مساعٍ أممية لعقد مؤتمر المصالحة الليبية بالجزائر في أكتوبر

04 سبتمبر 2016
زار كوبلر الجزائر، السبت، لتحريك الملف الليبي(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة إلى تجسيد مقترح عقد مؤتمر موسّع للمصالحة الوطنية في ليبيا يعقد في الجزائر شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، نقلت وسائل إعلام إيطالية، أول من أمس الجمعة، عن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني قوله إن بلاده والولايات المتحدة تسعيان للدخول في وساطة، لتسوية الخلافات المستمرة بين المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وبرلمانيين شرقي البلاد، داعمين للواء المتقاعد خليفة حفتر. ويتزامن الحراك السياسي مع نفي مسؤول عسكري جزائري أن تكون السلطات الجزائرية قررت بناء جدار عازل بين الجزائر، وليبيا وتونس. 

وتجري بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا اتصالات رسمية مع الحكومة الجزائرية، لترتيب عقد مؤتمر ليبي ليبي يجمع كافة الأطياف السياسية والمدنية. ويهدف المؤتمر إلى تحقيق المصالحة الوطنية والتوجه نحو بناء المؤسسات السياسية للدولة الليبية، وتمكين حكومة المجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج من مباشرة مهامها، وبسط سيطرتها على إدارة الشؤون الخدمية والسياسية والاقتصادية، وحل أزمات عدة منها الصحة، والمصارف، والمياه.

في هذا السياق، يقول مصدر دبلوماسي جزائري لـ"العربي الجديد" إن "المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، سيناقش مع كبار المسؤولين الجزائريين فكرة عقد مؤتمر موسع للمصالحة الوطنية بين الأطراف الليبية، خصوصاً أن سلسلة اللقاءات السياسية التي احتضنتها الجزائر قبل فترة بين القوى السياسية الليبية، كانت مؤسسة بشكل كبير لاتفاق الصخيرات الذي انتهى بتشكيل المجلس الرئاسي الحالي". ويضيف المصدر أن الجزائر أبدت، وفقاً للاتصالات الأولية التي جرت بين البعثة الأممية والخارجية الجزائرية، استعدادها للمساهمة بكافة الطرق لتحقيق المصالحة في ليببا، ويليها الأمن والاستقرار. وتعد الجزائر من دول جوار ليبيا، ومعنية أكثر من أي دولة أخرى باستتباب الأمن وتحقيق الاستقرار في ليبيا، وعودة مؤسسات الدولة للعمل، وفقاً للدبلوماسي.

وتدخل الزيارة التي قام بها كوبلر إلى الجزائر، بدءا من أمس السبت، في هذا الشأن، والتي التقى خلالها مساعد وزير الخارجية الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل، وسفراء عدد من الدول المهتمة بالملف الليبي على هامش ندوة مفتوحة لأعضاء السلك الدبلوماسي في الجزائر حول ليبيا. وسبقت زيارة كوبلر أخرى قام بها قبل شهر السراج إلى الجزائر.

وتشير بعض المعلومات لـ"العربي الجديد" إلى أن التفكير بعقد المؤتمر الموسع في الجزائر وليس في تونس، يتعلق بأمن عدد من كوادر النظام السابق الذين يرفضون التوجه إلى تونس. ويعتبر هؤلاء أن أمنهم مهدد فيها بسبب الظروف الداخلية للبلاد، ووجود عدد كبير من قيادات وعناصر المليشيات الليبية في تونس، بخلاف الجزائر التي يعتقد أنها أكثر ضماناً بالنسبة لهم.

وتستند الأمم المتحدة في مساعيها إلى الثقل السياسي والإقليمي للجزائر، ومواقفها المتكافئة مع كافة الأطراف الليبية، وقدرتها على إقناع كوادر من نظام العقيد الراحل معمر القذافي على الانخراط في المسعى السياسي الشامل، والمساهمة بإيجابية في المسار السياسي التوافقي. ويضاف إلى ذلك دعمها الدائم لتشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا، ورفض التدخل الأجنبي والعسكري في ليبيا.





على صعيد متصل، قال جنتيلوني لوكالة "آكي" الإيطالية إن مبادرة لا تزال تفاصيلها طي الكتمان من المرجح أن تطرحها منتصف الشهر الحالي إيطاليا والولايات المتحدة في مدينة نيويورك، إذ سيلتقي ممثلين عن طرفَي النزاع في ليبيا. وأوضح عقب انتهاء اجتماع الاتحاد الأوروبي يوم أمس في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا أن المبادرة تقوم على البدء بإطلاق محادثات بوساطة الدولتين لإيجاد صيغة للتعاون، والتنسيق بين المجلس الرئاسي وقوات حفتر، شرط أن يعترف برلمان طبرق بسلطة المجلس الرئاسي.

بدورها، دعت باريس، في الاجتماع ذاته، المجلس الرئاسي إلى ضرورة التواصل مع البرلمان واللواء حفتر. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إنه "على المجلس الرئاسي إيجاد تسوية للخلافات بينه وبين البرلمان وحفتر، وضرورة أن يسعى لفهم تحفظاتهم إزاء عدم اعترافهم به". وأضاف أنه في الوقت الذي يحيي فيه شجاعة رئيس المجلس فائز السراج، تتطلب منه التحديات التي تواجه بلاده كالتهريب والإرهاب بذل جهود أكبر للتواصل مع الجهات الأخرى شرقي البلاد.

على صعيد آخر، نفى مصدر عسكري جزائري لـ"العربي الجديد" صحة تقارير تتحدث عن بناء الجزائر لجدار على طول الحدود مع ليبيا. ويقول إن "وسائل الإعلام التي نقلت الخبر تحدثت عن بناء الجزائر لجدار عازل مع كل من ليبيا وتونس، وأعتقد أن أي مطلع على جغرافيا المنطقة يدرك أن هذا غير معقول. الحدود بين الجزائر وليبيا 980 كيلومتراً، وبين الجزائر وتونس 400 كيلومتر، وليس بالإمكان مطلقاً بناء جدار على هذا النحو".

ويشير إلى أن "الوضع الاقتصادي والتوازنات المالية للجزائر لا تسمح بذلك، ناهيك عن عدم وجود أية نية سياسية لمثل هذه الجدران". لكنه يلفت إلى أن الجزائر بادرت منذ فترة إلى حفر خنادق بشكل متقطع لمنع مرور المهربين والمجموعات المسلحة بين تونس والجزائر. كما نُقل 35 ألف عسكري لتعزيز المواقع المتقدمة ونقاط المراقبة على الحدود مع تونس وليبيا".

ومنذ اعتداء يناير/كانون الثاني 2013 على منشأة الغاز تيقنتورين بعين أميناس بولاية اليزي جنوبي الجزائر، والقريبة من الحدود مع ليبيا، عززت الجزائر وجود قوات الجيش وأرسلت وحدات عسكرية إلى الحدود لمنع تكرار هذه الحوادث، وتسلل المسلحين ودخول الأسلحة إلى الجزائر.