غادر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم الخميس، تركيا، متجهاً إلى باكستان، في زيارة تستمر يومين، سيلتقي خلالها رئيس الوزراء الجديد، عمران خان، وغيره من المسؤولين الباكستانيين، ليبحث معهم قضايا ترتبط بالعلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.
وكانت طهران رحّبت بتولي عمران خان رئاسة الوزراء في إسلام أباد، وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في وقت سابق، أن العلاقات بين الطرفين ستشهد مرحلة جديدة. وكان ظريف قد زار إسلام أباد، قبل أشهر، على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى، حيث شارك في الملتقى التجاري الإيراني - الباكستاني.
لكن زيارة ظريف، اليوم، إلى باكستان تختلف عن سابقتها، إذ تصبُّ في إطار جولة وتحركات إقليمية غير معلن عنها إيرانياً، بدأها ظريف في أنقرة التي التقى فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره مولود جاووش أوغلو، بهدف بحث القضايا الثنائية والإقليمية، وعلى رأسها الملف السوري.
وأكد ظريف، في تغريدة على موقع "تويتر"، أن لقاءاته في تركيا "كانت مفيدة للغاية، وبحثت التعاون الثنائي والإقليمي ومواجهة السلوك الأميركي"، مشدداً على أن "العلاقة مع الجيران أولوية لدى إيران في الوقت الراهن".
وصحيح أن زيارة ظريف إلى تركيا تأتي قبيل أسبوع تقريباً من عقد القمة الثلاثية الإيرانية - الروسية - التركية، والتي ستستضيفها طهران بعد قمتي سوتشي وأنقرة، ما يعني أنه بحث خلال الزيارة العناوين الرئيسية التي ستناقشها القمة، فيما تشهد الساحة السورية الكثير من التطورات، لاسيما تلك المرتبطة باحتمال شنّ النظام السوري هجوماً على إدلب، وسط تباين مواقف الأطراف المعنية، إلا أن وزير الخارجية الإيراني اعتبر، في تصريحات صحافية لدى وصوله إلى أنقرة، أن الولايات المتحدة لا تتوانى عن فرض الضغوط للحصول على الامتيازات، حتى إنها لم تعد تستثني حلفاءها، لافتاً إلى نية إيران تطوير علاقاتها مع أطراف في المنطقة لمواجهة الضغط الأميركي الراهن.
وأضاف ظريف أن "الأصدقاء في تركيا، وحتى عدد من الأطراف الشريكة لأميركا في أوروبا، وصلوا إلى نتيجة أن واشنطن غير أهل للثقة"، معتبراً أن هذا السلوك "أثبت أنه من الضروري أن تقوم كل الدول بمراجعة تفكيرها في ما يخصّ مستقبل علاقاتها"، وموضحاً أن إيران "تسعى إلى علاقات مع الجيران، خاصة مع تركيا"، وأن "تطوير الروابط الاقتصادية بين الطرفين سيتحقق في كل الأحوال، وبمعزل عن ضغوطات الآخرين".
وبعد هذه التصريحات، نشرت مواقع إيرانية أجزاءً من حوار خاص أجرته لجنة الإعلام التابعة للحكومة الإيرانية مع ظريف، والمفترض نشر تفاصيله غداً الجمعة، أبدى فيه استعداد طهران للتقارب وترميم العلاقات مع السعودية، مشدداً على أن إيران لا تسعى إلى خلاف وصراع مع الجيران، وأنها لم تغلق الباب في وجه الحوار السياسي مع الرياض.
كما رأى أن المملكة لم تكن تسعى إلى الحل، بل زادت التشنج مع طهران في بعض الأحيان، مشيراً إلى أن السلوك السعودي خلال موسم الحج الأخير كان إيجابياً، لكن الرياض فصلت موضوع الحج في علاقاتها مع إيران عن الملفات الأخرى، وأكد جهوزية بلاده للدخول في حوار إذا ما قررت السعودية "التصرف بعقلانية".
وأكد ظريف أن "إيران لن تقبل سلطة وإملاءات أي طرف، ولا تقوم بذلك مع جيرانها، ولا تسعى للسيطرة على أحد، لكنها تريد بناء منطقة أقوى، ما يمنع حضور القوات الأجنبية فيها". وأشار إلى اتفاق الدول المطلة على بحر قزوين على صيغة مماثلة، فلن تسمح هذه الأطراف بدخول أي دولة أجنبية لتستفيد من تلك المنطقة، بحسب تعبيره.
وقال وزير الخارجية "من المؤسف أن بعض الدول الجارة تلجأ إلى أطراف أجنبية، حتى إن ترامب يرى أن عدداً من الدول الخليجية غير قادرة على الاستمرار من دون أميركا، هذه التصريحات ليست جيدة، لا بحق هؤلاء ولا بحق جيرانهم".
وفي المساعي الإقليمية ذاتها، كان الرئيس حسن روحاني قد أجرى، قبل أيام، اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، أكد له خلاله وقوف بلاده مع الدوحة ضد الحصار المفروض عليها، وأشار إلى ضرورة تعزيز العلاقات. كما ذكرت مصادر إيرانية أن روحاني بعث برسالة للسلطان العماني، قابوس بن سعيد، سلّمها السفير الإيراني في مسقط، محمد رضا نوري شاهرودي. وأفادت المواقع الرسمية بأن الرسالة تتصمن دعوة رسمية للمشاركة في قمة مجمع الحوار الآسيوي، وهي دعوة وجهها الرئيس الإيراني كذلك إلى أمير قطر.