مساعدة لطالبي اللجوء السعوديين في بريطانيا

22 فبراير 2019
رهف القنون نالت اللجوء في كندا (كول برستون/فرانس برس)
+ الخط -

تقدم مجموعة من الشباب السعوديين المقيمين في بريطانيا، مجموعة من الخدمات والنصائح لطالبي اللجوء السعوديين في البلاد. ويعتبر حساب "اللاجئين السعوديين في بريطانيا" على "تويتر" أول إطار يجمع أنشطتهم.

تواصلت "العربي الجديد" مع أحد مسؤولي المجموعة، الذي يعرّف نفسه باسم العتيبي، ليقدم شرحاً وافياً عن تشكيلها وطبيعة عملها والمستفيدين من خدماتها. يقول العتيبي إنّ المجموعة مؤلفة من متطوعين من اللاجئين السابقين، الذين يساعدون السعوديين الآتين إلى بريطانيا بهدف طلب اللجوء رسمياً. تقدم المجموعة شرحاً مفصلاً حول طريقة تقديم اللجوء، وتوفير المساعدة اللازمة للحصول عليه، بما في ذلك توفير الدعم القانوني والنفسي للمتقدمين.

يؤكد العتيبي أنّ العديد من الآتين الجدد لا يمتلكون خبرة خارج السعودية ومجتمعها، ويجدون صعوبة في التأقلم مع بيئات أكثر انفتاحاً. لكنه يشير أيضاً إلى أن المساعدة تجري من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لا عبر لقاءات شخصية، خوفاً من احتمال تعقبهم من السلطات السعودية. يضيف العتيبي أنّ أغلب الذين يتواصلون مع المجموعة هم من الإناث، من أعمار مختلفة. المشكلة الرئيسة التي تواجه السعوديات هي نظام الوصاية وحاجتهن لتصريح السفر. بحسب نظام الولاية، لا يمكن للأنثى أن تسافر من دون موافقة ولي أمرها (أب أو زوج أو ابن أو أخ) مهما كان عمرها كبيراً أو صغيراً. وفي السنوات الأخيرة، استحدث تطبيق "أبشر" الإلكتروني الذي يعطي لولي أمر الفتاة المجال في منحها تصاريح السفر إلكترونياً من دون الحاجة لمراجعة جهة معينة، كما يشرح العتيبي.

ويتابع العتيبي: "يكمن التحدي للمرأة في ثلاثة أمور: استخراج جواز سفر، وهو يحتاج أيضاً إلى موافقة ولي أمرها، والحصول على تأشيرة بلد اللجوء، والوصول إلى هاتف وليّها حتى تستطيع الدخول إلى النظام وإعطاء تصريح لنفسها، لأنّ رقم هاتفه مربوط بالنظام وأيّ تعديل يحصل في حسابه ترسَل رسائل إلى الهاتف للتأكد من المستخدم. أول وثالث مرحلة هما الأصعب، والصعوبة تكمن في كيفية الوصول إلى الهاتف والتلاعب بالحساب، فكثيرات منهن معنفات وتجري معاملتهن بشكل سيئ، كما أنّ بعضهن قلن لي إنّ الولي لا يعيش معهن، ولذلك فالوصول إلى الهاتف أمر مستحيل، ويمكن أن يتقبلن أيّ زواج حتى يستطعن الوصول إلى هاتف الزوج".




ويشير العتيبي إلى احتمال التعاون بين حكومات السعودية والإمارات والبحرين في هذا الخصوص: "هناك بعض الحالات التي تمكنت من الهرب من السعودية، وكانت رحلاتهم تقف في محطة ترانزيت في دبي، وقبل صعود الطائرة يجري الطلب من الفتاة السعودية تحديداً رقم تواصل مع ولي أمرها للتحقق من موافقته. ومؤخراً كانت هناك فتاة سعودية تمكنت من الهرب من السعودية ووصلت إلى البحرين، ثم انقطع تواصلها معنا ولا نعلم ماذا جرى لها".

لا يقتصر عمل الحكومة السعودية على هذا الحد، بل تسعى أيضاً إلى ردع السعوديين من خلال تصوير معاملة طالبي اللجوء بأنها شديدة السوء، وأنه لا مستقبل لمن يقدمون على هذه الخطوة في بلاد المنفى. يصعّب من الموضوع وجود انطباع لدى السعوديين بأنّ اللجوء يحقّ فقط للفارّين من الحروب، كما هي حال اللاجئين السوريين، وفقاً للعتيبي. ولذلك، تنشر المجموعة عبر موقعها جميع المعلومات اللازمة لتوفير الصورة الحقيقية عن وضع اللاجئين في بريطانيا. يضيف أنه، وعلى الرغم من حجب الموقع في السعودية، فهو يشهد أعداداً كبيرة من الزائرين يومياً للاطلاع على المعلومات التي يقدمها (هناك طرق للالتفاف على الحجب). لكن، بسبب الخوف من تعقب السلطات السعودية لهم، فإنّ أعداداً أقل تسجل معلوماتها فيه.

منذ بدء العمل في المجموعة، تواصل نحو 30 شخصاً معها بهدف تقديم اللجوء في بريطانيا، تمكن نحو 13 منهم من الوصول إلى بريطانيا فعلياً. ويقول العتيبي إنهم لا يقتصرون على منطقة محددة في السعودية، بل يأتون من مختلف أقاليمها، بما فيها القرى النائية. ويضيف: "جميع مشاكلنا جذورها سياسية، فنظام البلاد هو أصل المشكلة الذي أسّس لمشاكل الوضع الاجتماعي والديني والاقتصادي. الفتيات لديهن سبب مشترك، وهو نظام الولاية الذي تطبقه الحكومة السعودية، إذ أعطى سلطة مطلقة للأهل للتحكم بالفتاة في جميع أمور حياتها. كذلك، فإنّ ترك الدين يستوجب القتل بحسب القانون في السعودية. وهناك الخوف من الاعتقال بسبب الآراء التي تمسّ النظام السعودي إما بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى حالات استثنائية لمن لديهم اضطراب في الهوية الجنسية، وهو أمر غير مقبول في السعودية ويستوجب القتل بحكم التشبه بالجنس الآخر".




يروي العتيبي تجربته الشخصية، ويقول إنه أمضى جزءاً من طفولته وسني المراهقة في بريطانيا، التي تختلف طبيعة مجتمعاتها عن المجتمع السعودي. ويقول إنّ مخالفته التقاليد المتزمتة وضعته في مواجهة مستمرة مع البيئة التي يعيش فيها. كذلك، لم يقتصر الخلاف مع البيئة المحلية، بل شمل مواجهة مع الشرطة الدينية خلّفت أثراً سلبياً في رؤيته لدور الدين في السعودية.