولن ننصاع لكافة محاولات تهجيرنا، ستبقى الأرض فلسطينية".

ويطالب أهالي تجمعات "مسافر يطا" السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بضرورة التدخل لفك الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال عليهم، كذلك وقف اعتداءات المستوطنين، والتدخل للسماح لهم من أجل التوسع في السكن والبناء والعيش حياة كريمة كما بقية سكان العالم.

إقرأ أيضاً: نزهة الكرز: فلسطينيو الداخل يدعمون موسم الجولان المحتلّ

المساهمون