09 مايو 2018
مساحة خرقاء
يوجد كثيرون ممن التقطوا صور برفقة الكتب، لكنهم قليلون من قرأوها. هواة الشكليات والصور تعج بهم المساحة الزرقاء (فيسبوك)؛ فالثقافة عند بعضهم ليست غاية في حد ذاتها بل أصبحت لباساً يلبسه ليظهر مثقفاً؛ همه الوحيد أن يقال عنه مثقفا؛ صاحب نظرة ثاقبة؛ قارئ ماجن؛ موسوعي.
بل لم يعد الأمر مقتصراً على الصور بجانب الكتب، بل تعداه لإبراز عضلات الدماغ بمشاركاتٍ محشوة بالمعرفة الزائدة؛ النخبوية. الأجمل من هذا كله أولئك الذين يضعون صور من قبيل: لما عجبو حال.. أو الحساد أو .. والقائمة طويلة. أما الفتيات فحدث ولا حرج، فكم يوجد من اللواتي يضعن "سيلفيات" بعناوين: الجميلة، الصامدة، المقاومة.. وقس على ذلك من مواضعهن المرتبطة بالشكل والزواج الذي ليس حكرا على اللواتي لم يتعلمن كما يعتقد، بل هو جزء من كينونة الأنثى، وإن كانت متعلمة.
كدت أنسى المناضلات اللواتي لا يتوارين عن إبراز شجاعتهن بكثرة الصور التي تثبت واقعهن النضالي ذاك، سواء وهن في معارك نضالية أو بتغريدات معينة. أما الذكور فلا عجب من أن يخصّص العاطلون منهم جانباً كبيراً من حائطهم، للحديث عن "الزطلة" والحب أيضا، فكما قال برنارد شو لأحدهم : "كل واحد يبحث عمّا ينقصه"، أما المتعلّم فلا يدع مجالاً إلا وأبدى تعليقاته فيه.
لدكاترة الجامعات أيضا نصيب في هذا العالم، المتواضعون منهم يجعلون مساحتهم للجميع، بلا زخرفات، أما المتكبرون فحائطهم مليء بالإنجازات، خصوصا من يكتب بلغة غير العربية، وكأنه لا يخاطب سوى الأوروبيين! والآخرون يحنون لماضي "الهبيزم"، وهو ينشر صور زمنه الجميل، فيما واقع حاله يقول: أيا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعله المشيب.
هؤلاء هم رواد زرقة العالم الافتراضي؛ الحمقى، والمجانين. إنّ "فيسبوك" منصت جيد، يجعل الجميع يتكلم وبسواسية. أعطى مساحة للنفس البشرية لتقول ما لديها وتحقق جزءا من مكبوتاتها النفسية، في محاولة لانتزاع الاعتراف، وإبراز الأنا وإثبات الذات في نصف واقع.
بل لم يعد الأمر مقتصراً على الصور بجانب الكتب، بل تعداه لإبراز عضلات الدماغ بمشاركاتٍ محشوة بالمعرفة الزائدة؛ النخبوية. الأجمل من هذا كله أولئك الذين يضعون صور من قبيل: لما عجبو حال.. أو الحساد أو .. والقائمة طويلة. أما الفتيات فحدث ولا حرج، فكم يوجد من اللواتي يضعن "سيلفيات" بعناوين: الجميلة، الصامدة، المقاومة.. وقس على ذلك من مواضعهن المرتبطة بالشكل والزواج الذي ليس حكرا على اللواتي لم يتعلمن كما يعتقد، بل هو جزء من كينونة الأنثى، وإن كانت متعلمة.
كدت أنسى المناضلات اللواتي لا يتوارين عن إبراز شجاعتهن بكثرة الصور التي تثبت واقعهن النضالي ذاك، سواء وهن في معارك نضالية أو بتغريدات معينة. أما الذكور فلا عجب من أن يخصّص العاطلون منهم جانباً كبيراً من حائطهم، للحديث عن "الزطلة" والحب أيضا، فكما قال برنارد شو لأحدهم : "كل واحد يبحث عمّا ينقصه"، أما المتعلّم فلا يدع مجالاً إلا وأبدى تعليقاته فيه.
لدكاترة الجامعات أيضا نصيب في هذا العالم، المتواضعون منهم يجعلون مساحتهم للجميع، بلا زخرفات، أما المتكبرون فحائطهم مليء بالإنجازات، خصوصا من يكتب بلغة غير العربية، وكأنه لا يخاطب سوى الأوروبيين! والآخرون يحنون لماضي "الهبيزم"، وهو ينشر صور زمنه الجميل، فيما واقع حاله يقول: أيا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعله المشيب.
هؤلاء هم رواد زرقة العالم الافتراضي؛ الحمقى، والمجانين. إنّ "فيسبوك" منصت جيد، يجعل الجميع يتكلم وبسواسية. أعطى مساحة للنفس البشرية لتقول ما لديها وتحقق جزءا من مكبوتاتها النفسية، في محاولة لانتزاع الاعتراف، وإبراز الأنا وإثبات الذات في نصف واقع.
حمزة بوحدايد
مقالات أخرى
21 نوفمبر 2017