مزارعو شرق غزة يتشبثون بالأرض رغم المخاطر

30 مارس 2017
المزارعون مستهدفون بشكل مستمر من الاحتلال (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
لا يكترث المزارع الفلسطيني أبو محمد حبيب للتهديدات الإسرائيلية المتواصلة، وإطلاق النار على الحدود الشرقية لمنطقة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيزرع أرضه بأشتال الزيتون وغيرها من المحاصيل، رافعاً شعار "الأرض لنا، سنزرعها ونقلعها". 
المخاطر والصعوبات المحيطة بالمزارع الخمسيني وأقرانه على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة لم تمنعهم من التوجه إلى أرضهم صبيحة كل يوم، لتفقدها والعناية بها، في تأكيد منهم على أحقيتهم بالأرض، وانتمائهم إليها.
وتتعدد أشكال الممارسات الإسرائيلية بحق المزارعين على طول الخطوط الشرقية، إذ تقوم أبراج المراقبة المتمركزة بإطلاق النار بشكل متقطع على المزارعين وإصابتهم بشكل مباشر، إضافة إلى رش المبيدات الكيماوية لضمان عدم تأثير طول النباتات والأشجار على الرؤية والمراقبة والمتابعة.
ويقول أبو محمد لـ"العربي الجديد" إنه يعتمد على الزراعة في توفير لقمة عيش أسرته المكونة من ثمانية أفراد، مضيفاً: "نملك قطعة أرض مساحتها 5 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، لكننا لا نستطيع الوصول إليها لقربها الشديد من أبراج المراقبة، وقطعة أرض أخرى تبعد نحو 800 متر عن تلك الأبراج، نقوم بزراعتها والعناية بها، رغم المخاطر المحدقة بنا".
وعن سبب الزراعة وسط تلك المخاطر، يقول حبيب: "وجودنا على طول الشريط الشرقي لقطاع غزة يعزز من صمودنا، وتأكيدنا على هوية أرضنا الفلسطينية (..) كنا تركنا الأرض ورحلنا منذ زمن لو أننا خفنا، وارتعدنا من التهديدات الإسرائيلية المتواصلة".
ويوضح أن المزارع يتعرض للطلقات الأولى في أي تصعيد إسرائيلي أو حرب أو توغل، كما يتعرض للخسائر المتواصلة، مضيفاً: "تزيد تلك الممارسات من تمسكنا بالأرض، وتمسكنا بمهنة الآباء والأجداد، فقد رويت بالدماء والعرق".
ويلفت حبيب إلى الصعوبات التي يواجهها المزارع ومنها ملوحة المياه، غياب دعم المزارع الفلسطيني، والمنتج الفلسطيني، عبر استيراد منتجات يتم زراعتها محلياً، ما يؤدي إلى عدم استقرار الأسعار في السوق، وإلحاق المزيد من الخسائر بالمزارع، في ظل غياب دعم المؤسسات الزراعية وصرف وزارة الزراعة للأضرار.
أوضاع المزارعين متشابهة من شمال القطاع حتى جنوبه، إذ يوضح المزارع أبو أحمد أبو مغاصيب من منطقة وادي السلقا شرق دير البلح وسط قطاع غزة، ويعيل أسرة مكونة من 7 أفراد، أنه يعمل وشقيقه إياد، في أرضهم ومساحتها 3 دونمات، يتم زراعتها بمحاصيل عدة في موسمي الصيف والشتاء.
ويبين لـ "العربي الجديد" أن المزارع في خطر متواصل نتيجة الممارسات الإسرائيلية المفاجئة وغير المتوقعة، لكنه لا يزال متمسكاً بفأسه وأرضه، ويشارك في كل المناسبات والفعاليات الوطنية التي تؤكد على أحقية الشعب الفلسطيني بالأرض، وعلى ضرورة تمسكه فيها.
ويشير أبو مغاصيب إلى أن المزارع الفلسطيني هو المزارع الأكثر تأثراً بالسياسة وارتهاناً للأوضاع الأمنية، التي تؤثر على عملية الزراعة والحصاد وعلى أسعار المنتج، مضيفاً: "نحن في حالة قلق متواصل، وتحيط بنا الأزمات من كل الجهات، لكننا ما زلنا نزرع، ولا مجال أمامنا سوى الزراعة".
وتؤكد عفاف أبو غالي، مديرة الإغاثة الزراعية في قطاع غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم بشكل دائم لاستغلالها بالشكل الأمثل، ما يجعلها مناطق مقيدة الوصول إليها، ويتسبب بخسائر فادحة.
وتقول أبو غالي، في لقاء مع "العربي الجديد"، إن الصعوبات والمخاطر التي يتعرض لها المزارع الفلسطيني على الحدود الشرقية للقطاع، والتي تتمثل في إطلاق النار، وتذبذب مساحات الوصول، كذلك منع المزارعين من زراعة أشتال تتجاوز الـ 60 أو 70 سنتيمترا، كي لا تحجب الرؤية عن جنود الاحتلال المتمركزين في أبراج المراقبة على طول الخطوط الشرقية.
وتشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع وصول المؤسسات الإغاثية للمزارعين، باستثناء بعض المؤسسات الدولية، ويقيد الوصول إليها، ما يزيد الأعباء الملقاة على عاتق المزارعين، الذين يعانون من جملة أزمات، مبينة ضرورة مساندة المزارع كونه ركنا أساسيا من أركان دعم الاقتصاد الفلسطيني.
وتؤكد أبو غالي أن الخطر الأكبر الذي يتعرض له المزارع، يتمثل في استخدام الاحتلال للمبيدات الكيماوية، التي يرشها عبر طائرات خاصة على طول الحدود الشرقية، وتسبب في حرق المحاصيل، وخسائر كبيرة، لافتة إلى أن المزارع لا يحصل على أي تعويضات نتيجة عدم تفعيل صندوق "درء المخاطر"، ودعت إلى تفعيله من أجل دعم صمود المزارعين على أرضهم.
كان جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، قد قال في تصريحات صحافية في وقت سبق من مارس/ آذار الجاري، إنّ الآثار الكارثية للحصار الإسرائيلي ضد قطاع غزة تتصاعد وتزداد منذ أكثر من عشر سنوات.
وذكر الخضري، أنّ الاحتلال يسيطر ويتحكم بشكل كامل في معابر غزة ويغلقها بشكل تام، باستثناء معبرين يفتحهما جزئياً (كرم أبو سالم وبيت حانون-إيرز)، ويفرض كذلك طوقاً بحرياً شاملاً، ويمنع إقامة ميناء بحري أو ممر مائي عن طريق ميناء وسيط.
المساهمون